بعض أوجه الاتفاق والاختلاف بين اليهودية والنصرانية

 

 

بعث الله سيدنا عيسى عليه السلام ليصحح ما أفسده اليهود في الدين، وليخلص اليهودية من السلبيات التي علقت بها بفعل اليهود أنفسهم، فهو نبي مرسل إلى بني إسرائيل، ودعوته موجهة لهم في المقام الأول، ولم تأخذ دعوة عيسى عليه السلام اتجاهاً مغايراً، ولم تسع إلى وضع دين جديد منافس لليهودية، واكتفت بالسعي لإصلاح اليهودية، لكن الأوضاع تغيرت بعد أن رفع الله سيدنا عيسى إلى السماء، وبدأ الفكر المسيحي بالتطور حتى استقل بنفسه وولد دين جديد سمي بالمسيحية. 

ونشب عداء بين أتباع الديانتين، والتاريخ حافل بالشواهد على ذلك، واستمر العداء قروناً طويلة حتى ظهرت البروتستانتية، التي كان من نتائجها أن رفعت القيود على التفسيرات التوراتية، فكان كل بروتستانتي حراً في دراسة للكتاب المقدس واستنتاج معنى النصوص التوراتية بشكل فردي، وهكذا وجدت اليهودية نافذة تطل على الفكر المسيحي، وأصبح التأويل البسيط هو الأسلوب الجديد في فهم الكتاب المقدس بعد أن هجر المصلحون البروتستانت الأساليب التقليدية الرمزية والمجازية" ولما اعتمد البروتستانت على الكتاب المقدس (العهد القديم كأصل) وآمنوا بوجوب التعامل الفردي المباشر مع نصوصه تاركين الأساليب المجازية التقليدية في تفسير هذه النصوص كان أول ما يفتحونه العهد القديم فتقع أعينهم على التنبؤات والوعود اليهودية فيفهمونها بحرفيتها دون تأويل ويعتقدون مضمونها، وبذلك تسربت الأدبيات اليهودية إلى صميم العقيدة والفكر المسيحي.

وظلت العلاقة في تحسن مستمر ومتنامٍ، حتى توَّجها بابا الفاتيكان بتبرئة اليهود من دم المسيح، وعززتها المصالح السياسية والاقتصادية.

وفما يلي عرض لبعض نقاط الاتفاق والافتراق بين الديانتين:

1) يؤمن اليهود بالعهد القديم فقط من الكتاب المقدس، بينما يؤمن النصارى بالكتاب المقدس كاملاً بعهديه القديم والجديد، وإن كانوا لا يلتزمون بتشريعات العهد القديم.

2) ينكر اليهود نبوة عيسى عليه السلام، بينما يعترف النصارى بنبوة موسى عليه السلام.

3) يؤمن اليهود بإله واحد (لكنه إله خاص بهم)، بينما يؤمن النصارى بالتثليث فهم يشركون مع الله الابن (عيسى )، والروح القدس ( جبرئيل ) وهو ما يسمّونه بالأقانيم الثلاثة.

4) نظرة اليهود ليوم الحساب يشوبها الغموض، وما يُفهم في خلاصة لها أن مملكة الله سوف تتحقق في الدنيا بمجيئ المسيح المنتظر الذي هو من نسل داود، وسوف يكون من إنجازه إيجاد النسل الداودي إلى الحكم في مدينة القدس، ويعيد بناء الهيكل المدمر، فالثواب والعقاب عندهم دنيوي، بينما يؤمن النصارى بالدينونة، حيث يعتقدون بأن الحساب في الآخرة سيكون موكولاً لعيسى ابن مريم لأن فيه شيئاً من جنس البشر ممّا يعينه على محاسبة الناس على أعمالهم .

5) تشترك الديانتان في وجود بعض الشعائر كالصلاة والصيام، مع اختلاف بينهما في الأداء والأوقات.

6) ليس في اليهودية تعميد ولا اعتراف، ولا صكوك غفران، ولا يعتقدون بوراثة خطيئة آدم الأولى كما هو الحال عند النصارى.

7) يحرم اليهود لحم الخنزير، ويوجبون الختان، بينما يحل النصارى لحم الخنزير ويحرمون الختان.

8) تعلي اليهودية من شأن المادية، وتهمل الروحانية، بينما تعلي النصرانية من الروحانية حتى ابتدعت نظام الرهبنة.

9) تقدم اليهودية نفسها كديانة قومية لبني إسرائيل، بينما تقدم النصرانية نفسها كديانة عالمية تبشيرية.

10) تسمح اليهودية بالطلاق وتعدد الزوجات، بينما تحرم ذلك المسيحية.

11) الشرائع والأحكام في اليهودية أوضح وأكبر منها في المسيحية التي غلبت الروحانية والطقوس على الشرائع والأحكام.

12) يقدِّس اليهود يوم السبت، بينما يقدس النصارى يوم الأحد.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين