أفضل الكلام وأحبه إلى الله-7-

 

(ثانيًا)

الحمد لله (1/6)

 

 

(1)

أحبُّ الكلام إلى الله

 

عن سمرة بن جُندب قال:

 

قالَ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: "أحبُّ الكلامِ إلى اللهِ أربعٌ: سبحانَ اللهِ، والحمدُ للهِ، ولا إلهَ إلا اللهُ، واللهُ أكبرُ. لا يَضرُّك بأيِّهنَّ بدأتَ. ولا تُسمِّينَّ غلامَكَ يَسارًا، ولا رَباحًا، ولا نَجيحًا، ولا أفلحَ، فإنك تقولُ: أثَمَّ هُوَ؟ فلا يكونُ، فيقولُ: لا". 

إنما هنَّ أربعٌ . فلا تزيدنَّ عليَّ . 

 

صحيح مسلم (2137).

 

قالَ الإمامُ النوويُّ رحمَهُ الله: هذا محمولٌ على كلامِ الآدمي، وإلا فالقرآنُ أفضل. وكذا قراءةُ القرآنِ أفضلُ من التسبيحِ والتهليلِ المطلق. فأما المأثورُ في وقتٍ أو حالٍ ونحوِ ذلك، فالاشتغالُ به أفضل. والله أعلم( ).

وكذا قالَ القاضي البيضاوي: الظاهرُ أن المرادَ من الكلامِ كلامُ البشر( ).

قلت: المقصودُ من الكلامِ معناهُ ومضمونه، فعندما تقول: هذا كلامٌ حسن، تقصدُ معناه. فيبقَى الكلامُ على ظاهره، وهو أن تنزيهَ الله تعالَى وشكرَهُ أفضلُ ما يُقالُ ويُعتَقد. والله أعلم.

 

 

(2)

أفضل الدعاء

 

عن جابر بن عبدالله رضيَ الله عنهما قال:

 

سمعتُ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّمَ يقول: "أفضلُ الذِّكرِ لا إله إلّا الله، وأفضلُ الدعاءِ الحمدُ لله".

 

سنن الترمذي (3383) وقال: حديثٌ حسنٌ غريب، سنن ابن ماجه (3800) ولفظهما سواء. وحسَّنهُ في صحيح الجامع الصغير (1104).

 

جمعَ القرطبي بما حاصله: أن هذه الأذكارَ إذا أُطلِقَ على بعضها أنه أفضلُ الكلامِ أو أحبُّهُ إلى الله، فالمرادُ إذا انضمَّتْ إلى أخواتها، بدليلِ حديثِ سمرة عند مسلم: "أحبُّ الكلامِ إلى الله أربع، لا يضرُّكَ بأيِّهنَّ بدأت: سبحان الله، والحمدُ لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر". ويحتملُ أن يُكتفى في ذلك بالمعنَى، فيكونُ من اقتصرَ على بعضها كفي؛ لأن حاصلها التعظيمُ والتنزيه، ومن نزَّهَهُ فقد عظَّمه، ومن عظَّمَهُ فقد نزَّهه( ).

قالَ المباركفوري رحمَهُ الله: أفضلُ الذكرِ "لا إله إلا الله" لأنها كلمةُ التوحيد، والتوحيدُ لا يماثلهُ شيء، وهي الفارقةُ بين الكفرِ والإيمان، ولأنها أجمعُ للقلبِ مع الله، وأنفَى للغير، وأشدُّ تزكيةً للنفس، وتصفيةً للباطن، وتنقيةً للخاطرِ من خبثِ النفس، وأطردُ للشيطان( ).

وأفضلُ الدعاءِ الحمدُ لله: قالَ السيوطي رحمَهُ الله مختصرًا من الطيبي: إنما جُعِلَ الحمدُ أفضلَ الدعاء؛ لأن الدعاءَ عبارةٌ عن ذكرِ الله، وأن يطلبَ حاجته، والحمدُ لله يشملها، فإن من حمدَ الله إنما يحمدهُ على نعمة، والحمدُ على النعمةِ طلبُ مزيد، قالَ تعالى: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} [سورة الرعد: 7] ( ).

 

(3)

اصطفاء كلام

 

عن أبي سعيد الخدري، وأبي هريرة:

 

عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ قال: "إنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ اصطفَى من الكلامِ أربعًا: سُبحانَ اللهِ، والحمدُ للهِ، ولا إِلهَ إلَّا اللهُ، واللهُ أكبرُ". 

قال: "ومَنْ قال: سُبحانَ اللهِ، كُتِبَتْ لهُ بها عشرونَ حسَنةً، وحُطَّ عنهُ عشرونَ سيِّئة. ومَنْ قال: اللهُ أكبرُ، فمِثلُ ذلك. ومَنْ قال: لا إِلهَ إلَّا اللهُ، فمِثلُ ذلك، ومَنْ قال: الحمدُ للهِ ربِّ العالَمين، مِن قِبَلِ نَفْسِه، كُتِبَتْ لهُ بها ثلاثونَ حسَنةً، وحُطَّ عنهُ بها ثلاثونَ سيِّئة".

 

رواهُ أحمد في المسند (8079). وصححهُ في صحيح الجامع الصغير (1718).

 

(4)

أحَبُّ من الدنيا

 

عن أبي هريرةَ قال:

 

قالَ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: "لَأنْ أقولَ: سُبحانَ الله، والحمدُ لله، ولا إلهَ إلّا الله، والله أكبر، أحبُّ إليَّ ممّا طلعتْ عليه الشمس".

 

صحيح مسلم (2695). 

 

ممّا طلعتْ عليه الشمس: أي من الدنيا وما فيها من الأموالِ وغيرها( ).

 

(5)

ما أثقلهنَّ في الميزان!

 

عن أبي سلّام قال: حدَّثني أبو سُلمَى راعي رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، ولقيتهُ بالكوفةِ في مسجدها، قال: 

 

سمعتُ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّمَ يقول: "بَخٍ بَخٍ - وأشارَ بيدِه بخَمْسٍ - ما أثقَلَهنَّ في الميزان! سُبحانَ اللهِ، والحمدُ للهِ، ولا إلهَ إلَّا اللهُ، واللهُ أكبَرُ. والولَدُ الصَّالحُ يُتوفَّى للمرءِ المسلمِ فيَحتسِبُه".

 

صحيح ابن حبان (833)، وصحح الشيخ شعيب إسنادَهُ على شرطِ الشيخين، المستدرك على الصحيحين (1885) وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. واللفظُ للأول.

 

(6)

أيسر وأفضل

 

عن سعد بنِ أبي وقَّاص:

 

أنَّه دخَل مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على امرأةٍ في يدِها نوًى أو حصًى تُسبِّحُ، فقال: "ألَا أُخبِرُكِ بما هو أيسَرُ عليكِ مِن هذا وأفضَلُ؟ سُبحانَ اللهِ عددَ ما خلَقَ في السَّماء، وسُبحانَ اللهِ عددَ ما خلَقَ في الأرض، وسُبحانَ اللهِ عددَ ما هو خالق. واللهُ أكبَرُ مِثْلَ ذلك. والحمدُ للهِ مِثْلَ ذلك. ولا إلهَ إلَّا اللهُ مِثْلَ ذلك. ولا حَوْلَ ولا قوَّةَ إلَّا باللهِ مِثْلَ ذلكَ".

 

صحيح ابن حبان (837)، وصحح الشيخ شعيب إسنادَهُ على شرطِ مسلم، المستدرك على الصحيحين (2009).

 

والله أكبرُ مثلَ ذلك: بنصبِ "مثلَ"، والتقدير: اللهُ أكبرُ عددَ ما خلقَ في السماء، واللهُ أكبرُ عددَ ما خلقَ في الأرض... ( ).

 

(7)

أكثر وأفضل

 

عن أبي أُمامةَ الباهلي:

 

أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مرَّ به وهو يُحرِّكُ شفتَيْه، فقال: "ماذا تقولُ يا أبا أُمامة"؟  قال: أذكرُ ربِّي. 

قال: "ألَا أُخبِرُكَ بأكثرَ أو أفضلَ مِن ذكرِكَ اللَّيلَ مع النَّهار، والنَّهارَ مع اللَّيل؟ أنْ تقول: سُبحانَ اللهِ عددَ ما خلَق، وسُبحانَ اللهِ مِلْءَ ما خلَق، وسُبحانَ اللهِ عددَ ما في الأرضِ والسَّماء، وسُبحانَ اللهِ مِلْءَ ما في الأرضِ والسَّماء، وسُبحانَ اللهِ عددَ ما أحصَى كتابُه، وسُبحانَ اللهِ عددَ كلِّ شيء، وسُبحانَ اللهِ مِلْءَ كلِّ شيءٍ. وتقولُ الحمدُ للهِ مِثْلَ ذلك".

 

صحيح ابن حبان (830) وصحح الشيخ شعيب الأرناؤوط إسنادَهُ على شرطِ الشيخين، صحيح ابن خزيمة (754).

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين