الحلقة الخامسة والأخيرة من الحوار مع الشيخ محمود طباخ -
في هذه الحلقة الخامسة والأخيرة نتابع الحوار مع الشيخ محمود بن فؤاد طباخ يحدثنا فيه عن متابعة دراسته وبعض المواقف خلال تدريسه ويقدم خلاصة تجاربه الدعوية لتكون معالم على طريق الدعوة إلى الله .

س هل مارستم التعليم في هذه الفترة ؟
لقد أكرمني الله بمتابعة دراساتي العليا أثناء إقامتي في السعودية ، فحصلت على درجة الماجستير في اللغة العربية عام 1983 م – 1403 هـ ، كما حصلت على درجة الدكتوراه في الدعوة الإسلامية من جامعة القرآن الكريم والعلوم الإسلامية في أم درمان بالسودان .
وفي أثناء تلك الإقامة وبعد حصولي على الماجستير دخلت مدرساً إلى كلية التربية في المدينة المنورة ( قسم اللغة العربية والدراسات الإسلامية ) وكانت تابعة لجامعة الملك عبد العزيز في جدة ثم ضمت إلى جامعة طيبة في المدينة المنورة ، حيث كان يسند إلي تدريس اللغة العربية أو الدراسات الإسلامية حسب حاجة القسم ، نظراً لتخصصي المزدوج ، واستمر ذلك اثنا عشر عاماً ولله الحمد .
س هل تودون أن تذكروا لنا بعض المواقف خلال تدريسكم في الجامعة ؟
نعم ، لم يكن تدريسي بالجامعة أقل أداء أو تأثيراً في أبنائنا الطلبة أو الطالبات ، وأذكر على سبيل المثال يوم قلت لرئيس القسم حين لمحت طالبين يمران أمام مكتبه : حبذا لو تنظروا في أمر هذين الطالبين ؟ فقال : إن مشكلتهما مع الدكتور فلان ، فقلت متعجباً : وهل تحصل مشكلات عندكم بين بعض الطلبة والمدرسين ؟ فقال : نعم كثير ، فقلت : ولِمَ لَمْ تخبروني طيلة هذه الفترة عن مشكلات متعلقة بي ؟ فقال : ( أنت يا دكتور ممن وضع الله له القبول في الأرض ) وما قال ما قال إلا بناء على ما كان يصله عن طريق طلابي الذين أدرسهم ، ولله الحمد .
وكمثال على العلاقة الحميمة والاحترام المتبادل والأثر الذي يتركه المدرس المتميز في نفوس طلابه حتى بعد تخرجهم أذكر موقفاً لأحد الطلاب المتخرجين وكنت في سيارتي قد وصلت إلى دوار فتوقفت لأن الأفضلية لمن بداخل الدوار وإذا بهذا الطالب وهو داخل الدوار يوقف سيارته ويناديني : تفضل يا دكتور ، وراح من خلفه يطلقون أبواق سياراتهم تضجراً من فعله فقال : تفضل يا دكتور والله لا يمر أحد قبلك ، فاضطررت إلى الدخول في الدوار منعاً لتعطيل السير ، وكان موقفاً مؤثراً .
وموقف آخر يتعلق بالطالبات حيث أسند لي تدريس الطالبات في تخصص الحاسب الآلي مادة اللغة العربية المقررة عليهن ، وذلك عن طريق الدارة التلفزيونية المغلقة ، ففوجئت في المحاضرة الثانية بأعداد كبيرة فلما سألت عن السبب علمت أن طالبات تخصص الطب قد اندمجن مع طالبات تخصص الحاسب ، فأردت أن أعرف سبب الدمج فكان الأمر أن طالبات الطب رغبن في أن يكن من نصيبي لتدريسهن ، ولما كان الجمع يفوت الفائدة المرجوة كان الحل أن تبقى طالبات الطب من نصيبي ، وتنقل طالبات الحاسب لغيري ، لكن هذا الأمر لم يرق لكثير من طالبات الحاسب حيث توسطن لقبولهن عندي فأحرجت بعودة عدد غير قليل منهن ، وكمثال على تلك الإحراجات فقد استقبلني أحد الدكاترة الأصدقاء بعد خروجي من المحاضرة الثانية وقال مادحاً وشاكراً : لقد كنت أستمع محاضرتك لأن ابنتي ذكرَتْك بكل خير في كلام لم أكد أصدقه ، فأحببت أن أتأكد بنفسي فوجدت الأمر كما ذكرَتْ بل وأكثر ، وأنا أهنئك وأرجوك أن تقبل بنتي عندك مع فلانة وفلانة ، والله يعلم كم كان ذلك يكلفنا ، لكن ماذا نصنع في مثل هذه المواقف ؟ إلا أن النظام لم يعد يسمح مطلقاً بهذا الانتقال بعد . وذلك كله بفضل الله عز وجل وتوفيقه .
س : نظراً لخبرتكم الطويلة في التعليم وسعة تجاربكم وتميزكم فيه ، فنود أن تحدثونا عن سبب هذا التميز في نظركم .
نعم لقد أمضيت في مراحل التعليم المختلفة في مستوياتها وبيئاتها أكثر من أربعين عاماً أعتبرها ذخراً لي أعتز به يوم أفد على ربي سبحانه { يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم }
لذا فإني أود أن أهمس في أذن كل من تصدى للتعليم والتوجيه همسة من أخ ناصح أو والد غيور شفوق فأقول :
1) إن التعليم هواية محببة وليس بحال مهنة قد تثقل على صاحبها فيؤديها كوظيفة لكسب الرزق فحسب حتى ولو كان متأففاً أو متذمراً ، فمن لم يجد في نفسه هذه الهواية فأولى له أن يبحث عن وسيلة للرزق في غير هذا الميدان حتى يريح ويستريح .
إذا لم تستطع شيئاً فدعه وجاوزه إلى ما تستطيع
2) إن المعلم هو العمود الفقري في العملية التعليمية ، والعناية به من أهم أسباب العناية بالتعليم وتطوره ، ولا بد هنا من التذكير بما ذهبت إليه اليابان حين خرجت من حربها مهزومة مقهورة حيث وجدت طريق نهضتها بإعطاء المعلم مكانة وزير وراتب وزير وحصانة وزير فكان لها ما أرادت من التقدم والتفوق .
3) ومع هذا وذاك فإنه يمكن أن أختصر بعض الإرشادات التعليمية دون التعرض لأنواع الطلبة البصري والسمعي والحسي وما إلى ذلك فأقول : إن تلك التوجيهات تعتمد على أربعة محاور :
أ) محور يتعلق بالمعلم وهو الأساس .
ب) محور يتعلق بالمتعلم .
ج) محور يتعلق بالمنهج المقرر .
د) محور يتعلق بتأمين البيئة التعليمية والمناخ المناسب للتلقي الراقي .
لكن لا بد أن تكون تلك المحاور متداخلة ومتعاضدة ، مع أن المحور الأساس هو المعلم كما ذكرت ، بمعنى أنه يستطيع بقدراته النادرة ومواهبه المتدفقة أن يصنع الأعاجيب ويتغلب على الصعاب الناجمة عن غياب المحاور الأخرى .
لذا فإني سوف أقصر حديثي على المعلم وأتناول أهم قضاياه وأترك الحديث عن المحاور الأخرى لتنظر في مظانها .
4) لا بد من الإخلاص وابتغاء وجه الله في كل عمل وبخاصة للمعلم { وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين }
5) لا بد من تمكن المعلم في مادته التي يدرسها لأن فاقد الشيء لا يعطيه ، فهو بتمكنه يشد الأبصار ويبهر الأنظار ، أما حين نجد معلماً في تخصص الدراسات الإسلامية مثلاً يقرئ طلابه : ( سَنْقَر بِكْ فلا تنسى ) بدلاً من الآية الكريمة { سنقرئك فلا تنسى } وآخر يقول : ( هذا الجاموس الذي نزل على موسى ) مكان ( هذا الناموس الذي نزل على موسى ) فإن حسبنا الله على هذا التعليم ومخرجاته وإنا لله وإنا إليه راجعون .
6) يفضل للمعلم أن يقدح زناد فكر طلابه بعصف ذهني في بداية كل حصة ، لتصب بعد ذلك المعلومات التي يراد غرسها في عقولهم .
7) ثم لا تنس أخي المدرس حفظك الله أن تدخل على طلابك وأنت نشيط تمتلئ حيوية وعطاء وإياك أن تدخل متكاسلاً أو متماوتاً تحت أي تأثير ، حتى لا ينطبع طلابك بطابعك فتقل فائدتك إن لم تنعدم .
8) حاول أن توزع ابتساماتك وإشراقاتك على جميع طلابك ليكون لكل منهم نصيب منها حتى تنشرح نفوسهم وتتهيأ لتلقي ما يلقى إليها لأن الخلايا العصبية لا تعمل تحت مطارق التهديد ولا مع كوابيس التقطيب والتخويف ، ثم اعلم أن الرسائل التي توجهها إلى طلابك من بؤس ونكد هي نفسها التي سترتد عليك سواء بسواء .
9) اطرح همومك وآهاتك – وإن كثرت – خارج الفصل قبل أن تدخل على طلابك حتى تتمكن من فتح كل الأبواب الموصدة بلغة الحب ، لأن هذه اللغة هي أفضل اللغات قدرة على نقل المعلومات ، فأعطهم حبك ليحبوك وكما قيل : إذا أردت أن تُحَب فأحِب .
10) اعتمد في خطابك للطلاب على أسلوب تحريك الطالب ليمارس بنفسه ويستنبط ويحلل فإن ذلك أدعى لترسيخ المعلومة والقدرة على استحضارها والاستشهاد بها وقت اللزوم . يقول الفيلسوف الصيني كونفوشيوس : قل لي ولسوف أنسى ، أرني ولعلي أتذكر ، أشركني ولسوف أفهم . وقد أثبتت الدراسات أن الإنسان يتذكر بنسبة 10-15 % مما يقرأ ، 13-20% مما يسمع ، 50-75 % مما يسمع ويرى ، 85-95 % مما يقول ويفعل .
11) ابن حياتك التعليمية على العطاء وحذار من المنع والسلبية { فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى } ، وكن كالشجرة تلقي بثمارها إلى ضاربيها .
12) ثم لا تنس أخي المدرس أيا كان موقعك وأياً كانت مادتك أن تقرأ العلوم باسم الله فقط دون سواه : { اقرأ باسم ربك }
فمثلاً حين كنت أدرس مادة العلوم وأمر بقضية تدرس تحت عنوان : شذوذ الماء ، أذكّر بقدرة الله في قانون الماء الذي يجعل له نظاماً متميزاً بحيث تشكل الدرجة +4 انقلاباً في مسيرته ، فهو حين يبرد من الدرجة +10 مثلاً إلى +4 فإنه يتقلص كغيره من المواد ، فتزداد كثافته ويهبط إلى أسفل الماء ، لكنه إذا انخفضت درجته أقل من +4 صار يتمدد بدل أن يتقلص ، وبذا تقل كثافته ويبقى طافياً على سطح الماء ، حتى إذا صارت درجته صفراً أو أقل تجمد وبقي طافياً فوق سطح الماء ، وفي ذلك عظيم قدرته سبحانه ليحافظ على الأسماك وباقي الحيوانات داخل الماء حية تسبح .
ولو بقي الماء كلما برد تقلص وزادت كثافته لصارت مياه البحار والمحيطات والأنهار كلها جليداً وماتت كل الحيوانات بداخلها ، فسبحان اللطيف الخبير ما أعظمه وما أرحمه !
والأمثلة على ذلك كثيرة جداً والسعيد من وفق .
13) ثم ليكن دورك أيها المعلم هو تبسيط المعلومة لطلابك قدر المستطاع وعرضها بطريقة شيقة ، وحبذا مساعدة الطالب على الحفظ بطريقة ربط المعلومة بما هو معروف ومألوف عنده ، من مثل ما كنا نصنعه حين نريد ترتيب الحركات لكتابة الهمزة المتوسطة أو المتطرفة بشكل صحيح ، فنربطها بقصة موحية :
لو أن طالباً ذهب إلى بيته مسرعاً لإحضار الكرة للعب بها ، فإنه إذا وجد البيت مغلقاً فإنه يمكن أن يكسر زجاج النافذة ، ثم يضم يده ، ثم يفتح النافذة من الداخل ، فإذا ما دخل وسمع صوتاً غريباً فإنه يسكن مكانه ليتبين حقيقته ، وبهذه الحكاية يتضح أن الكسرة أقوى الحركات ثم الضمة ثم الفتحة ثم السكون .
