العتاب والود

 

عشت تجارب كثيرة بالعمل التجاري والتطوعي مع السوريين ومع غيرهم وتعلمت شيئا مهما، وهو أن أنظر في العلاقة مع أي شخص نظرة بعيدة من خلال سؤال أسأله لنفسي:

هل أنا أريد الاستثمار في هذا الشخص بشكل دائم، وهل أرى العلاقة معه هي مكسب معنوي أو مادي لي وله ؟

 

ولو كانت الإجابة أن هذا الشخص هو استثمار مربح وأنه إضافة كبيرة لي وله، ويجب أن أدخل معه بعلاقة تمتد لسنوات طويلة، 

بالتالي سيكون أول قرار لي هو الصبر عليه وعلى أخطائه، واستخدام العتاب الرقيق معه كآلية لتصحيح العلاقة، والسكوت أحيانا عن بعض الأمور وتجاهلها، فالإنسان بُني على الخطأ وما دام رب العباد يغفر ويسامح فهذا هو الصحيح في التعامل مع البشر

 

ولكن قبل أن تقرر رفع مستوى العلاقة مع أي شخص ليكون استثمارا لك دائما، أُدخل معه بعدد من الاختبارات والتجارب، فالثقة تُبنى بين الناس حجرا حجرا حتى تصبح بيتا تستطيع أن تعيش فيه مع ذلك الصديق، وحتى لا يهدم هذا البيت بسهولة لو كان بني بسرعة

 

العثور على أشخاص مهمين تستثمر معهم وقتك وجهدك ومالك وعلاقاتك، هو قرار كبير ومهم وقدوتنا في هذا هو رسول الله فهو قد اختار صديقه أبو بكر من قبل البعثة حتى، وضم إليه عمر وخطط لذلك وكان يقول اللهم أعز الإسلام بأحد العمرين، وجعلهم وزراءه وتزوج من بناتهم، وأيضا زوج بناته لعثمان وعلي وجعلهم من المقربين منه يعينونه في الاقتصاد والحرب 

 

لقد كان صلى الله عليه وسلم يستثمر في هؤلاء الكبار استثمارا بعيد المدى وصبر عليهم وعاتبهم، وكانوا هم أيضا نِعمَ الصحبة والداعمين، وتابعوا ما أسسه من مشروع كبير ما زلنا حتى اليوم نستظل بخيره وعزه

 

وكما قال الشاعر:

إذا ذهب العتاب فليس ود

ويبقى الود ما بقي العتاب

 

فما رأيكم أحبتي هل ترون العتاب مفيدا ؟

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين