رأيت في


بقلم: عبد الحكيم الأنيس
 
   هذا الكتابُ - (الأعلام) للزِّرِكلي- مِن أهم الكتب التي صدرتْ في تراجم الأعلام في القرن الماضي, وله مزايا عظيمة ذكرها الدكتور محمود الطَّناحي - رحمه الله- في كتابه "الموجز في مراجع التراجم والبلدان والمصنَّفات وتعريفات العلوم".
وكان الأستاذ الشيخ عبد الفتاح أبو غدة - رحمه الله- يسمّيه كتابَ القرْن.
      وقال لي شيخُنا الأستاذ أبو الفضل محمد عوامة: شيخ المترجِمين القدماء: الذهبي، وشيخ المترجمين المُحْدَثين: الزركلي.
        وقد كنتُ أرجعُ إليه كلما عنَّت لي حاجة إلى ترجمة علم, وقبلَ مدة قرأت "كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون" للحاج خليفة, وهو يعطي تصوّّّّراً كبيراً عن أسماء الكتب والفنون لدى الأمة - إلى تاريخه-، وأردتُ أن آخذ تصوراً مُماثلاً عن الأعلام, فبدأتُ بقراءة "الأعلام" قراءة تامة, وانتهيتُ من قراءة الجزء الأول والثاني, ويقعان في(677) صفحة، ورأيتُ فيه ما أسجِّلُ بعضَه هنا:
·       رأيتُ فيه فضائحَ مِنْ حُبِّ الدنيا والطمع في المُلك, وما جرّ ذلك من قتل الابن أباه, والأب ابنَه, والأخ أخاه, والقريب قريبَه، والزوجة زوجَها...
·       ورأيتُ عجباً من همّة بعض الأعلام في درس اللغات والإقبال عليها ومعرفتها وإتقانها، حتى عرف بعضُهم (30) لغة, وآخر (25) لغة، وأمّا مَن عرف لغتين -على الأقل- فهم كثير.
·       ورأيتُ أنَّ مَن ابتعد عن أولي الحُكم سلِمَ له دينُه, وسلمتْ له دنياه, وأنَّ من اقترب منهم صُلي بنارهم، وكُوي بأوارهم.
·       ورأيتُ ما هالني من تراث المسلمين, وما أصابه مِن نكبات لاسيما تفرُّقه في البلاد، وتشتته في المكتبات الخاصة والعامة, وسفره - طوعاً وكرهاً- إلى بلادٍ هو فيها غريبٌ في الشرق والغرب.
·       ورأيتُ من سعة العلوم, وتنوُّع الفنون, وتشعُّب الآداب ما يبهر الناظر، ويُعجب الخاطر, ومِن الممكن أنْ يُكتب معجمُ الأفكار التي دفعت المؤلِّفين إلى التأليف.
·       ورأيت في أثناء التراجم موضوعات كثيرة يُمكن أنْ تُستخرج, ويُجمع النظيرُ إلى نظيره, والشبيه إلى شبيهه, ويكون من ذلك مقالاتٌ ورسائل وكتب ممتعة
·       ورأيتُ مِن نفس المؤلِّف خير الدين الزركلي- رحمه الله- صفحة مشرقة, وأُعجبتُ بهمَّته وطريقته, وتثبته ودقته, وأسلوبه وكتابته, وصبره وجلده, وطول أناته.
·       ورأيتُ من اهتمامه بالمخطوطات وتتبُّعه لها ومعرفته بها واقتنائه لعدد كبير منها ما يدلُّ على أصالة في البحث، وجدِّية عميقة في النظر، ويُمكن أنْ يُكتب عن هذا بحثٌ كامل.
·       ورأيتُ مِن حفوله بالمصادر لإغناء الترجمة وتحقيقها وتمتينها ما يُخضع له، وقد أخذ ثبتُ المصادر(79) صفحة، انظر(8/273-352).
 
·       ورأيتُ أنَّ التجويد في الأعمال العلمية - وإنْ كانت قليلة- خيرٌ من الإكثار الخالي من الجهد والتجديد والتحقيق. 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين