نصيحة ربانيَّة من عالم نوراني

بسم الله الرحمن الرحيم

 

في زيارة لشيخنا العالم الصالح الأستاذ الدكتور محمود فجَّال (الحسيني نسبًا)، الذي وافته المنيَّة يوم الخميس 13 من ربيع الأول 1437هـ بالرياض، عن 79 عامًا، تغمَّده الباري برحَماته..

 

قلتُ له: ما شاء الله، امتنَّ الله عليكم شيخنا بتصنيف كتب كثيرة، ليس فيها إلا نفيسٌ في موضوعه، جليلٌ في مادَّته، مُحكَم في سَبكه وعبارته.

 

فقال لي:

(أسأل الله تعالى القَبول... 

وأنصحك يا ابني أن تجعلَ رضا الله نصبَ عينيك في كلِّ ما تكتب، فأنا لم أكتب شيئًا طلبًا لشهرة ولا لثناء، ولكنِّي كتبتُ ما كتبت طمعًا بالأجر والمثوبة من الله وحدَه.. فما فائدة أن تكونَ بين الناس مشهورا، وعند الله مذمومًا محقورا !

 

وقد تعلَّمت من والدي [يوسف فجَّال] عليه رحمات الله درسًا لا أنساه:

كنت تولَّيت الخَطابة في حلب وأنا شابٌّ صغير.. 

كان والدي يحضُر خطبي، وكان الناس عقب صلاة الجمعة يُقبلون عليَّ يسألونني ويستشيرونني، وبعضُهم يقبِّل يدي...

ونظرت فرأيتُ والدي واقفًا من بعيد يرمقُني ويتأمَّلني...

 

فلمَّا خرجنا من الجامع، وخَلا بي قال:

يا ابني العُجبَ العُجبَ، والكِبرَ الكِبرَ [أي احذَر العُجبَ والكِبرَ]

فما دخل العُجبُ نفسًا إلا أهلكها..

إن ماء المطر دائمًا ما يصل إلى الأرض المنخفضة الوطيئة، أما الأرضُ المرتفعة العالية فلا تمسك منه شيئًا..

يا ولدي لا يغرنَّك إقبالُ الناس عليك، وانحناؤهم لتقبيل يدَيك، فليست الشُّهرة هنا ولكنَّها هناك في السماء، ولن يفيدَك أن تكونَ في الدنيا مشهورا وفي السماء مجهولا !).

 

اللهم تغمَّد برحمتك الواسعة شيخنا الحبيب محمود فجَّال

مَن كان أبًا حانيًا، ومعلِّمًا حَدِبًا مُشفقًا

كم سأفقد أنسَك ولطفَك..

ولكنَّ عزائي وعزاء أسرتك ومحبِّيك أنهم ما عرفوك إلا لله منيبًا

سليمَ الصدر، سمحَ النفس، ترجو الله والدار الآخرة.

أحسن الكريمُ جزاءك، وبوَّأك منازلَ الصدِّيقين.

 

مع شيخنا الراحل د. محمود فجَّال في مكتبته رحمه الله

 

شيخنا الراحل د. محمود فجَّال رحمه الله يشرِّفني بكتابة إهداء على نسخة من كتابه

(الاقتراح في أصول النحو للسيوطي ومعه الإصباح في شرح الاقتراح) له

 

إهداء أعتزُّ به بخطِّ شيخنا الراحل د. محمود فجَّال رحمه الله