وثيقة الأمم المتحدة لمنع العنف ضد المرأة


د. وصفي عاشور أبو زيد
 
في الأيام الماضية، وفي الفترة من 4- 15 مارس 2013م عقدت لجنة مركز المرأة بالأمم المتحدة مؤتمرا لإقرار وثيقة بعنوان (إلغاء ومنع كل أشكال العنف ضد النساء والفتيات)، وهذا المؤتمر سبقته محاولات لنزع وثيقة من مكتب فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر؛ لتكون مادة يعمل عليها من كانوا أدوات في أيدي النظام السابق، ولتصبح إنجازا يتخايلون به، ويقدمونه قرابين وعرابين لجلب الدولارات، أو وفاء بدولارات سابقة، وأخذت كبيرتهم موافقة من مكتب شيخ الأزهر بالفعل على وثيقة تحتوي على شنائع وفظائع تخالف الشريعة الإسلامية جملة وتفصيلا.
 
ويكفي فقط أن يعرف القارئ الكريم أن من بنود هذه الوثيقة:
جعل المرجعية في قضايا المرأة والأسرة احتياجات الناس والمعارف العلمية والاجتماعية دون الشريعة الإسلامية، وأنه يحرم على المرأة أن يقتصر دورها داخل الأسرة فقط، ووصف دورها الذي تقوم به داخل الأسرة بالوظائف الجسدية للمرأة.
 
وأن للفتاة الحرية الجنسية الكاملة في تحديد نوع نفسها، واختيار الشريك الذي ستحيا معه سواء كان رجلا أو امرأة، وتيسير وسائل منع الحمل للفتيات والمراهقات، وتدريبهن عليها، وتوفير وسائل الإجهاض تحت اسم الحرية الجنسية والشخصية.
 
إلغاء "قوامة الرجل" في الأسرة باسم المساواة بين الرجل والمرأة، وإشراك الرجل في المهمات التي تقوم بها المرأة وتختص بها، وإعطاء الحق للزوجة أن تشكو زوجها إذا وطأها بغير رضاها، ومساواة ذلك بجريمة الاغتصاب، ويوقَّع على الزوج عقوبة الاغتصاب من حبس وغرامات مالية وغير ذلك.
 
المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة في الميراث وإلغاء التعدد والعدة، والولاية في الزواج، والمهر، وإباحة أن تتزوج المسلمة بغير المسلم، وإعطاء الحق للأطفال أن يقدموا شكاوى في آبائهم وفصلهم عنهم، ومن ثم تدمير الأسرة، وكل هذا باسم المساواة، وإلغاء أشكال التمييز ضد المرأة.
 
إن هناك مصائب كبيرة ومخالفات صارخة وصريحة للشريعة الإسلامية، وللأعراف العربية والإسلامية المستقرة لدى أمتنا احتوت عليها هذه الوثيقة التي يراد لها أن تفرض على بلادنا، وتحكم بها المرأة المسلمة، وهذا ما لن يكون أبدا بإذن الله.
 
فلما اطلع عليها مجمع البحوث الإسلامية قابلها بالرفض، وسعوا – واضعو الأولى - إلى إصدار وثيقة جديدة تخف فيها المخالفات، ولكن تبقى فيها معانٍ وألفاظٌ وعبارات مطاطة لا تمنع مخالفات الشريعة من التسرب من هنا أو هناك.
 
واليوم يراد للوثيقة الأولى أن تُقر أو يوافق عليها، أو تقوم الهيئات الأممية بفرضها على المجتمعات الإسلامية، ومحاولة صب المرأة العربية والمسلمة في قالب المرأة الغربية، بما ينزع المرأة المسلمة من دينها، ويبعدها عن فطرتها، ويجعلها ندًّا للرجل بما يهدد أمن الأسرة واستقرارها، ومن ثم استقرار المجتمع والأمة.
 
ولا شك أن الإسلام يكرم المرأة ويرفض العنف ضدها، ويقدر مكانتها: أما وأختا وزوجة وبنتا، وجدة وحفيدة، فلا يوجد دين سماوي أو قانون أرضي كرم المرأة وصان كرامتها، كما هو الحال في الإسلام.
ويجب أن نفرق بين الإسلام بمبادئه وحقائقه وطبيعته، وبين من يمارسون الإسلام أو يطبقون الإسلام؛ لأنه لا يجوز – في التصور الصحيح – أن يَحْمل الإسلام مسئولية أخطاء المسلمين ولا خطاياهم، فالإسلام حاكم لا محكوم، ومتبوع لا تابع.
 
إنه يجب على الجهات التي تتبنى هذه الوثائق المشبوهة أن تكف عن سعيها، وأن تعترف فعلا بأن المرجعية للشعب، والنواب الذين أتى بهم الشعب، والدستور الذي أقره الشعب، ولا يتحدث باسم الشعب رموز النظام السابق الذين عينهم الرئيس المخلوع وزوجه.
 
كما ينبغي على كل المؤسسات والهيئات المعنية أن تقف حائط صد أمام هذه المحاولات البائسة واليائسة التي تريد أن تفرض إرادة الهيئات الغربية على ديننا وأعرافنا وتقاليدنا، فمجتمعاتنا لها أديان وأعراف لابد أن يحترمها المجتمع الدولي، ولابد أن يقف عندها هؤلاء المخربون.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين