وفاة الخطيب المفوه الشيخ أحمد قطان

توفي اليوم الخطيب المفوه والداعية البارع الشيخ أحمد بن عبد العزيز القطان الكويتي عن ست وسبعين عاما فخسرت الكويت بموته رجلا فذا من رجالها الذين رفعوا اسم الكويت عاليا حتى صاروا من رموزها ومعالمها وكيف لا وقد تجاوز الفقيد الجليل حدود قطره واشتهر في بلاد المسلمين بخطبه المؤثرة ودفاعه عن المسجد الأقصى وعرف بحرقته الشديدة على أحوال المسلمين وسعيه في نصرة المظلومين وتعرية الطغاة المجرمين حتى استحق لقب (كشك الخليج).

ولد الشيخ بالكويت سنة ١٩٤٦ ونشأ شاعرا محبا للغة والأدب فسعى بعض الشيوعيين إلى استقطابه واستدراجه وطبعوا له ديوانا ولكن الله أنقذه من براثنهم حين دعاه صديق إلى أن يمضي معه للصلاة وراء الشيخ العلامة المربي الشيخ حسن أيوب الازهري المصري صاحب كتاب السلوك الاجتماعي في الإسلام وغيره فلما سمع خطبته انشرح صدره وزالت غيايات الضلالة من قلبه وتعلق بالشيخ وأخذ عنه وسمع أشرطة دروسه وخطبه وأكمل تعليمه في معهد المعلمين وعين بمدرسة ثانوية مدرسا ثم مديرا وسخر موهبته الخطابية والأدبية في خدمة الدعوة الإسلامية واشتهر بخطبه البليغة المؤثرة واهتم بقضايا الأمة الكبرى وعرف بخطيب منبر الدفاع عن الأقصى وكانت له خطبة شهيرة في عام ١٩٨٢ في كشف جرائم حافظ الاسد والفظائع التي تجري في المعتقلات.

من رأى الشيخ أحمد من بعيد هابه ولكن من خالطه ورأى بشاشة وجهه وكرم ضيافته وتواضعه لمن هو دونه وحضور بديهته وحلاوة حديثه وتعلقه بالله وحرصه على الدعوة وحبه لرسول الله صلى الله عليه وسلم وزهده في الدنيا وإعراضه عن بهارجها فسيحبه وتذكره رؤيته بالله تعالى.

ولقد شرفني فحضر قبيل أربعة أشهر تقريبا درس الفقه الذي يلازمني فيه ابنه الحبيب الشيخ عبد الله وثلة من الفضلاء بمسجد أرض المعارض فاستمع إلي واختصرت الكلام ثم طلبت منه أن يشنف آذاننا فذكرنا بالله والجنة والنار ووقف عند بعض كلمات الآيات يتلمس إعجازها ومناسبة تركيبها وجرسها للمعنى فخشعت القلوب ورقت الأفئدة وارتقى بالأرواح لتسبح في ملكوت الله.

إن الأمة بحاجة إلى أمثال هؤلاء الموصولين بالله تعالى الذين تكون كلماتهم نورا وبركة تخالط شغاف القلوب وتنقذ الناس من الغفلات وتخرجهم من الظلمات إلى النور. رحم الله الشيخ أحمد رحمة واسعة وأجزل مثوبته وأعلى في الصالحين المصلحين درجته وعظم الله أجر أبنائه وأحبابه وعوض الأمة خيرا بمنه وكرمه آمين...إنا لله وإنا إليه راجعون..

وكتبه الأسيف

أحمدزاهر سالم