السياسة مع الضعف

 

إن العمل السياسي في زمن الضعف تحدّ للسياسي النظيف حيث يعطيه أطهر ما في قلبه وعقله وروحه وخلقه ليعطيه أسوأ ما فيه من ابتزاز وتلويث سمعة واذى مادي ونفسي.

إنه العمل السياسي في زمن الضعف وتحكّم القوي لا في زمن المناورة بين الأنداد أو التمكن والاستقلال في القرار والممارسة والمواقف.

للعمل السياسي في زمن الضعف تحديات جمة:

تحدي الاضطهاد من الخصم القوي.

وتحدي النفس الأمارة بالسوء. 

وتحدي الوساوس لتأمين النفس من غدرات الزمان.

وتحدي التوسع في الضرورات التي يقتضيها الحال لتصبح الأصل.

وتحدي الجمهور الذي ينظر إليه أنه ضعيف الإنجاز .

وتحدي الإغراء في المال والنفوذ والسيطرة.

وتحدي التبعية في القرار والمواقف.

إن العمل السياسي في زمن الضعف يستحق صاحبه الإشفاق أو الغبطة:

يستحق الإشفاق لأنه إما يعاني من استبداد القوي فهو يكافح رغم ضعفه..

أو يعاني من شهوة المنصب وضعف السيطرة على النفس الامارة فيقع في آثام السلطة وإغراءتها ...

ويستحق الغبطة لأنه رائد أمته في زمن الضعف والقلة يكافح وينافح عن مصالح أهله. 

فالعمل السياسي يقرب صاحبه من أحد مرتبتين :

إما مرتبة الشياطين والعاصين

أو مرتبة الاولياء والصدّيقين

وله ان يختار....

لأنه عامل في مجال المصائر لملايين من الناس في أديانهم وأرواحهم وأموالهم وأمنهم يعلو أو يهبط بهم وكل تصرفاته عامة الأثر عظيمة النفع أو عظيمة الضرر..

حكى الله لنا في القرآن عن أزمنة الاستضعاف ورجاله 

موسى وهارون مع فرعون وبني إسرائيل

وابراهيم مع النمرود ونوح وهود وصالح مع اقوامهم 

ويوسف قبل التمكين ومحمد مع الدنيا كلها صلى الله عليهم اجمعين

وقد كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء

ففي أخبارهم للسياسي والداعية عبرة وعظة إذا تدبرها.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين