أبياتٌ في الحِكَم

 

نقلها قدري مكانسي من كتابه ( الشعر العربي في الفتوحات العثمانية )
 
قد يخص الشاعر محمود سامي البارودي الحكمة بقصيدة كاملة [1] :
 
بادر الفرصة واحـــذر فوتها      فبلوغ العزِّ في نيـــل الفرصْ
      واغتنم عمـــرك إبَّان الصبـا     فهو إن زاد مع الشيب نقصْ   [2]

 

      تارة تدجـــو وطوراً تنجــلي     عادة الظـــل ســـجا ثمَّ قلـصْ   [3]

 

       لن ينال المرء بالعجز المنى     إنما الفـــوز لمـــن هـمَّ فنصّْ   [4]

 

       يكـــدح العــــاقل في مـــأمنه     فإذا ضـــاق به الأمر شخص [5] 
       وليكن ســعيك مجــــداً كلـــه     إن مرعى الشر مكروه أحصّْ [6]
        ميِّز الأشياء تعرفْ قدرهـــــا    ليست الغرَّة من جنس البرص  [7]

 

        واجــتنبْ كل غبــي مـــائقٍ     فهـــو كالعَيــــر إذا جــد قمـَـص [8]
 

 

        وفي قصائد الرصافي كثير من الحكم ينثرها كما تنثر الدرر ، منها [9] :
 
          لاعذر للمسلمين اليوم إن وهنوا     في هوشة ذلٍّ فيها كل من وهنا [10]

 

 
أما شوقي فهو بحق شاعر الشعراء وأميرهم ، والحكم التي يزجيها أميرة ما يقوله الشعراء من حكم ، فما من قصيدة إلا والحكمة زينها ويتيمة عقدها ، فهو يبدأ قصيدته (صدى الحرب ) بعدة حكم منها [11] :
 

 

           ولـــم يتكلَّـف قومك الأســـدُ أهبـــة     ولكنَّ خلقاً في الســباع التأهُّـبُ

 



[1]   ديوانه ص / 296 .
[2]   المعنى مأخوذ من الحديث النبوي : اغتنم خمساً قبل خمس : .... شبابك قبل هرمك ...
[3]   تدجو : تُظلِم والمراد : تسوء   ،   تنجلي : تنكشف وتتضح ، سجا : امتدَّ وسكن ودام ، قلص : تقلص ونقص وانزوى .
[4]  نصَّ : أنفذ ما أراده وحرَّكه
[5]   شخص : ارتحل وهاجر ، والمراد : يعمل الإنسان في بلده فإذا ضاق به العيش ارتحل إلى مكان آخر يعمل فيه .
[6]   الأحص : المشؤوم الوبيل الذي لا خير فيه ، حص الشعر : تساقط وتناثر .
[7]   الغرة : بياض مستحسن في جبهة الفرس ، والبرص بياض يظهر في ظاهر البدن لفساد مزاج ، وهو من الأدواء البشعة والمعنى : إن على الإنسان أن يقدِّر الأمور ويمحصها ليصل إلى الصواب .
[8]   الغبي : سيئ الخلق ، المائق : الأحمق ، العير : الحمار ، وقَمص العيرُ : اضطرب في سيره واستنَّ : وهو أن يرفع يديه ويطرحهما معاً ، ويعجن برجليه .
[9]   ديوانه ص / 489 . من قصيدة ( الوطن والجهاد ) .
[10]   الهوشة : الفتنة و الهياج والاضطراب ، أراد الشاعر أن يحارب المسلمون حرباً عامة .
[11]   ديوانه ص 42 .


 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين