قال الله تعالى:" ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون"
في بعض كتب التفسير أن معناها ظهر الجدب والقحط والغلاء الشديد وذهاب البركة وكثرة المضار التي تلحق الناس والدواب لانقطاع المطر وقلته، وهذا ليس فسادا وإنما هو عقوبة من الله بسبب الفساد.
وفي بعضها: ظهرت المعاصي في بر الأرض وبحرها بكسب أيدي الناس. وهذه الآية نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم والمعاصي متكاثرة بين الناس وأمرها معلوم للقاصي والداني، ولا أظن أن الآية لبيان ذلك المبين، فإن هذا ليس فيه فائدة جديدة كونه معلوما قبل نزول الآية، وقد بدأ الفساد منذ وسوسة إبليس لآدم وإخراجه من الجنة، والذي أراه أن معنى ظهور الفساد ليس ما ذكر وإنما ظهور الفساد بشكل قوانين تحكم سلوكيات الناس بحيث يكون اقتراف المعاصي مشفوعا بقوانين تعين عليه، وليس مجرد اقتراف المعاصي، ولما ظهر الفساد بالطريقة التي ذكرتها آنفا وقع المحذور بالناس فأصابهم ما لم يتوقعوه من الجدب والغلاء والفقر ونحوها وكل ذلك من أجل أن يفيقوا ويرجعوا إلى الفطرة السليمة التي لا ترضى أبدا بتقنين المعاصي.
والذي يدل على هذا أمور:
الأول: أن "ظهر الفساد" ليس حكاية حال ماضية لأن الحال معلومة بينة وليس هناك داع لبيانها
الثاني: أن قوله" ليذيقهم بعض الذي عملوا" إنما هو إخبار عن حالة ستكون ولو كانت عن حال ماضية لقال فأذاقهم الله
الثالث: أن اللام في ليذيقهم هي لام التعليل وجوّز بعضهم أن تكون هي لام العاقبة أو الصيرورة ليكون المعنى على نحو قوله عن موسى عليه السلام" فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا" فإذا كان هذا صحيحا فإن الجملة من أول الآية إلى هنا تكون في حكاية الحال الماضية وما بعدها ينبغي أن يكون على طريق الالتفات لأن تحققه واقعا غير مكن.
الرابع: أن قوله "لعلهم يرجعون" ليس عمن مضى بدليل كونه فعلا مضارعا، وهو بفيد الحال والاستقبال ولا يفيد المضي، ثم كيف يرجع من اقترف فسادا ثم مات وجاء عنه الخبر بهذه الجملة الفعلية وفعلها مضارع؟
هذا رأي للمطارحة والحوار
نسأل الله السلامة
التعليقات
يرجى تسجيل الدخول