الفوائد المنتقاة من كتاب

 

تقوم مجموعة من طلبة العلم في شهر رمضان بجرد كتاب " المعين على تدبر الكتاب المبين" للأستاذ مجد مكي وفقه الله تعالى . 

وقد جمعوا خلال الأسبوعين الماضيين ما يقارب الخمسين فائدة استفادوها من هذا التفسير . وننشر هذه الفوائد في موقعنا تعميما لفائدة 

وقد نقلناه من موقع رواء الروح مع ترتيب وتصحيح. 

https://twitter.com/m_alqran/status/999125810840834048

1- ومرحلة التدبٌّر تأتي بعد الفهم، إذ لا يمكن أن يُطلب منهم تدبر كلام لا يعقلونه، وهذا يدل على أنه لا يوجد في القرآن ما لا يفهم معناه مطلقاً ، وأنّ التدبر يكون فيما يتعلق بالمعنى المعلوم .

[مقدمة المعين على تدبّر الكتاب المبين ب]

2- {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآن}؟!

نعم! إنهم ولا شك ـ وكل أمثالهم منذ أربعة عشر قرنا، سواء كانوا من الكفار الصُّرحاء، أو من المنافقين ـ لا يتدبَّرون القرآن! ولو تدبَّروه بعقول وقلوب مفتوحة، لعلموا أنه من عند الله عزَّ وجل، وأنه لا يمكن أن يكون من عند غير الله سبحانه!

إنَّ بشراً في الأرض كلها لا يتأتَّى له أن يخرج كتاباً كهذا الكتاب المعجز على جميع المستويات، وفي جميع الاتجاهات، والذين يتعرَّضون للتأليف هم أدرى بهذه الحقيقة، كما كان العرب العالمون ؛ بأسرار البلاغة أدرى بحقيقة الإعجاز البلاغي للقرآن .

[مقدمة المعين على تدبّر الكتاب المبين ج]

3- والحكمة في مشروعيَّة التعوُّذ عند إرادة القراءة هي: أنَّ قراءة القرآن الكريم عبادة عظمى، تتطلَّب الإخلاص لله تعالى، وإحضار القلب؛ ليعظم الأجر، وتتحقَّق الفائدة.

وإنَّ من شأن الشيطان أن يوسوس للإنسان إذا دخل في عبادة، ليشغل قلبه عن الحضور، فجاء الأمر الإلهي بالتعوُّذ عند إرادة قراءة القرآن الكريم، ليكون القارىء في عياذٍ منيع، وحِرْز حصين، وبذلك يحضر القلب، وينشرح للتلاوة.

[مقدمة المعين على تدبّر الكتاب المبين ف]

4- سُميت هذه السورة بالفاتحة؛ لأنه بها افتُتح القرآن، وبها تُفتتح كتابة المصاحف وبها تُفتتح الصّلاة وتُسمَّى سورةَ الحمد؛ لافتتاحها بالحمد لله، وأمَّ القرآن، وأمّ الكتاب؛ لاشتمالها على أهـم موضوعات القران، وتسمَّى أيضاً السَّبعَ المثاني؛ لأنَّ بين جملها مطويَّات من المعاني جامعة لكليَّات كبرى للدين، جاء بيانها التفصيلي في سائر سور القرآن، ولها أسماء أُخر. وهي أعظم سورة في القرآن العظيم.

[المعين على تدبّر الكتاب المبين 1]

5 -{ وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ }[ سورة البقرة:14 ].

هؤلاء المنافقون إذا لقوا المؤمنين قالوا : آمنّا كإيمانكم. وإذا خَلَوْا من جماعة المؤمنين، ورجعوا إلى رؤسائهم من اليهود قالوا لهم: إنا على دينكم، ولم نفارقكم بهذا القول، ما نحن إلا ساخرون ومُستَخفّون بمحمدٍ وأصحابه، بما نُظهر لهم من الإسلام؛ لنأمن شرَّهم ونقفَ على سرِّهم.

[المعين على تدبّر الكتاب المبين 3]

6- { فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا وَلَن تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ } [سورة البقرة: 24]

فإنْ لم تأتوا بسورة من مثله فيما مَضَى - بعد أن تتضافروا وتتعاونوا، وتدعوا من استطعتم أن تدعوه -، ولن تأتوا بسورة من مثله فيما يأتي وتبيَّن لكم أنَّ أحداً لا يستطيع معارضة القرآن، فدعوا عنادكم، وصدِّقوا بالحق الذي جاءكم، وبذلك تتَّقون النّار التي حَطَبها الناس المكذبون بالقرآن الكريم، والأصنام المصنوعة من الحجارة التي تعبدونها وتعتقدون نفعَها وشفاعتها، هذه النار هُيِّئت للكافرين بالله ورسله . وفي الآية دليل على أن النار مخلوقة الآن.

[المعين على تدبّر الكتاب المبين 4]

7 {وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون}[سورة البقرة:30 ]

وفي هذه الآية دليل على أن حكمة الله تخفى على أقرب الخلق إليه، كما خَفِيَت حكمة استخلاف آدم في الأرض على الملائكة، حتى اشتاقوا إلى معرفة الحكمة في هذا الاختيار .

[المعين على تدبّر الكتاب المبين 6]

8- {قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُم بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ} [البقرة : 33].

وفي هذه الآية مزيَّة العلم وفضله على العبادة، وأنه شرط في الخلافة في الأرض وعمارتها، بل هو عُمدتها وأساسها.

[المعين على تدبّر الكتاب المبين 6]

9 {فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [البقرة : 37].

وفي هذه الآية دليل على أنّ الإنسان - وإنْ سَمَتْ منزلتُه وعَظمت رتبتُه ـ لا يخلو من هفوة تقع منه، لنسيان يعرض له، أو تأويل يراه، كما وقع الآدم عليه السلام، حيث أكل من الشجرة ناسياً. وفيها دليلٌ على أنَّ وقوع المخالفة من العبد تُجبر بالتوبة إلى الله، فإن آدم حين اعترف وتاب، تاب الله عليه واجتباه وهَدَاه.

[المعين على تدبّر الكتاب المبين 6]

10 {أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [البقرة : 75]

أفتَتَعلّق نفوسكم - أيها المسلمون ـ تعلقاً قوياً أن يُصدّقكم اليهود بما تخبرونهم متبعين لكم؟ وقد كان علماؤهم يسمعون التوراة ويعقلونها، تم يغيرون كلام الله بتبديل ألفاظ بألفاظ أخرى، وبالزيادة أو النقص على النصّ المُنزّل، لتُعطي دلالات توافق ما يريدون، على خلاف المعنى المراد منها في التنزيل الربّانيِّ، وبتأويلها التأويلات الباطلة، والتفسيرات الفاسدة، بحسب أهوائهم وشهواتهم من بعدما علموا صحة كلام الله ومراده فيه، وهم يعلمون فسادَ مخالفته، ويعلمون أنّهم مُبطلون كاذبون.

[المعين على تدبّر الكتاب المبين 11]

11 {فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِندِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا يَكْسِبُونَ} [البقرة : 79]وفي الآية تحذير من التبديل والتغيير والزيادة في الشّرع، فكلُّ من بدّل وغيَّر، أو ابتدع في دين الله ما ليس منه، فهو داخل تحت هذا الوعيد الشديد، والعذاب الأليم.

[المعين على تدبّر الكتاب المبين 12]

12 {وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَل لَّعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَّا يُؤْمِنُونَ} [البقرة : 88]وقال اليهود لنبيّ الله ورسولِهِ محمد صلى الله عليه وسلم : لسنا بحاجة إلى العلوم والمعارف الدينيّة التي عندك ؛ إذ عندنا من العلوم الدينيّة ما ملأ قلوبنا، حتى صارت لا متَّسع فيها لواردات جديدة، وحتى صارت مُغلَّفة كما تُغلّف السِّلع والأمتعة والبضائع ويختم عليها لتسفيرها، فهي غير قابلة لإضافة جديدة إليها، فهي صمّاء عن سماع ما تقول، وليس الأمر كما يقولون بل طَرَدَهُمُ الله وأبْعَدَهم من كل خير؛ بسبب كفرهم وجحودهم نبوّة محمدٍ صلى الله عليه وسلم ، فلم يؤمن منهم إلا قليل.

[المعين على تدبّر الكتاب المبين 13]

13 {وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُم مَّا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ} [البقرة : 89]

وكان اليهود قبل مبعث النبيّ صلى الله عليه وسلم يطلبون من الله النصر على مُشركي العرب بالنبيّ العربيّ المبعوث في آخر الزمان، ويقولون : سنتّبعه ونقاتلكم معه. فلمّا جاءهم محمدّ صلى الله عليه وسلم الذي عَرَفوا صفته معرفة تامَّةً، كفروا برسالته صلى الله عليه وسلم ، وأعرضوا عن دعوته بغياً وحَسَداً؛ لأنه لم يأت من بني إسرائيل، بل جاء من العرب أولاد عمهم إسماعيل.

[المعين على تدبّر الكتاب المبين 14]

14 {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَن يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ} [البقرة : 96]

ولتجدنَّهم - وهم الذين يعترفون بالحساب وفصل القضاء وتنفيذ الجزاء - أحرصَ على الحياة من المشركين الذين لا يرجون بعثًا بعد الموت، ولا يؤمنون بالمعاد.

[المعين على تدبّر الكتاب المبين 15]

15 {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [البقرة : 104]

نُهي المؤمنون عن مخاطبته صلى الله عليه وسلم بهذه اللفظة؛ قطعًا لألسنة اليهود حتى لا يتَّخذوها ذريعةً إلى سبِّه صلى الله عليه وسلم وإيذائه. وهذه الآية أصل في سدِّ الذرائع؛ إذ أن الذرائع أو الوسائل تأخذ حكم ما تؤدِّي إليه.

[المعين على تدبّر الكتاب المبين 16]

16 {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [البقرة : 126]

ولو خصَّ الله المؤمنين بالتوسعة في الرزق، وحرم منها الكافرين، لكان هذا التَّخصيص سائقًا للكافرين إلى الإيمان على وجه يشبه الإلجاء، وقد قَضَتْ حكمته أن يكون الإيمان اختياريًا حتى ينساق الإنسان عن طريق إرادته الحرة.

[المعين على تدبّر الكتاب المبين 19]

17 - {فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوا وَّإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [البقرة : 137]

فإن آمن اليهود والنصارى بنفس ما آمنتم به، فقد اهتدوا إلى الحق؛ إذ اختاروا لأنفسهم الإيمان الصحيح الصّادق، وإنْ أدبروا منصرفين عن الإيمان الذي تدعوهم إليه فما هم إلا في مخالفة لله تعالى ومُعاداة لك وللمؤمنين، فسيكفيك الله ـ يا رسول الله - شرَّ اليهود والنّصارى، وينصرك عليهم، وهو السميعُ لأقوالهم وما يَتَنَاجَوْن به من الإثم، العليم بأحوالهم وبما يُبيِّتونه لكم من كيْد، فلا يتركهم دون أن يكفَّ عنكم بأسهم، ويقطع دابرهم. وقد أوفى الله بعهده، فأظهره عليهم.

[المعين على تدبّر الكتاب المبين 21]

18 { سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُل لِّلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [البقرة : 142]

سيقول ضعاف العقول، الطاعنون في تحويل القبلة إلى الكعبة من مشركي العرب وأحبار اليهود والمنافقين: أيُّ شيءٍ صَرَفهم عن بيت المقدس؟ قل لهم - يا رسول الله -: للهِ المَشْرق والمغرب ومابينهما، وجميع الأمكنة مملوكة له، وهي بالنسبة إليه متساوية، وله أن يخصَّ بعضها بحكم دون بعض، وما على الناس إلا أن يمتثلوا أمره،وهو الذي يهدي من يشاء من عباده إلى طريق مستقيم وشرع قويم، إذ يتَّجه إلى جهة الكعبة وقبلة إبراهيم عليه السلام التي أمره بالتوجه إليها.

[المعين على تدبّر الكتاب المبين 22]

19- {...وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ...} [البقرة : 143]

وما جعلنا - يا رسول الله ـ قبلة "بيت المقدس" التي أمرناك بالتوجّه إليها حيناً من الدهر، ثمّ صرفناك عنها إلى الكعبة بـ"مكة" إلا امتحاناً للمسلمين؛ ليظهر من يُطيع الرسول في أمر القبلة وتحويلها، ممّن يخرج عن الإسلام ويرجع إلى ما كان عليه من الكفر سائراً على مُؤخِّر قدميه إلى الوراء سَيْراً مُضطرباً، بعد أن سار بضع خطوات إلى الأمام في طريق الهداية.

[المعين على تدبّر الكتاب المبين 22]

20- {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ}[البقرة: 143].

وقد أطلق الله سبحانه على الصلاة اسم الإيمان؛ لأن الصلاة مظهر من مظاهر الإيمان بالله، مهما كانت الجهة التي أمر الله بالتوجُّه إليها واتِّخاذها قبلة في الصلاة.

[المعين على تدبّر الكتاب المبين 22]

21- {... وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ } [سورة البقرة:144]

اليهود والنصارى يعلمون أن أمر القبلة وتحويلها هو الحق الثابت من ربهم الذي خلقهم ورباهم.

[المعين على تدبّر الكتاب المبين 22]

22- { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ } [سورة البقرة: 185]

وَقْتُ صيامكم شهرُ رمضان، وسببُ تخصيصه بهذه العبادة العظيمة: نزول القرآن فيه على محمد صلى الله عليه وسلم ، أنزل من اللوح المحفوظ جملةً واحدة إلى بيت العزَّة في السماء الدنيا، ليلة القدر، ثم نزل مُنجَّمًا مُفرَّقًا خلال ثلاث وعشرين سنة حسب الحاجة والوقائع.

[المعين على تدبّر الكتاب المبين 28]

23- {زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [البقرة : 212]

فالكفار مع أنهم مخدوعون بزينة الحياة الدنيا، وساقطون في الغرور، يتصوّرون المؤمنين مُضيّعين لذات حياتهم، ومُتعلّقين بالأوهام وبرؤيا خيالية عن الدار الآخرة، ويستهزؤون من المؤمنين بسبب إعراضهم عن الدنيا وعدم انهماكهم بها. والذين اتقوا ربهم فوق الكفار يوم القيامة لأنهم في عليِّين، والله يوسِّع لمن يشاء من عباده بلا حصر ولا عدّ لما يعطيه.

[المعين على تدبّر الكتاب المبين 33]

24- {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} [البقرة : 215]

سأل الصحابة رضي الله عنهم عن الشيء الذي ينفقونه، فعلَّم الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يجيبهم عن الذين ينبغي أن تُوجَّه لهم النفقة، إشارة إلى أنه كان ينبغي أن يسألوا عن ذلك.

[المعين على تدبّر الكتاب المبين 33]

25- {...وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [البقرة : 228]

وللنساء حقوق على الأزواج من المهر والنفقة وحُسن المعاشرة، مِثل الذي عليهنَّ من طاعة الزوج، وحُسن القيام على شؤون الأسرة بالوجه الذي لا يُنكر في الشرع، وللرجال على النساء منزلةٌ ورفعة، بالقِوامة، وحُسن الصحبة، والعشرة بالمعروف، والتغاضي عن الأخطاء والهفوات، وهذه الدرجة التي جعلها الله، تجعل له حقوقًا، وتجعل عليه واجبات أكثر.

[المعين على تدبّر الكتاب المبين 36]

26-{ قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ} [البقرة : 263]

كلامُ حَسَنَ وردّ جميل على الفقير السائل للعطاء، وسَتْرٌ لفقره، وتجاوزٌ عنه إذا أغلظ وجفا، أو أثقل في السؤال، وألحف في المسألة، وعفوٌ عمّا يفرط منه عند الردّ وعدم الإعطاء، خيرٌ وأفضل من الصدقة التي تدفعها إلى الفقير تمنّ عليه بها او تُعَيِّرَهُ بقول أو تؤذيه بفعل، والله مستغن عن صدقة العباد وطاعاتهم، حليم لا يُعجِّل بالعقوبة على من يمنّ على عباده، ويؤذي بصدقته.

[المعين على تدبّر الكتاب المبين 44]

27- ونداءاتُ الله سبحانه للذين آمنوا بلغت (89) نداءً، وجميعها مدنية، أوائلها ما جاء في هذه السورة في الآية (104)، وآخرها هذه الآية التي نزلت في حجة الوداع -وهي آية الدَّين-.

[المعين على تدبّر الكتاب المبين 48]

28- {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأَنتُمْ شُهَدَاءُ ? وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} [آل عمران : 99]

قل يا رسول الله، وياكل داع إلى الله من أمته لليهود والنصارى: لِمَ تَصرفون عن دين الله مَن: آمن بإلقاء الشُبَه والشكوك، وإنكار صفة محمد صلى الله عليه وسلم ، تطلبون لدين الله زَيْغاً ومَيْلاً عن الحق؟ وتطلبون لأهلها طريقاً معوجَّة، وذلك بالتحريش والإغراء بينهم؛ لتختلف كلمتهم، ويختلّ أمرهم!! والحال أنكم عالمون علم مَنْ يُعاين ويشاهد أنّ نعت محمد صلى الله عليه وسلم وصفَتَه مكتوب في التوراة، وأنّ دين الله الذي لا يُقبل غيره هو الإسلام، وما الله بغافل عما تعملون من الصدّ عن سبيله. وسوف يُجازيكم على ذلك.

[المعين على تدبّر الكتاب المبين 62]

29- {وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَن يَعْتَصِم بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [آل عمران : 101]

دلّت هذه الآية على أن الله عزّ وجلّ أضاء مَشْعَلين لهداية المسلمين، لا ينطفئان إلى يوم القيامة، أما الأول: فهو آيات الله عزّوجلّ، وأما الثاني: فهو وجود الرسول صلى الله عليه وسلم أيام حياته، وسنّته الشريفة بعد مماته.

[المعين على تدبّر الكتاب المبين 63]

30- {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ} [آل عمران : 106]

اذكروا يوم تبيض وجوه المؤمنين من شدَّة الفرح والسّرور، وتسودُّ وجوه الكافرين من شدّة الغمِّ والحزن.

[المعين على تدبّر الكتاب المبين 63]

31- {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ} [آل عمران : 110]

أنتم يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم خير أمة، أُظهرت للناس، وحُمَّلت وظيفة الخروج لتبليغ الناس دين الله لهم، وهذه الخيريّة قد علمها الله فيكم قبل أن يُخرجكم؛ لأنَّ علمه يشمل ما كان، وما هو كائن، وما سيكون، وسبب بقاء تلك الخيرية فيكم إلى أن تقوم الساعة: أنكم ستظلّون تأمرون داخل مجتمعكم الإسلامي بما عُرف في الشرع والعقل حُسْنه، وتنهون عن كلّ ما عُرف بالشرع والعقل قُبْحه، فتحمُون مجتمعكم بهذا من الانحراف الخطير والانهيار إلى الحضيض الذي بلغته الأمم قبلكم، وأنكم ستظلُّون تُصَدِّقون بالله وتخلصون له التوحيد والعبادة مهما اشتدَّت عليكم النكبات من الأمم الأخرى بغيةَ إخراجكم من الإيمان إلى الكفر.

[المعين على تدبّر الكتاب المبين 64]

32- {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ} [آل عمران : 118]

يا أيها الذين صدَّقوا الله، واتَّبعوا رسوله: لا تتّخذوا أخلاء وأصفياء لكم من غير أهل ملَّتكم، تُصافونهم وتُطلعونهم على أسراركم، ويُقدِّمون إليكم نصائحهم ومشوراتهم.

[المعين على تدبّر الكتاب المبين 65]

33- {بَلَى إِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ} [آل عمران : 125]

بلى يكفيكم الإمداد بهم، وإنْ تصبروا على لقاء عدوّكم، وتتّقوا معصية الله ومخالفة نبيه صلى الله عليه وسلم ، ويأت المشركون من ساعتهم غضباً لقتلاهم يوم بدر، يُمدِدكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مع الثلاثة آلاف المُتقدّمة، مُعَلِّمين أنفسهم وخيولهم بعلامات مخصوصة.

[المعين على تدبّر الكتاب المبين 66]

34- {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} [آل عمران : 144]

وما مُحمَّد إلا رسولَ مُرسل من عند الله، قد مَضَتُ من قبله الرُسل، فسيمضي مُحمَّدُ صلى الله عليه وسلم كما مضت الرسل من قبله، فكما أنّ أتباعهم بقوا مُتمسّكين بدينهم بعد مُضيّ أنبيائهم، فعليكم أنتم أن تتمسّكوا بدينه بعد مُضيّه.

[المعين على تدبّر الكتاب المبين 68]

35- {وَلَئِن مُّتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ} [آل عمران : 158]

وجاء تقديم القتال على الموت في الآية السابقة، وتقديم الموت على القتل في هذه الآية، إشعاراً بأنّ من خرج في سبيل الله، فإنَّ له مغفرة من الله ورحمة، سواء قُتِلَ مجاهداً، أو مات بحادث في خروجه، فالأمران متساويان ما دام الخروج في سبيل الله وابتغاء مرضاته .

[المعين على تدبّر الكتاب المبين 71]

36- {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [آل عمران : 173]

وفي الآية: استحباب هذه الكلمة: "حسبنا الله ونعم الوكيل" عند الغمِّ والأمور العظيمة.

[المعين على تدبّر الكتاب المبين 72]

37- قوله عز وجل: {..فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرًا } [سورة النساء: 19]

وهذه الآية: (فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا ) لا تخصُّ الحياة الزوجية وحدها، بل تشير إلى معنى عام، وهو ألا يُبتَّ في الأمور تحت تأثير الكراهة، فإنها عارضٌ وجدانيٌّ قد يزول، وقد يكون في المكروه الخير الكثير .

[المعين على تدبّر الكتاب المبين 80]

38- { وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [سورة النساء:4]

وفي الآية دليلٌ على إباحة هبة المرأة صداقَها، وأنها تملكه، ولا حقَّ للوليِّ فيه.

[المعين على تدبّر الكتاب المبين 77]

39- { وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا } [سورة النساء:8]

وإذا حضر قسمة الميراث القرابة الذين ليس نصيب مفروض لهم من الميراث، أو حضرها من مات آباؤهم وهم صغار، أو مَنْ لا مال لهم، فأعطوهم من المال قبل القسمة، على سبيل الترضية وجَبْر الخاطر، ولا تتبرّموا وتتضايقوا إذا حضر من ليس له في المال نصيب مفروض، ولا تسيئوا إليهم بقول، أو تجرحوا عزَّتهم بكلمة، وقولوا لهم قولاً حسناً، ولا تُتبعوا العطيَّة بالمن والأذى.

[المعين على تدبّر الكتاب المبين 78]

40- {... آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ) } [سورة النساء]

آباؤكم وأبناؤكم الذين ترثونهم لا تعلمون أيُّهم أنفع لكم في الدين والدنيا، فلا يدري أحدكم : هل الأقرب له نفعا أبوه الذي نشّأه من صغره وربَّاه، وأنفق عليه وكفله، أو ابنه الذي يخلفه ويحفظ اسمه، ويقوم بواجبه في كبره، والذي يعلم الأقرب نفعاً هو الله، وهو الذي قسم الإرث بناءً على علمه، فلا ينبغي لمن لا يعلم أن يعترض على من يعلم، ولو وكل الأمر إليكم لأعطيتم مَنْ لايستحق ما لايستحق من الميراث، وتمنعون من يستحق الميراث.

[المعين على تدبّر الكتاب المبين 78]

41- { وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [سورة النساء:18]

وفي هذه الآية: بيان الوقت الذي تُقبل فيه التوبة، وهو ما لم يصل الإنسان إلى الغَرغرة ومُشَاهَدة مَلَك الموت، ومقدِّمات وسائل العذاب، فإذا وصل إلى ذلك، لم تقبل له توبة، ولا يصح منه إيمان.

[المعين على تدبّر الكتاب المبين 80]

42- {...فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا } [سورة النساء:19]

فكم من امرأة لم تأت على مزاج الرجل وذوقه، وليس فيها سوء خلق، أو ضعف دين، أو قلة أمانة، فصَبَر عليها زوجها، وعاشرها بالمعروف، وتغاضى عن الجوانب التي لا تميل إليها نفسه فيها، فجعل الله منها خيراً كثيراً، فكانت مُعينةً له، وحافظةً له ولماله ولولده، وأنجبت له ذرّية صالحة يسعد بها.

[المعين على تدبّر الكتاب المبين 80]

43- { وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} [سورة النساء:32]

ولا تتمنوا ما فضّل الله به بعضكم على بعض، في قسمه الميراث، للرجال نصيب مقدَّر في تشريع المواريث تابع لطبيعة أعمالهم التي يكتسبونها بحسب مسؤولياتهم، وللنساء نصيب مقدَّر في تشريع المواريث تابع أيضاً لطبيعة أعمالهنّ التي يكتسبنها بحسب مسؤولياتهن، فالتفضيل في أنصبة المواريث بين الذكور والإناث تابع للتفضيل في أصل الخصائص التكوينية، وفي طبيعة نظام الحياة الاجتماعيّة، فتمنّي النساء ما فضّل الله به الرجال عليهن في الميراث هو من قبيل تمنِّي الأشياء التي لا يمكن اكتسابها بالسعي والعمل، وهو من الحسد المنهي عنه.

[المعين على تدبّر الكتاب المبين 83]

44- قوله عز وجل: { وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ }.

أحسنوا إلى الرَّفيق في أمر حَسَن؛ كتعلُّم وتجارةٍ وصناعة وسفر، يصحبك في ذلك، ويكون في جَنْبك وجوارك بصفة دائمة أو مؤقَّتة، ويدخل في ذلك المرأة مع زوجها، والزوج مع امرأته.

[المعين على تدبّر الكتاب المبين 84]

45- {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا } [سورة النساء:45]

وفي هذه الآية تطمين لقلوب المؤمنين تجاه أعداء لم يظهروا بعدُ على ساحة المواجهة، بأن الله سينصرهم عليهم.

[المعين على تدبّر الكتاب المبين 86]

46- { فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا } [سورة النساء: 62]

فكيف تكون حال هؤلاء المنافقين، إذا أصابتهم مصيبةٌ يعجزون عنها، تُصيبهم بسبب التحاكم إلى غير شرع الله، ورضاهم بحكم الطاغوت؟ إنهم سيصابون بالهَلَع والخوف الشديد.

[المعين على تدبّر الكتاب المبين 88]

47- { فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا } [سورة النساء:88]

أي شيء حصل لكم - يا معشر المؤمنين ـ في شأن المنافقين الذين تخلَّفوا عن الهجرة، وظاهروا المشركين بمكة سرًّا، وصرتم في أمرهم فرقتين : فرقة منخدعة بظواهرهم، تُحسنُ الظنّ بهم، وتذبَّ عنهم، وفرقة عارفة بصيرة، تباينهم وتعاديهم، وتحكم عليهم بالردّة والخروج من صفوف أهل الإيمان بعد الذي ظهر منهم من علائم الكفر ودلائله؟ والله سبحانه نكسهم وأذلَّهم في كفرهم وارتدادهم، وردَّهم إلى أحكام الكفار؛ بسبب ما اكتسبوا من أعمالهم الخبيثة.

[المعين على تدبّر الكتاب المبين 92]

48- {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا } [سورة النساء:105]

وفي هذه الآية نهيٌ لكل مؤمن أن يُدافع عن الخائنين، سواء أكان قاضياً، أو شفيعاً، أو وكيلاً، أو محامياً، أو شاهداً، فالدفاع عن الخائن معصية من الكبائر؛ لأنها تُساعد على إبطال الحق، وإحقاق الباطل، وأنه يجب على القاضي ألا يتأثر بعاطفة ما، فينحازَ إلى أحد الخصمَين، ويجادل عنه ظاناً أنه صاحب حق، وألا يتسرَّع في حكمه أو إبداء رأيه في إدانة أو تبرئة أحد الخَصْمَين قبل استكمال أصول وقواعد الحكم بين الناس بالحقّ والعدل .

[المعين على تدبّر الكتاب المبين 95]

49- { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا } [سورة النساء: 135]

فلا تُحابوا غنياً لغناه، ولا ترحموا فقيراً لفقره، إن يكن المشهود عليه غنيًا أو فقيراً، فالله أولى بهما منكم، فكِلُوا أمرهم إلى الله تعالى، فهو أعلم بهم وبحالهم، فلا تتَّبعوا هوى أنفسكم مُتجاوزين ما يجب عليكم من العدل، زاعمين أنكم تفعلون خيراً.

[المعين على تدبّر الكتاب المبين 100]

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين