
تحت لون الإبداع تكتب أيها المظلوم سيرة اقتصت الجزء الأكبر من صبرك..كنت صامتا و هادئا و لكن بالمعنى التمردي لسلوك فيما بعد مرحلة الصمت..لأنك ثرت ضد من ظلموك و من أرادوا اقتصاص هالة الاحتواء لجراحك.. كم كنت تجيد نسيج الوردة من عمق الألم و تتقن أكثر فواصل الصمت المحمود حتى لا تفقد أعصابك و تفقد كل شيء بل كل شيء يبتعد عن مجال نجاحك..كنت ذكيا أيها المظلوم و لكنك ضعيف جدا في نفس الوقت بتحملك لكل هذه الضريبة الشاقة..و من في زمن التلون السلوكي يعمل مثلما عملت؟ ...
لم تكن أبدا مفارقة أو تناقضا منك بقدر ما كنت حريصا أن لا ينفلت النصر من بين يديك لأنك تعرف جيدا أن الفوز الحقيقي محقق و آيل للضياع في نفس الوقت و لعمرك أبحرت هذا المقطع من مشاهد الظلم عندك ، و المرجعية دائما هي تجاربك المؤلمة مع من تفننوا في إيذائك أو بالأحرى اهانتك و معذرة على التدقيق لكنها أمانة التعبير من تقتضي دقة في الوصف ، كنت أذكى بكثير و لم تبذل في فرض هذا الذكاء طاقة أو علما أو خيالا بل كانت سذاجتك المحكومة الأبعاد و التي نمت بداخل نفسك أعواما و أعواما..و هي ما كان لغز نجاحك و الذي حير الكثيرين من ظلامك في سؤال منهم : من أين له بهذه القوة و من أين حصد هذا الثبات ؟..فكان الصمت منك دائما هي إجابتك..
جميل جدا هذا الموقف البطولي منك و الشجاع..رائع جدا أن تمسك بزمام الأمور من غير ان تفقد عزيمة ربيتها بتفكير عال و راق في المستوى الأخلاقي خاصة..
بقيت أفكر في مصدر هذا التحمل و هذا التسويف فيما يؤلمك..كنت جادة في بحثي لكني لم أكن بالمتطفلة بالمرة ، فكان أن فهمت أن محنة التجارب تصقل العقل و تلهب المشاعر و تخلق في المظلوم نبرات من اللاعودة إلى الخلف و الترفع عن ضعف الآخرين لأن هذا الضعف يربك حركاتك و يذبذب التركيز لديك..
حتى أن عذابات الخداع تجعلك تنعزل و على قدر كبير من المسافة حتى لا يسمع أحد آهاتك من عنق زجاجة الضعف ، ليس بالأمر السهل على الإطلاق خاصة إن وافق هذا الأسلوب منك محن أكثر صعوبة كأن يلم بك مرض آو فاقة صحية ، اعتقد أن انفجار البكاء لديك له ما يبرره و ليس له ما يوقفه في أشد المحن كهذه ..
ثم لا وسيلة تلطف أجواء الحزن سوى عبراتك لأنها ستنزل بضغط نفسي من العذاب ، فالدموع تترجم مأساتك و ترفض أن تغفر لمن تطاولت أيدهم إليك ، صدقا احتار في خاتمة الكلام ليس لتعب في فكيري آو يدي و لكن لقلة حيلتي لو كنت مكانك في مثل هكذا عذابات لا ترحم ، و قلت لا ترحم لأنها نبعت من خداع ، إذ كيف بالأمس صديق وقور يأكل معك الطعام على طاولة واحدة و يتسامر في الحديث بكل إخلاص في تبادل الود ثم ينقلب بغير رحمة ليزلزل هرم الكبرياء عنك ..دعني اللحظة أختم حديثا شيقا و مثيرا للكثير من الجدل و مسيلا لدموع الأسى لحين تتوقف عن البكاء ، و أعدك أني سأكمل مسيرة الصراحة بدلك و سأنتقي أحسن الأوقات و أكرم اللقطات من هذه العذابات لأوصل الفهم و الإحساس لمن ذاقوا ويلات العذاب ..و لكن يبقى الإصرار على انتفاضة الروح في أن تثأر لنفسها خير الحلول و أنجحها لتحقيق مصالحة مع ماض حمل معه الكثير من الأحزان و لن تكون مصالحة رضى و سكوت بقدر ما ستكون مصالحة رد الاعتبار و على النحو الذي يسكت جوع آهاتك و يحبس دمع حيرتك من ظلم لم تكن تنتظره بالمرة....لكنه حقق فيك عذابات احترت أنا في اختزال الضر منها بقلمي فما بالك أنت ...بارك الله في صبرك...
جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين

التعليقات
يرجى تسجيل الدخول