بعد رفيق الحريري ووسام الحسن، من التالي؟؟

زكريا السيد عمر
 
باغتيال الرجل القوي (كما سمته الصحافة اللبنانية) يضيف بشار الأسد جريمة أخرى إلى سلسلة جرائمه الملتصقة به منذ اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري في 2005.
 
هذه السلسة الطويلة التي بدأت بالحريري والتي – وبناء على معطيات الواقع – لن تنتهي باغتيال (كاشف الاغتيالات) اللواء وسام الحسن الذي سجل آخر انجاز له فيما عرف بعد ذلك بقضية الوزير السابق ميشيل سماحة وشريكه المجرم علي مملوك.
 
لقد دفع الرجل ثمن إنسانيته وأدائه لوظيفته وبأمر مباشر من بشار، فكما يروي البعض، وبعد أن نطق سماحة باسم بشار في إحدى جلسات التحقيق، طار مدير مكتب الأمن القومي علي مملوك إلى سيده بشار وأخبره بالفاجعة فصدم الأخير وأصدر أوامره لشريك سماحة أن يضيف نقطة أخرى إلى سجل إجرامه ودمويته فوقع الاختيار على وسام الحسن على الرغم من وجود شركاء له في فريق التحقيق وعلى الرغم من وجود مسؤول له أعلى منه، ولكن كان قرار علي مملوك باختيار هذا الرجل ربما لأنه (رجل المهمات الصعبة) كما يسميه رفاقه وزملاؤه أو ربما لعلاقته القوية برئيس الوزراء السابق سعد الحريري ولربما لكلا السببين، ولأهميته كانت العملية الوحشية التي أودت بحياته بعد أن أحدثت في الأرض حفرة عمقها متر ونصف وبعد أن طار مسدسه إلى سطح بناية مجاورة.
 
الآن، رحل الرجل، ورحيله يؤشر على مدى تغلغل بشار وعصاباته في لبنان وفي الجهاز الأمني اللبناني، إذ وكما تروي الرواية، فالراحل لم يكن يُشاهد إلا في المناسبات العامة إضافة إلى أنه عاد من باريس قبل يوم واحد من اغتياله، والنقطة الثالثة وهي الأهم، أن الرجل غادر منزله في يوم الاغتيال لحضور اجتماع أمني استثنائي ومهم، وركز على كلمة استثنائي يعني طارئ، وفي الطريق قرر أن يختار طريقاً فرعياً بدلاً من الطريق الذي اعتاد سائقه سلوكه، فكيف إذن عرف هؤلاء المجرمين بعودته!! وكيف عرفوا بالطريق الذي سيسلكه!! وكيف عرفوا بخروجه أصلاً!!
 
بعض المحللين يرجعون نقطة المطار لكون حزب الله هو من يدير العمليات الأمنية في مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، إذن نقطة الطريق وحدها تكفي لتكشف لنا حجم الإجرام الذي تمارسه أذناب بشار وعلي مملوك في لبنان، وهذا شأن لبناني داخلي لن نخوض به، ولكن ألا يحق لنا أن نتساءل وبعد أن أصبحت قضية الحسن قضية دولية: لماذا يصر بشار على تصدير جرائمه إلى خارج سورية؟؟ لماذا يصر بشار على إشراك دول الجوار في الثورة السورية؟؟ ثم أين العالم الذي كان يحذرنا من الفوضى والحرب الأهلية!!
 
قبل أيام حذر رأس هرم الأمم المتحدة من حرب بالوكالة في سوريا!! ومن قبله وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون!! السؤال الذي يطرح نفسه: ألا يعد اغتيال الحسن رداً عملياً على تحذير بان كي مون وهيلاري كلينتون وغيرهما ولكن على أرض لبنانية؟؟
 
في الفترة الأخيرة كثر حديث أدعياء السلم والأمن عن الفوضى وصناعتها، وكيف أن البلد سيدخل في دوامة هيهات هيهات أن يخرج منها بمجرد رحيل الأسد، ولنفترض جدلاً صدق هذه الرواية فماذا نسمي إذن ما يحدث في لبنان؟؟ أم أنه شأن لبناني داخلي ؟؟
 
بُح صوت الثوار ومن يمثلهم وهم يطالبون بأسلحة تحميهم وتحمي شعبهم وبلدهم إلا أنه وكلما ازداد الطلب ازداد الرفض ضراوة وعناداً، والحجة هي حماية الشعب والبلد من الفوضى!! في الوقت الذي كانت شواطئ البلد تعج بالسفن الروسية - وعلى مرأى العالم وسمعه - تحمل الرجال والعتاد الذي لم يرسل فقط لقتل من يقول لا لبشار داخل سورية وإنما خارجها أيضاً.
 
بعملية اغتيال وسام الحسن الوحشية أراد هذا النظام الدموي إرسال رسالة قوية لكل من (تسول) له نفسه بالوقوف في طريق نظام الممانعة والمقاومة، والمتتبع لما يجري في سورية ولبنان يدرك أن الرسالة قد وصلت لجميع الأطراف المعنية التي بدأت تستعد لمرحلة ما بعد الحسن، فالسنة أرادوا إرسال رسالة مباشرة بحشدهم وحضورهم لمراسم تشييع الحسن بينما حلفاء بشار استغلوا الظرف وفتحوا نيران رشاشاتهم التي حصدت المزيد من الضحايا اللبنانيين.
 
اليوم، وبعد أن رقد وسام الحسن بجانب والد رفيقه رفيق الحريري والذي كان يشغل منصب مدير مراسمه عندما كان رئيساً للوزراء يبقى سؤال اللبنانيين والسوريين مفتوحاً على ساحة لبنانية مفتوحة: بعد رفيق الحريري وسام الحسن، من التالي؟؟

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين