إلى ولدي الجامعي - نصائح من أب إلى ولده في مرحلة الدراسة الجامعية

إلى ولدي الجامعي

قال تعالى في محكم كتابه الكريم: (يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) (لقمان:17).
وقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله به طريقاً إلى الجنة).
*ولدي الحبيب... هاأنذا اقر عيناً بك وأنت على عتبة الجامعة، تخطو خطواتك الأولى نحو مستقبلك الزاهر، يحدوني الأمل بان أراك حاملاً لشهادة التخرج بتقدير عال لتحمل عني بعضاً من مسؤولياتي اتجاه عائلتنا الكبيرة، فلا تخيب ظني الحسن بك يا ولدي وضع نصب عينيك الحكمة التي تقول:
من لم يذق مر التعلم ساعة     تجرع ذل الجهل طول حياته
ومن فاته التعليم وقت شبابه     فكبر عليه أربعا لوفاته
*ولدي الحبيب… أستاذك في الجامعة بمثابة أب ثان لك فإياك أن تحرجه أو تسخر منه أو تقلل من شأنه واحرص على احترامه وتوقيره، والانتفاع بعلمه وخبرته في الحياة ولا تكثر جداله أو تفخر بخصامه واعلم بأنك إن فعلت ذلك فأنت ستكون الخاسر الوحيد، ولله در القائل:
أخي لن تنال البر إلا بستة     سأنيبك عن تفصيلها ببيان
ذكاء وحرص واجتهاد وبلغة     وصحبة أستاذ وطول زمان
*ولدي الحبيب... الصاحب ساحب، فلا تصاحب إلا مؤمناً ولا يأكل طعامك إلا تقي هكذا علمنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) واحذر رفاق السوء، لا تصاحبهم ولا تجالسهم فهؤلاء وأمثالهم لا هم لهم سوى اللهاث خلف كل ناعق والجري المحموم وراء النزوات والشهوات البهيمية.
*ولدي الحبيب... اعلم بأن المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل، هذه هي وصية المصطفى (صلى الله عليه وسلم) إلى المسلمين جميعاً، واعلم بان صحبة الأشرار تورث سوء الظن بالأخيار، وان من يصحب صاحب السوء لا يسلم ومن يدخل مدخل سوء يتهم ومن لا يمسك لسانه يندم:
صاحب أخا ثقة تحظى بصحبته     فالطبع مكتسب من كل مصحوب
كالريح آخذة مما تمر بـــــــــــه     نتناً من النتن أو طيباً من الطيب
*ولدي الحبيب... زميلاتك في الجامعة بمثابة أخوات لك فإياك أن تهتك لهن عرضاً أو تنتهك لهن حرمة، وإياك أن تغرر بهن أو تؤملهن بوعود كاذبة تقطعها على نفسك وليس في نيتك الوفاء بها، وتذكر بان شقيقاتك في البيت هن طالبات جامعيات أيضا وأنت لا ترضى قطعاً أن يمسهن احد بسوء أو يغرر بهن وكذلك الناس، واعلم بأن البر لا يبلى والذنب لا ينسى والدّيان لا يموت افعل ما شئت كما تدين تدان.
*ولدي الحبيب... صلاتك نجاتك فحافظ عليها، وصيام رمضان جنتك فلا تفرط فيه، وذكر الله حياة والاستغفار نجاة فواظب على الذكر والدعاء والاستغفار وتلاوة القرآن الكريم يا ولدي، وتحلَّ بحسن الخلق، وإياك وسوء الخلق واحذر القيل والقال وكثرة السؤال وإضاعة المال.
قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (إن من خياركم أحسنكم أخلاقا).
*ولدي الحبيب... نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ، هكذا علمنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فإياك أن تضيع وقتك فيما لا نفع فيه البتة واغتنم شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وغناك قبل فقرك، وحياتك قبل موتك، ولا تضع وقتك في المراء والجدال والخصام مع زملائك وأساتذتك وتفرغ بدلاً من ذلك لدراستك وواجباتك.
*ولدي الحبيب... إياك ومعاقرة الخمور فان الله (تعالى) قد لعن الخمرة وشاربها وبائعها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه. وإياك أن تجالس من يشربها أو تصاحبه، واحذر المخدرات وحبوب الهلوسة فإنها هلاك وإثم وعار.
*ولدي الحبيب... غض بصرك عن الحرام، وامسك لسانك عن الكذب والخداع والفحش والبذاءة وقول الزور وامسكه عن الغيبة والنميمة وعن قذف المحصنات المؤمنات الغافلات فإنها كبيرة من اكبر الكبائر، وحب لزملائك ما تحبه لنفسك واكره لهم من الشر ما تكرهه لنفسك.
*ولدي الحبيب... أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وإياك واعتناق الأفكار الهدامة والمبادئ الضالة كالعلمانية  وما لف لفها فكلها أوجه متعددة للماسونية العالمية التي تسعى إلى هدم الدين والأخلاق ونشر الرذيلة والفسوق لأغراض معروفة ومشبوهة.
*ولدي الحبيب... إياك والفسوق والفجور والمجون فهذا الثالوث المهلك لا يليق بذي مروءة ولا بذي عقل أو دين -وصن نفسك عن الحرام وتجنب الاختلاط المذموم واصبر نفسك مع الصادقين الصالحين وكن عفيفاً طاهراً فما هي إلا سنوات قلائل تمر مر السحاب تبحث لك بعدها عن عروس ذات دين صالحة تكون شريكة لحياتك، إذا نظرت إليها سرتك، وإذا غبت عنها حفظتك في دينها ومالها وعرضها.
*ولدي الحبيب... اجتهد وطالع واقرأ ولا تكتف بالمنهج الدراسي المقرر عليك في الجامعة بل طالع كل ما من شأنه أن ينمي مواهبك ومداركك وكن موسوعياً في ثقافتك لتحظى برضى الله (تعالى) ولا تتعلم العلم لتماري به السفهاء أو لتباهي به العلماء أو لتتصدر به المجالس.
*ولدي الحبيب... رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أوصانا بقوله: (من حمل علينا السلاح فليس منا ومن غشنا فليس منا) فلا تغش يا ولدي ولا تخدع ولا تغدر ولا تظلم هذه وصيتي إليك.
والله الموفق

        إن لله عبــــاداً فطنـــــاً           طلقوا الدنيا وخافوا الفتنا
        نظروا فيها فلما علموا         أنها ليست لحي وطنــــــــا
       جعلوها لجة واتخذوا          صالح الأعمال فيها سفنـا

من موقع الحزب الإسلامي العراقي بتصرف

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين