
وردت على خاطري عبارة يقولها الصالحون ويتداولها محبوا المشايخ ، ولو كان يتداولها الفاسقون فالإشكال بسيط ، وكأنها تقول لي: أنصفني فأنا مظلومة !!
فأحببت تلبيتها !
العبارة المظلومة هي
( الشيخ الذي لا يعرف تلميذه كم مرة يتقلب على فراشه ليس بشيخ )
قلت : لبيكِ سأنصفكِ
إذا كان بعض المشايخ قد قال هذه الكلمة ، واعتَقَدَها مِن وراءِهم بعضُ محبيهم فليس معناهاعلى حقيقتها ، وإنما يرمي الشيخ إلى معنى آخر صحيح .
وظاهرالعبارة ومؤداهاالخطأ : هو أن الشيخ الحقيقي (يعلم الغيب )وأنه لا يخفى عليه شيء من أمر تلامذته ومريديه ، حتى إنه يعرف ((كم مرة يتقلبها تلميذهم على فراشه )).
وهذا الفهم ليس فيه خطأ جسيم فقط ، بل فيه خطر كبير
نعم خطر على الشيخ ،وخطر على التلميذ ، وخطر على مدرسة الشيخ ،وخطر على الدين والمعتقد !!!
قد يقول كثير منكم ولماذا كل اهتمامك بهذه العبارة فالقائلون بها قلة قليلة ؟ فأقول لهم على العكس فإن شريحة كبيرة من اتباع مشايخ هذه المدرسة أو تلك ليعتقدون بها ! والتبعة ليست على المحبين ،وإنما على المشايخ الذين لا يصححون لأتباعهم هذا الخطأ ، ويتركونه عائماً لسبب أو لآخر !!!؟؟؟
إنصاف العبارة : والذي ألهمني الله إياه هو :
إن المقصود بالعبارة شيء آخر، وهو أن الشيخ والعالم ليس لإعطاء الدروس فقط ، وإنما هو متابع حالة تلامذته الأخلاقية والسلوكية ، والمادية والمعنوية ، يهتم بهم ،يتحسس أخبارهم ، يصحح أخطاءهم ، يثني على صوابهم ، يسعى لتفريج همومهم ، يشاركهم أفراحهم وأتراحهم ، يسأل عن أقرانهم ، فالشيخ الحقيقي ليس محاضراً في جامعة يلقي محاضرته وانتهى الأمر فالمشيخة أبوة روحية ومعنوية ومن هنا كان العلماء والمشايخ ، الربانيون منهم مستظلين في ظلِ وصفٍ عظيم وصفه الله سبحانه وتعالى للرسول الكريم عليه الصلاة والسلام ( لقد جاءكم رسولٌ من أنفُسكم عزيزٌ عليه ما عَنِتُّم حريصٌ عليكم بالمؤمنين رؤوفٌ رحيم )آخر سورة التوبة
فكانوا أي العلماء مع آمال الأمة ، يسعون لتحقيقها ،ومع آلامها يعملون على تخفيفها .
فاللهم كما مننت علينا بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الحريص علينا ، والذي يعز عليه عنتنا ومشقتنا ، مُنَّ على هذه الأمة في هذا الوقت العصيب بالعلماء العاملين والربانيين المربين .
اللهم وياقريب عجل بفرجك القريب.
جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين

التعليقات
يرجى تسجيل الدخول