وفيما يتعلق بالتحويل من المتر إلى السنتيمتر مثلاً وغيره كنا نرتب تلك الوحدات بشكل درج فنقول :
إن التحويل من أعلى إلى أسفل يكون بالضرب ومن أسفل لأعلى يكون بالتقسيم :
كلم
هكم
دكم
م
دسم
سم
ملم
لأن الكرة إذا تدحرجت على الدرج فإنها سوف تضرب كل ما تصادفه في طريقها وهي هابطة ، بينما إذا طلب إليك نقل كيس من الرز مثلاً إلى أعلى فإنك تقوم بتقسيمه إلى أكياس صغيرة لتتمكن من نقله ، وهكذا يرتبط التحويل بواقع الحياة فلا ينسى .
ومثل ذلك حين كنت أدرس العلوم فكنت أذكر لطلابي أن ورقة تباع الشمس التي نستخدمها للكشف عن المحلول الحمضي أو القلوي فإنها إن تلونت باللون الأحمر كان المحلول حمضياً ، وإن تلونت باللون الأزرق كان المحلول قلوياً ، وللربط نقول : أحمر فيها حاء وحمضي فيها حاء مثلاً ، وأزرق فيها قاف وقلوي فيها قاف مثلها ، وعندها لا تنسى تلك المعلومة بحال .
وحين كنت أدرس مادة المدخل للدراسات الإسلامية في الجامعة ومرت بنا قضية الطلاق والثلاثة قروء وتبين أن القروء من الأضداد فهي تطلق على الحيض كما تطلق على الطهر ، لذا فقد ذهب أبو حنيفة وأحمد إلى أنها الحيض ، ومالك والشافعي إلى أنها الطهر ، وحتى يسهل حفظ الآراء قلت : الحيض فيها حاء فهو رأي أبي حنيفة وأحمد ، وكلاهما في اسمه حاء ، فيكون الطهر رأي مالك والشافعي .
وفي الجامعة عند إعراب كلا وكلتا إذا أضيفتا إلى الاسم الظاهر تعربان إعراب الاسم المقصور وللضمير إعراب المثنى .
14) استشعر حجم الأمانة الملقاة على عاتقك واعتبر كل طالب بين يديك هو ابنك الذي تسلم تعليمه غيرك وانطلق في مسيرتك وكأنك تشق طريقك في عنان السماء غير عابئ بكل الأشواك التي تزرع على الأرض .
15) اعتمد في خطابك لطلابك على الحركة المعبرة والتمثيل المؤثر فقد أثبتت الدراسات أن الإنسان يتأثر عند الإلقاء بنسبة 7 % للفكرة ، 38 % للنبرة الصوتية وتغيير موجات الصوت ، 55 % للغة العيون والبدن وغيرها .
16) لا تنس أخي المدرس حفظك الله حيثما كنت أن المدرس هو داعية للخير وعليه أن يعامل طلابه على هذا الأساس في ظل أرقى التعاملات الحضارية وأن لا يقصر في احترام رأيهم وإعطائهم حقهم كاملاً على كل المستويات وإياك أن يدور بخلدك أن مثل تلك المعاملة تسقط هيبتك أو تقضي على الفائدة المرجوة في تعليمك فإني أذكر هنا ولله الفضل أن أحد طلابي في الجامعة كانت له قضية عندي فزارني في البيت وهو ابن لمسؤول كبير فقال بعد أن دخل بيتي : أتدري يا دكتور فيم كنت أفكر قبل الدخول ؟ فقلت : لا ، قال : كنت غير مصدق بأنني سأجلس إلى جوارك في بيتك جنباً إلى جنب .
وآخر تحدى زملاءه بأنه يمكنه أن يركب معي في سيارتي ، وزملاؤه تحدوه أن يفعل ، فتصنّع أنه مريض وأومأ لي فتوقفت له وأركبته معي وأوصلته إلى بغيته ، لكني رأيته يتبسم فلما سألته عن السبب أفصح لي بأنه افتعل هذا الموقف ليتمكن من الصعود معي ويثبت لزملائه أنه قادر على الركوب معي .
أقول هذا لأؤكد أن الانبساط للطالب وإعطاءه حقوقه كاملة لا ينقص من هيبة المدرس أو مكانته بل يزيده احتراماً وتقديراً وهيبة ومودة .
س في ختام هذا الحوار نود منكم أن تعطونا خلاصة تجاربكم الدعوية لتكون معالم على طريق الدعوة إلى الله .
1) أقول ابتداء إن كثيراً من الأساليب التي تستخدم في عصر ما قد لا تصلح لعصر آخر ، لأن الدعوة إلى الله كائن حي وعليه أن يتجدد ويلبس لكل حالة لبوسها ، فيجب عدم خلط الأوراق في كل قضية ، ولا بد من الرجوع إلى أهل العلم والفضل والخبرة لاختيار الأصلح لكل زمان ومكان .
2) لا بد من العودة إلى إصلاح النفس والأسرة فهو أمر مهم جداً ، ولن تتحقق أية فائدة والنفوس مريضة ، وقد انكشفت لنا كثير من الأمراض في ديار الغربة لم تكن معروفة لنا من قبل { إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم } ورحم الله القائل : (( أقيموا دولة الإسلام في صدوركم تقم على أرضكم ))
3) لا بد من التعاون بين جميع العاملين في حقل الدعوة والبعد عن الـ ( أنا ) الفردية أو الجماعية ، والاستفادة من كل الطاقات المتوفرة ، وعدم إلغاء الآخر مهما بدا قليل الأهمية لأن المسلمين كالجسد وكل ما في الجسد يتعاون للإبقاء على هذا الجسد سليماً معافى .
4) حذار من الاختلاف المذموم ، وحذار من كل ما يورث الأحقاد والضغائن لأنها هي الحالقة ، لا تحلق الشعر وإنما تحلق الدين فالمؤمنون يجب أن يكونوا إخوة متحابين ، فإذا ما ظهر شيء من الخلاف فهو الاستثناء في الأمة الذي يجب أن يرد إلى الأصل فوراً وإلا أفسد الأمة وقضى على وجودها { وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون }
5) لا بد للداعية من أن يتحلى بأرقى معاني الحب حتى يكون جهده مؤثراً ومثمراً ، لأن حياة المادة كلها تقوم على الجذب ، فدوران الأرض حول الشمس مثلاً يبقى في حركة منتظمة ما دامت حركة الأرض حول الشمس ثابتة تولّد قوة طاردة تعادل قوة جذب الشمس لها فإذا اختلت هذه الجاذبية تصادمت الأرض بالشمس أو افترقت عنها إلى غير رجعة ، وهكذا شأن الداعية عليه أن يوازن بين حركته وبين الجاذبية التي يولدها مع الآخرين ليبقى في حركة منتظمة .
6) حذار من التعصب البغيض لأي جماعة أو حزب مهما كانت درجة الاقتناع بمسيرته الدعوية ، لأن المشكلة ليست في الانتماء بل في التعصب البغيض لهذا الانتماء والنظر إلى الآخر بعين الازدراء والاحتقار ، وبخاصة حين تعصف بالأمة قضايا مصيرية لا بد معها من توحيد الجهود وتجميع الطاقات لمواجهة كل التحديات .
7) أوصي إخواني من أبناء الدعوة إلى الله أن يغتنموا فترة شبابهم وذروة عطائهم لأن العمر قصير والمطلوب كثير (( اغتنم خمساً قبل خمس : شبابك قبل هرمك . . . )) مع إخلاص النية وتحريرها لله دون سواه ، حتى لا يندم أحدنا على ما فرط في عمره حين يتذكر أنه كان بإمكانه أن يستثمر ذلك العمر بشكل أفضل .
ولا يسعنا في ختام هذا الحوار إلا أن نشكر فضيلتكم على ما تفضلتم به من إجابات وإضاءات كانت نافعة وممتعة إن شاء الله ، سائلين المولى عز وجل أن يثيبكم على ما قدمتموه لنا وأن يثقل به ميزان حسناتكم إنه سميع مجيب والحمد لله رب العالمين .
قام بإجراء هذه المقابلة : ولده محمد حازم وتمت بتاريخ 20/8/1429 هـ

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين