زعماء الطائفية والمصالح.. بين مركب الاستعلاء ومركب النقص!

د/ خالد حسن هنداوي
هل يمكن أن نعتبر تكالب الدول الداعمة للانظام السوري وهو يواصل قتل الشعب البطل منذ سنتين مركب استعلاء أم مركب نقص، وإننا إذ نرى لقاءات لوزراء الخارجية من شتى البلدان أو تصريحات أتحفونا بها حقا أو باطلا في الحاضر والأيام القليلة الماضية وتعليقات ذهبية من الجزار رأس اللانظام على أحاديثهم ومواقف دولهم! فإننا نجزم أن نظامه وعصابته ومن يمدهم معنويا وماديا لا يخرجون عن هذين المصطلحين, مركب استعلاء يشعرهم أنهم أعظم من كل البشر, ومركب نقص هو ما نسميه عقدة نقص وهي نقيض الاستعلاء لكن يراد من خلالها تبرير شيء أو التعويض عما يفقد لديهم عند من بلغوا مطلوبهم في هذا الشيء سواء كان سياسيا أو اقتصاديا أو اجتماعيا أو غير ذلك, وتلك طبائع البشر التي يجب تسليط الضوء عليها بهدف نقدها وبيان محاسنها أو مساوئها لتفادي الأخطاء أو الأخطار المتأتية منها، وإذ إننا نشعر أن ائتلاف الثورة والمعارضة بعد تعليق اشتراكه في مؤتمر روما لمجموعة أصدقاء سورية حيث لم يجن مما سبقها من مؤتمرات إلا الجعجعة ولم ير طحنا إلا ما كان من رديء الدقل فقد رجح أن يشترك ولا يقاطع بسبب الوعود المؤكدة هذه المرة بالمساعدات والدعم وإن لم يكن بالقدر الكافي وكان ما كان من تصريح وزير الخارجية الأمريكية جون كيري وإقراره منح 60 مليون دولارا للمعارضة لاستخدامها لوجستيا ولغير الضربات المميتة وكأن الرجل ودولته في مستهل المرحلة الجديدة من ولاية الرئيس أوباما وهما يريان التغيير في السياسة المتخذة تجاه القضية السورية المعقدة وحسب زعمهما بما يعود على المعارضة بالتقوية وتسريع ترحيل النظام حيث قال كيري: إن الأسد يعيش خارج الزمن فلابد أن يكون خارج السلطة, على أن السياسة الأوبامية كانت تقول مثل ذلك مرارا: على الأسد أن يرحل ولقد أصبح فاقد الشرعية, وكان ذلك من دعاوات أوباما الانتخابية وفي نظرنا أن الأمريكان لا يبيعوننا إلا الكلام والكلام فقط وحتى لو أعانوا حقا فإن ذلك الرهان محسوب لصالح اسرائيل كي يفرضوا رأيهم في حال حدوث السقوط أن نتذكر جميلهم ونبقى من زمر الحمامات الوديعة أمام اسرائيل ومسألة أمنها وحمايتها.
 
 أما وزير الخارجية الروسي لافروف فهو لا زال حاقدا ومن شب على شيء شاب عليه فالرجل لا يقف على صخر العناد وإن كان في طبعه ذلك وإنما يقف بجانب الانتقام غير ناس عهد القرن الماضي في الثمانينيات حيث أظهرت روسيا عداءها السافر للمسلمين وأرسلت الخبراء الذين أمروا حافظ الأسد أن يزيد أعداد القتلى في مدينة حماه ومجزرتها الكبرى في 2/2/1982 حتى وصلوا إلى سبعة وأربعين ألفا وأن يقدموا أدوات التعذيب الحديثة لقهر الشعب السوري في الأحياء والسجون تزامنا مع مجازرها الرهيبة في أفغانستان ولا زال الخوف آخذ بنياط قلوبهم وهم يتذكرون مقتل عدد من خبرائهم وضرب وكالتهم الاعلامية تاس، فلابد من الانتقام وبالإضافة إلى أن هؤلاء التجار الروس الذين لا يجيدون إلا لغة المصالح والسياسة الميكيافيلية فإنهم لا يخفون تخوفهم في حال انتصار الثورة السورية أن يكون البديل اسلاميا ومن أهل السنة الذين هم أغلبية بنسبة 84% أمام أقلية علوية يريدون الحفاظ عليها كما صرح لافروف في أكثر من موضع، ومن جهة أخرى أن ينتقل هذا الربيع إلى ملايين المسلمين المضطهدين في القفقاس فيثوروا عليهم كما صرح بوتين عدة مرات، وإذا عرف السبب بطل العجب.
 
أما وزير الخارجية السورية الذي صرح لدى زيارته إلى موسكو أن الحكومة السورية تدعو إلى الحوار مع المعارضة بمن فيهم الجماعات المسلحة فهو لا يملك من أمره شيئا إذ ناقضه الجزار بشار بعد يومين مبينا أن الحوار بعد إلقاء السلاح وليس مع الإرهابيين على حد تعبيره ونحن نعتبر هؤلاء ثوارا أحرارا وأبطالا قل نظيرهم في هذا الزمان، ثم بين المعلم أن باستطاعة أمريكا وقف سفك الدماء فإذا أقر بذلك فإنها تستطيع بمفهوم المخالفة إشعال الثورة وإنجاحها سريعا فلماذالم تفعل، إن الكل يعرف أن الكل متآمر على الثورة ولا يريدون انتصارها بل إبقاء النظام إن استطاعوا، وعندما رأوا الآن تقدم الثوار فهم مضطرون أن يفعلوا ما كان في حرب البوسنة مؤخرا حيث أوقفت الحرب بسبب تقدم المسلمين وهنا جاءت اتفاقية دايتون، ولعل هذا السيناريو هو ما يجري ترتيبه في تصورهم لكن لو نظرت إلى تعبير المعلم بأن سورية تواجه أزمة يشارك فيها معظم الكون لعلمت مدى ثقل الدم لديه ولدى اسطوانته المشروخة بنظرية المؤامرة علما أنه يعرف معرفة اليقين أن معظم الكون متآمر على الثورة وليس عليه وعلى سيده وأزلامه الذين فرضتهم اسرائيل ولا زالت تنافح لبقائهم.
 
ولعلك إذا رأيت وزير الخارجية الايراني علي أكبر صالحي الذي لا يفقه إلا سياسة الحقد الطائفي ودعم المشروع الايراني الذي صرح أكابرهم أن سورية جزء منه بل هي عندهم المحافظة الخامسة والثلاثون أي إن الأسد محافظ لديهم وهم الأوصياء الحقيقيون على سورية الأب والابن، إنك ترى أنه يركز على أن بشار سيبقى في الحكم إلى عام 2014 وهو الرئيس الشرعي والقانوني غافلا أو متغافلا أن المنصب فصل على مقاسه حين غيروا الدستور حيث لا يسمح بعمره أن يتسلم الرئاسة ولكن لا بد من "جمهوريث أسدستان" أي بالوراثة والقهر والغلبة وكأنه قدر على الشعب أن يحكمه آل الأسد اثنين وأربعين عاما، ما أبشع طائفية صالحي غير المستغربة إنه وخامنيئ ونجاد يتقربون إلى معتقداتهم بإبادة الشعب السوري مقابل حفنة من اللصوص مثلهم والطائفيين مثلهم فأي دين وأي أخلاق لدى هؤلاء. ألم يقل الجزار بشار أمس إنه لا يستطيع أحد من الخارج أن يقول له ارحل أو ابق والذي يقول ذلك هو الشعب فلماذا إذا يقول صالحي ما قاله عن بقائه؟! اللهم إلا الحقد والتعصب ضد أهل السنة.
 
 وأما المالكي الحاقد أكثر وأكثر وهو أيضا في هذه الأيام يجري في العراق بمركب الاستعلاء ومركب النقص الطائفيين فإنه من أكذب الكاذبين، وهو إذ يرى رأي ولاية الفقيه اتباعا دون بصيرة أن العلويين فرع من الشيعة فلا بد أن ينحاز للقاتل ضد المقتول مهما أجرم، بل يساند بطائراته وأسلحته وأمواله وخبرائه أعتى الطغاة من أمثاله، وهو اليوم يساعد علنا فلقد كان أول تدخل عسكري عراقي قبل ثلاثة أيام عندما استولى الجيش الحر على معبر اليعربية مع الحدود العراقية فأخذ الطيران العراقي يقصفه وهدرت المدافع والهاونات وحصل قتل وجرح على ما صرح به أحمد الجربا عضو الائتلاف السوري والمجلس الوطني وهكذا ينكشف المالكي الوقح بسبب الثورة التي هتكته كما هتكت أخاه حسن نصر الله وحزبه الطائفي حين تدخل وقتل وقاتل متوغلا في ثماني قرى سورية متاخمة لمدينة القصير إلى أن رده الجيش الحر، وهكذا فاللصوص شركاء في قتل ونهب شعبنا المصابر الذي يثبت كل يوم أنه يحارب أخبث الطغاة في العالم واحدا واحدا وليس الجزار بشار وحده ولا الحرس الثوري الإيراني وحده ولا اسرائيل وأمريكا وروسيا وحدها، ألا هل عند أحد من رأفة ونخوة لهذا الشعب العظيم، ألا هل من عون ملموس كما تفعل تركيا وقطر على سبيل المثال وهما اللتان يهاجمهما الموتورون, وسؤال أخير إلى أمريكا التي قدمت هذه المعونة الصغيرة التي لا تساوي ثمن برج واحد في نيويورك في حين يقدم المال السخي والسلاح الفتاك للأسد المجرم دون حساب، هل هي معه أو معنا؟ لعل الواقع أكبر دليل، ولكن الله بقوته معنا.  

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين