موازين الدنيا وموازين الآخرة⁩

لا يموت ميّت ، حتّى لو كان ملحداً ، لا يؤمن بالله واليوم الآخر ، ولم تعرف له توبة ولا تراجع عن عقيدته ومنهجه إلاّ وتتوالى له الشهادات أنّه كان كذا وكذا من أمر الدنيا .. ويتبرّع الناس له بالدعوات : أن ينال الفردوس الأعلى من الجنّة ، فيخلط المُتكلّمون ومنهم من يكون على حظّ من العلم والثقافة الإسلاميّة ، بين ما كان عليه من حظّ ونجاح دنيويّ أدرك حظّه منه جاهاً وسمعة ، أو مالاً وغنى ، أو غير ذلك ، وبين مصيره في الآخرة ، الذي لا تكون النجاة فيه إلاّ بالإيمان بالله واليوم الآخر .. وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول : « ... أَلَا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ غَالِيَةٌ أَلَا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ الجَنَّةُ ... » ، ( حديث صحيح ، رواه الترمذي ، والحاكم في المستدرك وغيرهما ) . 

لقد هانت الجنّة على كثير من المسلمين ، وكأنّها بضاعة كاسدة مطروحة على قارعة الطريق ، تنتظر من يشفق على صاحبها فيشتريها بأقلّ ثمن ، فيُحسَبُ محسناً ، يؤجر ويشكَر .. هذا خلط عقديّ مرفوض أيّها الناس ! بين موازين الدنيا وموازين الآخرة .. 

فعمّ النبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبو طالب دافع عنه أشدّ الدفاع ، وَحمَاه منْ أَذى المشركين حتّى المَمات ، وكانت له مواقفه لمَشهودة ، ولكنّه لم ينطق بكلمة التوحيد ، التي تنجيه منَ الخلود في النار ، ونزل فيه وفي أمثاله قول الله تعالى : {إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَن يَشَاء وَهُوَ أَعْلَمُ بِالمُهْتَدِينَ} [القصص:56] ، وقَوله سبحانه : {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الجَحِيمِ}[التوبة:113] .

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين