الحل السحري!!

الحل السحري يَسأل كلنا اليوم هل من حلول سحرية للخروج من واقعنا الصعب في هذه الثورة اليتيمة ؟؟؟ فبعد ثلاث سنوات من الثورة ثبت لدينا باليقين، أننا نواجه أزمة نقص في الكفاءات والقادة. نقص خطير في وجود أناس مخلصين مبدعين يقومون بإيجاد حلول إبداعية لمعالجة الأزمات المزمنة، ويقودون الناس للخروج من الواقع الذي نعاني منه.

وقد يظن البعض أنه سؤال محسوم الإجابة وأنه لا حلول سحرية ممكنة، بل ربما يقول البعض أنه لا يوجد حلول نهائيا في ظل وجود انقسام وتشرذم داخل الثورة وهجوم وترصد من خارجها. ولكن الجديد في هذه المقالة أنه حقيقة يوجد حل سحري، وهو: إيجاد قادة مميزين وإدخالهم في كل مؤسسات الثورة السياسية والعسكرية والإغاثية، بحيث يمكنهم حل المشكلات العويصة كالتي تواجهها الثورة، وطبعا سيملكون من المواهب والتأثير ما يجعل الناس تمشي وراءهم وتقتدي بهم.

ولكن السؤال الأهم هل هذه الكفاءات موجودة حقيقة ؟؟ من عدة أيام حضرت دورة علمية تتحدث عن منهجيات اكتشاف القادة وصناعتهم، ألقاها العالم المبدع في علم الإدارة والقيادة، الدكتور طارق السويدان، وهذه المحاضرة هي خلاصة مؤتمر علمي أقيم في أوربا شارك به الدكتور طارق، وطرح فيه نظرية جديدة في علم اكتشاف وصناعة القادة.

ومما وصل له المؤتمر أن دراسة علمية، استقصت رأي 2600 منظمة حول العالم، وسألت 1860 خبير دولي ووصلت لنتيجة واضحة أن 78% من المؤسسات حققت نجاحات كبيرة بسبب أساسي وهو وجود قادة أقوياء فيها، و 6% من المؤسسات حققت نجاحا مع عدم وجود قائد قوي فيها. ونخلص لنتيجة واضحة أن الإنسان القائد والمميز هو الذي شكل الفرق، فالمؤسسات التي استقصيت تمتلك كل الإمكانيات البشرية والمادية بشكل متساوي، ولكن بسبب وجود قائد فذ حققت نجاحا كبيرا فاق المؤسسات الأخرى بنسبة 70%.

وقد حدد العلماء لهذا القائد القوي صفات علمية دقيقة يمكن قياسها، ومن أقوى الدراسات في هذا المجال دراسة قام بها اثنان من العلماء الأمريكان استمرت 15 سنة، سألوا فيها عشرات الآلاف من الإداريين في كل العالم، حول الصفات الأهم في القائد وقام بترتيبها حسب الأهمية، ووصلوا لنتيجة مذهلة وهي أن أهم صفات القائد هي: (الصادق الأمين)، وطبعا لم يكونوا يعرفون المعجزة أن هذه هي صفة سيدنا محمد حتى قبل أن يبعث بالرسالة حين كانت قريش تناديه بها.

وفي العصر الحالي أراد العلماء تطبيق نظرياتهم لاكتشاف القادة في أمريكا فقاموا بدراسة إحصائية بالاسم لكل الشعب الأمريكي لمعرفة من هم القادة فيه، فوجدوا أن خمسة مليون فقط هم من يقودون كل مؤسسات أمريكا ويصنعون لها كل هذا المجد. وهذه النسبة تشكل 2% من عدد سكان أمريكا، ووصل العلماء أن هذه النسبة موجودة في كل المجتمعات في العالم، ولكن الفرق أن تكون مكتشفة ومقدمة، أو مهمشة ومحاربة.

وقد ذكر الدكتور طارق أنه قام بدراسة في السيرة النبوية فوجد أن من هاجر من مكة إلى المدينة كانوا فقط 150 شخصا، ولكن هؤلاء النخبة كان قد دربهم رسول الله 13 سنة في مكة على أعلى مستوى، واكتشفت الدراسة أيضا أننا نعرف من الصحابة بالاسم 2500 صحابي فقط (ذكرت قصصهم أو رووا أحاديث) بينما حضر حجة الوداع 120 ألف صحابي أغلبهم أناس عاديين لا نعرف عنهم شيئا. إذن من صنع الفرق هم نسبة قليلة من الصحابة رباهم رسول الله واكتشف مواهبهم، وجعلهم جاهزين إيمانيا وعقليا لكي يقيم بإبداعهم وجهودهم دولة إسلامية فتحت فارس والروم بزمن قياسي جدا، وأصبحوا من أكبر دول العالم اقتصاديا وعلميا. يا قومي نحن اليوم بحاجة ماسة للإنسان الكفء والقائد، فيجب أن نكتشفه ونقيسه بالقياسات العلمية الدقيقة لنجد هل هو مناسب لتولي المسؤولية فورا، أو يحتاج لبعض التدريب والتأهيل المناسب له لاستكمال مهاراته، وكل هذا أصبح له اليوم علوم دقيقة ومعتمدة عالميا، فمن يبادر لتولي هذه المهمة الإنقاذية، للعثور على أناس من المؤكد أنهم موجودين بيننا، ولكننا لم نحملهم المسؤولية، ونقوم فورا بضخ هذه الدماء الجديدة في عروق ثورتنا، فهؤلاء النخب هم القادرين على إخراجنا من مشاكلنا من خلال إبداع حلول جديدة للخروج من الأزمة التي تعصف بنا.

ننادي اليوم كل السوريين في داخل سورية وخارجها، أنقذونا بنخبة صادقة مؤهلة، وبعدها يجب أن نقدمهم فورا لتولي المناصب والمسؤولية، ونخرج من عقدة أنني أول من خرجت في الثورة إذن لابد من أن أكون في كل منصب وكل مسؤولية، بينما الحق أن يكون لك مكانك، ولكن تُقدم المؤهل والمبدع والذي يملك الإخلاص والإيمان، ولو بدأ البعض منا تطبيق هذه المبادرة في مؤسسته أو مجموعته أو كتيبته فسيقتدي بهم الناس، وحينها يبدأ السيل بالتشكل والنهر بالجريان.

هذا هو الحل السحري والوحيد، فقد قال الحكماء: من صنع المشكلة لا يمكن أن يكون هو نفسه من سيحلها ... فهل من سامع ... وهل من مدكر. 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين