
سكير عربيد فاجر ..يضرب زوجته ليل نهار ويشتم أهلها ويهينها على مرأى ومسمع من الأقارب والجيران والمعارف، ويذيق أبناءه أصناف العذاب وألوان الهوان، وذات يوم طفح الكيل وطلبت الطلاق فجنّ جنونه ،وأوسعها ضربا ،ثم أذاقها الويلات ، وعذّبها تعذيبا لا طاقة لامرأة به، فاستنجدت بإخوتها ،وثار بنوها على والدهم ،وبدل أن يرعوي طاش حجره فراح يحطم أثاث المنزل ويدمّره غرفه غرفة غرفة،فمن آثر السلامة من أولاده لزم غرفته وقال: مادمت في غرفتي فلن ينالني أبي بأذى، والحق كل الحقّ على أمي سامحها الله..صبرت على أبي عقودا فلماذا قررت أن تثور اليوم؟
على الأقل كان في بيتنا أمان وخبز..صحيح أن دقيق الخبز كان فتات أحلامنا معجونا بدموع قلوبنا لكننا كنا"عايشين".
لم ينفعه التزامه غرفته..فالأب المخبول أعلن حربا على البيت كله، وراح الجيران يضربون كفّا بكف ويتحسرون على وضع الأسرة، ويقدمون مايستطيعون،فبعضهم كان يسكب لهم من طعامه، وبعضهم يمدهم خلسة ببعض المال،أما ذوي المآرب الخسيسة من الطامعين بالزوجة والبنات فقد وجدوها فرصة سانحة للتودد إليهن من خلال إبداء التعاطف...ولاصت..لاصت كتير.
أغرب ما في الموضوع أن النقاش دار في كل مكان حول الأغراض الدنيئة للمتعاطفين،وحول سلوك أفراد الأسرة وطريقة تعامل كل منهم مع الأزمة الدائرة في البيت، وانشغال كل منهم باتهام أخوته وأمه أوتخوينهم، حتى الشرطة كانت جهود دورياتها تقتصر على لوم الأب ثم تقوم باعتقال بعض الأبناء أو ضربهم أو حتى إنزال العقوبات بهم.
تغافل الجميع عما يفعله الأب بالأسرة المنكوبة، وربما لم يكن الحل يحتاج أكثر من تمكين المرأة المظلومة من حقها في الخلع.
ضاعت القضية الأصلية..المشكلة الأساسية التي قامت بسببها تلك الثورة في البيت ، والأدهى أن الأعمام والأصدقاء والمعارف يطالبون اليوم بعقوبة الأبناء وإلزام المرأة بيت الطاعة.
استغربتم ؟
استنكرتم؟
أليس هذا وضع الثورة السورية؟
سؤال برسم الإجابة...
جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين

التعليقات
يرجى تسجيل الدخول