في دمعي سكون الرضى

 

لا لست كما تظن يا جبان الظلم أني أرضى الهوان ، أبكيت الوصال مني قرارا قاسيا أن اقبل طعم القسوة منكم عن رضى و من غير كلام ، لا لست كما تظنها رحلة عابرة على شاطئ الجبن آو الخوف مني ، لا لا لست كما تظن رسالة عابرة تقراها من سطرها لهامشها من غير أن تفهم ردة فعلي أني احتسب لله و كفى ...

كم بقي للسلام أن ينتصر و ينتفض معه رأي آخر من جرحي ، فان لم انتهي بعد بعد حصارك لطيبتي و لم أرحل بعد من داري إلى حيث لا أمان لي بعد اليوم ، لم ترحم سكوني و هدوئي أني أبغيه سلاما و حرية انشد بهما رحلة إلى حيث  قناعتي أن ما كتبه لي سيلحقني حتما لا محالة .

كم بقي لعصر البراءة من طفولة حالمة لغد ستكبر معه آمالها ، لكن لما كل هذا العدوان على الروح و الجسد ؟ ،لما كل هذا القهر للجمال الذي تكلم صامتا بمسحة الافتتان ان ماكان رائعا سيظل كذلك و لن تبدله ريشة أي رسام مهما انتقى له من الألوان ، فلا تصرخ يا قلب باكيا بعد اليوم ، فاللعبة مفهومة و النوايا مكشوفة و لن يكون ل كالا النبض الراكن للاحتساب ليس إلا...

كم بقي لسراحي أن يحل مكان سجني و قيدي عذابا لخواطري و شجوني  ، فهل سيتمادى الظلم أياما و أعواما أخرى بعد هذه الأناشيد الراحلة و الباقية  الثابتة ؟  إنها لم تلحن هكذا عبثا إلا لتغردها طيور الأمل الآتية من بعيد و القاطعة لمسافة القهر الأكيدة لضياع النور...

اصبر يا قلب و طع هواءا نقيا تغلغل بين أواصري فلست اقدر على طلاق الروح و الخاطر معا ، فسلم لي منابعا من صفاء أشرب منها عبقا رقراقا اشفي بها غليل الظلم القاتل..

ثم كم بقي لنظرتي أن تصيب هدفها من التأكيد أن الله ناصري و صمتي فيه الكثير من اليقين أن من ظلم اليوم سيأخذ عقابه غدا لا مفر ، فان كان في الدنيا حقا و فعلا مفر فلن يكون في الآخرة ملاذ عتيد ، لذلك اتركني و شأني حين أفكر  في قبري فلا خلاص لي من وحشته إلا الصبر على الأذى و الصعاب و ظلم الناس لي ، هو ثمن عبوري للجنة و اقتصاص مرتبة المحسنين ، فلا داعي لن تفسد علي نشوة الكفاح المستمر ، أعي جيدا انه آلمك تعبي و معاناتي ، لكني أقول لك أن الجنة حفت بالمكاره ، و ليس لي بديلا لنيلها سوى تذوق طعم المرار على مضض ، فخذ العبرة مني او أترك لي رأي اتمسك به لحين القى الله و هو راض عني...

صيحات الصدى تعاود مسامعي أن لي إخوانا يعانون في كل شبر من المعمورة من سوريا لمصر لليمن لليبيا و للعراق العتيد ، أقول أن حضارة تلك الشعوب ترقد في صمودهم و ليست تهب من أفئدتهم إلا  و عودة الحق الأكيدة تنبه فيهم كل ذوق للحرية و العيش الهني..إنها الدروس التي نتعلمها جيلا عن جيل و مقاومة بعد مقاومة لركل السلاح و بطش الرصاص ، إذا لا تترجم دمعي انه ضعفا أو خور أو تراجعا ، اتركه و شانه يسقط و يتناثر بقوة ليكسر ذرات التراب أشلاءا ممزقة أن ما كان ثقله متينا حتما سيحدث التغيير و لو بعد طول بكاء ، فدمعي إذا هو خلاصة فهمي لحقيقة الوجود أن ضريبة النجاح الأكيد تدفع من جيوب الصابرين و المثابرين في انتظار أن يبزغ فجر الأمان قريبا فلا تستعجل في مكاني أن لما كل هذا البكاء ؟ ، هو سلاح حينما تغدر كل الأسلحة و لأنه لا سلاح لنا للغدر فان الدمع يفتك بكل الضمائر الخادعة...فيصبح سلاح السلام و الائتمان..فهل فهمت الآن أن في دمعي سكون الرضى لما قسمه الله لي و لي قبولا لجين أو لظلم ، فلا أحد يقبل لنفسه طعنة في الظلام بل يتزيد من نور الحقيقة ليرفض كل منطق كذاب..دمت متفهما لأسلوب الصبر و الاحتساب و دمت مهتما و متقبلا لحرارة الدموع حينما تترجم آلامنا  و لا بديل عنها إلا هي...

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين