
قال تعالى{وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ}
يا لها من آية من لدن حكيم عليم.نور يضيء الطريق لنا،وبلسمًا لجراح إخواننا وأخواتنا،وشفاء وأمل لمن ضاق صدره وعلى نحيبُه،ليدرك الحِكم الإلهية من المحن، فلا ندري لعل حلم الله بالظالمين أحل المظلومين أعلى عليين، ذكر أهل السير أن عامر بن بهدلة مر.برجل من الصالحين الذين صلبهم الحجاج بن يوسف ،فقال عامر بينه وبين نفسه"يارب.إن حلمك على الظالمين قد أضر بالمظلومين"ولما عاد عامر ونام تلك الليلة، رأى في منامه أن القيامة قد قامت،وكأنه قد دخل الجنة،ورأى ذاك المصلوب هو في أعلى عليين،وإذ بمنادي ينادي"حلمي على الظالمين أحل المظلومين في أعلى عليين"
كم من نداءات علت هي بمثابة الأوتاد على طريق المحن ومركب النجاة يعبر عليها الأبطال - "كلا إن معي ربي سيهدين"كلمة قالها موسى لأهل الحق واثقا بربة.فعبر وانتصر.
- (لا تحزن إن الله معنا) قالها صلى الله عليه وسلم للصديق فهاجر وانشأ الدولة وظفر.
- "حسبنا لله ونعم الوكيل" قالها الخليل وأصحاب محمد فنجوا وأما الكفر فقد اندحر.
- "كم من فئة قليه غلبت فئة كثيرة بإذن الله" قالها طالوت حينما قالوا له "لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده" فمهما حدث لأهل الحق من عناء ولأواء فغاياتهم تذلل هذي الصعاب وتهون عليهم المحن وتصغر،
- فتراهم يقولون كما قال أصحاب موسى" قالوا لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والذي فطرنا فاقض ما أنت قاض إنما تقضي هذه الحياة الدنيا ( 72 )إنا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السحر والله خير وأبقى(73 ) طه.ويزين هذا كله كلمة موسى لربه "وعجلتُ إليك رب لترضى"
لقد نقل القرآن ردود الفعل هذه ليثبت الذين آمنوا في كل عصر ومصر فاقتدى بها من اقتدى ففاز وأناب، وضل عنها من ضل فخسر وخاب.
كلمات ترددت من جيل إلى جيل كانت ومضات من نور تبعث روح الأمل والطمأنينة لأبناء هذا الجيل وقد كتب الله عليه ان يعيش هذي المحن ليشتد عودة ويكون جديرا بحمل الراية وليثق أن وراء هذه المحن منح كثيرة الله يخبئها لأوليائه الصادقين قال تعالى{ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ
- (نحن لن نستسلم ننتصر أو نموت" "نحن لا نبخل بالموجود ولا نأسف للمفقود" رددها أسد الصحراء ونحن في ذكراه المجاهد عمر المختار وهو على حلبة المشنقة وهي آخر ما تكلم بة للمستعمر الإيطالي، وهذا شيخ المجاهدين احمد ياسين.يقول قبل أن يناله صاروخ العدو الصهيوني"أملي أن يرضى الله عني!!فاستجاب له ربة ونال الشهادة وأكبر من ذلك رضا ربه ولا نذكيه على الله.
- وهذا هو الإمام الملهَم حسن البنا في رسالة المؤتمر الخامس يقول لجيل النصر لهذا القرن" إن الأمة التي تُحسن صناعة الموت وتعرف كيف تموت الموتة الشريفة،يهب الله لها الحياة العزيزة في الدنيا والنعيم الخالد في الآخرة،وما الوهن الذي أذلنا إلا حب الدنيا وكراهية الموت،فأعدوا أنفسكم لعمل عظيم.واحرصوا على الموت توهب لكم الحياة واعلموا أن الموت لابدَّ منه،وأنه لا يكون إلا مرةً واحدةً، فإن جعلتموها في سبيل الله ،كان ذلك ربحَ الدنيا وثوابَ الآخرة.إ.هـ.فقتلوه صغيرا لكنه وهو في قبره بقيت فكرته لتجدد أمر هذا الدين وترك جيلا وراء جيل هو جيل النصر.
- وهذا صاحب الظلال المتألق الواثق بربه"الله سبحانه هو الذي يتكفل بهذا لدعوته.فحيثما أراد لها حركة صحيحة،عرّض طلائعها للمحنة الطويلة وأبطأ عليهم النصر وقللهم وبطأ الناس عنهم حتى يعلم منهم أن قد صبروا وثبتوا، وتهيئوا وصلحوا لأن يكونوا هم القاعدة الصلبة الخالصة الواعية الأمينة ثم نقل خطاهم بعد ذلك بيده سبحانه واللّه غالب على أمره،ولكن أكثر الناس لا يعلمون"ا.هـ...صدق فصدقه الله ظل يصدح بالحق وبعد شهادته بقي ظلاله.
- و رجل الصبر الشيخ محمد الغزالي.في كتابه خلق المسلم.والصبر وحده هو الذي يشع للمسلم النور العاصم من التخبط، والهداية الواقية من القنوط.ويجب أن يوطن نفسه على احتمال المكارة دون ضجر،وانتظار النتائج مهما بعدت،ومواجهة الأعباء مهما ثقلت،بقلب لم تعلق به ريبة،وعقل لا تطيش به كُربة،يجب أن يظل موفور الثقة بادي الثبات،لا يرتاع لغيمة تظهر في الأفق ولو تبعتها أخرى وأخرى، بل يبقى موقنا بأن بوادر الصفو لابد آتية، وأن من الحكمة ارتقابها في سكون ويقين.وقد أكد الله أن ابتلاء الناس لا محيص عنه، حتى يأخذوا أهبتهم للنوازل المتوقعة، فلا تذهلهم المفاجآت ويضرعوا لها(ولنبلوَّنَّكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلوا أخباركم) .وذلك على حد قول الشاعر:عرفنا الليالي قبل ما نزلت بنا .. فلما دهتنا لم تزدنا بها علما.إ.هـ. مات ثابتا قويا في الحق فدفن مع أهل الحق.بالبقيع
- أحبتي قد تؤخر إجابة الدعاء. لكي نلح أكثر وأكثر على الله ونقف على بابه ونستنفذ كل الأسباب.حتى إذا ضاقت علينا الأرض بما رحبت.يأتي الفرج من حيث لا ندري ولا نعلم" قال تعالى"حَتَّى? إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاءُ ? وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ(110)يوسف.وأي إجرام أكثر مما نحن فيه أن يلقى طبيب من شرفة منزلة بالدور الخامس وغيرها من المحن . نعم تتأخر الإجابة لحكمة يعلمها ربي ليدبر لنا أفضل ما ندبره لأنفسنا وليهيأ الله لنا الزمان والمكان والإنسان،وأفضل من ذلك كله ليخرج الله منا أطيب ما فينا.وهو الرضا والتسليم فالله عليم حكيم.
يقول د. راتب النابلسي في احد خطبة قولة تعالى? وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)يوسف ،لابدَّ من هذه المعركة بين الحق والباطل، لماذا؟ ليهلك من هلك عن بيِّنة ويحيا مَنْ حيَّ عن بيِّنة، ولماذا هذه المعركة؟ ليظهر المؤمن على حقيقته؛محباً،صادقاً،مخلصاً، صبوراً، متوكلاً، جَلْدَاً، شجاعاً، ولتظهر خِسَّةُ الكافر ودناءته،وانحيازه إلى الدنيا،ورغبته في أخذ كل شيء، ويظهر عدوانه، ليهلك من هلك عن بينة،ويحيا مَنْ حَيَّ عن بينة، هكذا، آية رائعة جداً ا. هـ
إن الشرفاء لا يتألمون وحدهم ولكن المجرم يخاف وسيتألم أضعافا مضاعفة هنا وهناك{إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ}{النساء:104}.
- لقد استبشر الشيخ العلامة يوسف القرضاوي:في كتابة جيل النصر المنشود وذلك منذ عقود ولا زال. ليذكرنا بمقولة أنس بن النضر إني لأشم رائحة الجنة خلف هذا الجبل، يقول الشيخ"والله إني لأشم رائحة النصر وارى بوادره واسمع أهازيجه مع كل صوتٍ حر وكل شاب مخلص.وكل فتاة عفيفة وكل طفل أبي. مع إصرار الشيوخ وتفتني العجائز مع صبر الصائمين وخشوع القائمين وتحدي هذا الجيل. ا.هـ..أمد الله في عمرة عاملا بالخير وخيَّرا بالعمل.
- قرب طلوع الفجر وستأتي اللحظة التاريخية وسيعود الحق إلى أهلة وسيزهق الباطل وتلتئم الجراح وتتحقق آمال كل المتألمين وتلتحم فيها أحلام كل الشرفاء المتطلعين للحرية وسيعم العدل ويصطف الشرفاء تحت راية واحدة لا يصدها شيء وسيسقط الانقلاب الفاشي إن شاء الله ويحاسب الخونة المجرمين.لكنها فترة بناء الوعي والتمحيص وصناعة الرجال.وتجميع الزبد ليذهب ويبقى ما ينفع الناس ولنعرف أن النصر مع الصبر وأنة من عند الله.وأن مع العسر يسرا
لقد اتخذ الله شهداء واصطفى من اصطفى وأبقى من أبقى والسؤال هنا، لماذا أبقاني الله؟ فلنري الله من أنفسنا خيرا
لنتذكر قوله تعالى"إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم" وقال جل في علاه "فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلا( 5 )إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا (6) وَنَرَاهُ قَرِيبًا( 7 )وقد قرب،هذه ثقتي بربي ،فالثبات الثبات والأمل الأمل والدعاء الدعاء.وسنفرح هنا وسنفرح هناك إن شاء الله ،ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء. قال تعالى "أن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون".
جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين

التعليقات
يرجى تسجيل الدخول