
إن شرف الجهاد وبذل النفس والمال في سبيل الله هو شيء شريف وعظيم، ولا ينكره عاقل مهما اضمحل حجم الدماغ في رأسه..!
بيد أن الدماء هي أعظم أمر عند الله وأخطر شيء يمكن المساس به.
لا يزال المرء في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما، وآية من أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا هي خير برهان على عظيم حرمة الدماء..
إن انفلات الأمور في داعش أصبح خطرا على الثوار والآمنين المدنيين في المناطق المحررة أكثر من خطر براميل بشار المجرم، وإن تساهل داعش في القصاص والقتل يبث الفرقة والاقتتال بين صفوف المجاهدين.
أبو حنيفة -الإمام الأعظم- يقول: لو جاءني تسعة وتسعون قولا عن تكفير رجل وجاءني قولا واحدا في إيمانه لتركت التسعة والتسعين وأخذت بالقول الواحد..
ذلك لحرمة الدماء وأن الحدود تدرء بالشبهات.
بل إن الأمر عند داعش أصبح أن الحدود تقام للشبهات والظنة..
صناعة داعش واضحة أنها لنصر قضية شخص وطموح فرد، ولم تعد لمشروع دولة إسلامية أو جهاد شريف، ومن يشكُّ في ذلك بعد كل الذي رآه فعليه أن يفحص عقله من براثن الغباء..
نحن أولى بانتقاد داعش من شبيحة الأسد ومبغضي الجهاد الإسلامي، الإسلاميون هم أولى من يجب أن يذبوا عن مفاهيم دينهم الصحيحة العطرة من تدليس سلوك المغالين والهمجيين.
ومنتسبو داعش لا أجد تعبيرا للحكم الشرعي للذي ينتسب إليهم إلا حديث عائشة عندما حدثها النبي الكريم عن جيش يغزو الكعبة فيُخسَف بأولهم وآخرهم، قالت: يا رسول الله وفيهم من ليس منهم. فقال: يحشرون على نياتهم.
فمن انتسب لداعش مغرراً به ناوياً الجهاد في سبيل الله فيحشر على نيته، ومن انتسب إليها وهو على يقين بما تفعله وتمارسه من طغيان واستهتار بالدماء البريئة ففتحة أبي لهب وأبي جهل أقرب إليه من فتحة قبره.
وعلى العاقل أن يتبصر بالأفعال التي يفعلها إن كان فيها دم، أو حق من حقوق عباد الله؛ وكما قيل لا يعذر الجهل في هذا الزمن مع انتشار كل وسائل التبيان والتثقيف والتعليم..
أصلح الله داعش، وإن لم يصلحها فأراح الله دماء العباد وأموال البلاد من شرها وبغيها..
جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين

التعليقات
يرجى تسجيل الدخول