في أحد
المجالس الأحسائية العامرة وبين العشائين أمس والتي اعتاد أهل هَجَرٍ على إقامتها
منذ زمن بعيد في مختلف الأوقات والأيام على مدار الأسبوع طوال شهور السنة ليضفي
على مجتمعاتهم البهجة والسرور ويضيف على مجالسهم السعادة والحبور وتعمر قلوبهم
بالانشراح والطمأنينة حيث ينثال الأنس طبيعةً دون تكلُّف، وينداح الود سجيَّةً
دونَ تصنُّع، وينهمرُ البشر ُ طلاقةً بالمحيَّا وما أندى اللقاء ودَّاً مرتسماً
بشاشةً في الوجوه، وسماحةً في الأنفس، وجمالاً في القلوب، ليسَّاقط الحبُّ قطراً
صيِّباً مترعاً بالمشاعر الإنسانية منهمراً بماء النقاء الذي يتطاير رذاذه سلسلاً
عذباً لينعش الجميع وتنتعش المشاعر كأنَّ غيث السماء هطل عليها بخيره وبشره وريِّه
وروِّيه ونقائه وصفائه لتتبلل القلوب بأعذب الود، وترتوي الأحاسيس بأندى الوصال، وتتندى
الأرواح بطيب اللقاء، لينعكس ذلك على الحياة كلها صفاءً في القلوب، ونقاءً في
الأفئدة، و سلامة في الصدور، وجمالاً في الأرواح، ليتبدى التواصل في هاتيك الربوع
في أرض هَجَر رياضاً نضرة كالنَّخيل فيها، ويتجلَّى مرآهُ واحاتٍ لمياء خضرةً
وبهاءً… أنساً ووداداً، هو ما لمسته في مجلس أخي الحبيب الشيخ
الفاضل محمد النافع حفظه الله في داريته الأسبوعية الأحد بين العشائين وهكذا في كل
مجالس الأحساء التي عايشتها وألفتها وأحببتها وأنست بها وارتويت من عذوبتها.
وياللنعيم
إن كانت الدنيا هكذا مخضبةً بالمشاعر… مندَّاةً بالأحاسيس، ريانةً بالود… عامرةً بالنقاء! أي والله وما أطيبها وأزكاها الحياة إن كانت كذلك! ثم
أليست هذه صفة الجنة بلا ضغينةٍ ولا غلٍ ولا إحن !؟
بلى اللهم
اجعلنا من أهلها وممن صبغتهم كذلك
أعوذ بالله
من الشيطان الرجيم: { وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ
غِلٍّ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ ۖ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي
هَدَانَا لِهَٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ } الأعراف ٤٣
وكان
المجلس إذ ذاك عامراً برجالات الفكر والأدب والثقافة والطب
وبادرني
أحد رواده الأكارم ولم يذهب للجبل قبل بقوله: !
ماشاء الله
على هذه الصور الجميلة مع الشروق من فوق الجبل !
ويا لهُ من
جبلٍ ساحر حتى سحرك !!؟وسحرنا معك بصورك التي نستمتع بها عنه !
حقاً إنها
جدُّ جميلةٌ ثم أردف
أين يقع
هذا الجبل ؟!
وهل هناك
شيءٌ مكتوبٌ عليه!؟
فتأمَّلت
مليَّاً فيما قاله!؟؟!وكأنَّ الله ساقه لي
فأجبته
ابتداءً عن موقع الجبل …
ولكن سؤاله
الثاني
أيُّ شيءٍ
مكتوبٍ عليه أثارني؟!
وأجال في
مشاعري الكثير الكثير! لأقول له بسرعةٍ وبداهة أجل مكتوبٌ على هذا الجبل أحلى كلام…
ومنقوشٌ
على جدرانه أعذب بيان…
ومخطوطٌ
على قمته أعظم قول….
ومنسوجْ
حوله أبهى نسيج بساطاً مخملياً من النَّخيل مطرَّزاً منقوشاً به مختوماً بكلامٍ
الجليل …
وسؤالك في
محله وفي غاية الإثارة
لأجيبه
بسرعةٍ وبداهةٍ
مكتوبٌ على
ذؤابته.. وعلى كل أروقته واستطالاته! وعلى جميع جدرانه وميازيبه ! وعلى مختلف
مشاهده ومناظره! وفي أعلى سماواته وفضاءاته! :
أعوذ بالله
من الشيطان الرجيم: {هَٰذَا خَلْقُ اللَّهِ
فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ}
هو ما رأيت
وقرأت… وهو ما أبصرت وشاهدت من على قمة هذا الجبل وفي كل جزءٍ
فيه
لأقول بكل
خليةٍ من خلايا جسدي وأهتف مع كل خفقةٍ تجول في خافقي، وألهج مع كل نبضً يتهادى في
أعماقي
لا إله إلا
الله وجل الخالق بما صنع وتبارك الله أحسن الخالقين
والحمد لله
رب العالمين
التعليقات
يرجى تسجيل الدخول