من ينسى ذكرى مجزرة القرن العشرين في حماة؟!


 
هل بات ما قام به اللانظام السوري الطائفي ومازال مستمرا في مسلسل المجازر والمذابح منذ نشوب الثورة المباركة قبل سنتين على طول البلاد وعرضها واستباحة الشعب بشيوخه ونسائه وأطفاله وممتلكاتهم ينسينا المجازر الوحشية التي لطخ بها حافظ الأسد تراب وأقداس مدينة حماة الباسلة منذ أكثر من واحد وثلاثين عاما حيث كتبت صحيفة الرأي التونسية آنذاك بتاريخ 23/2/1982: إن مجازر حماة نموذج درامي لما يمكن أن تؤدي إليه سياسة قمع الأصوات وكبت الحريات، وإن أحداثها أهم الأحداث التي شهدها الوطن العربي حيث عرف القاصي والداني كيف أن عشرات الآلاف من البشر ذبحوا وقبروا في مقابر جماعية وتجاوزت الانتهاكات ضد النساء والشيوخ والشباب والرجال وخصوصا العلماء كل تصور من فئة الأقلية الطائفية وأخذت بأساليب الخداع تخفي بعض جرائمها التي ظهرت رغم ضعف الإعلام وقتها وغياب القنوات الفضائية من جهة إلا ما نقل عبر الجرائد والمشاهدين واللقطات المسربة كما فعل يومها الصحفي الفرنسي ميشال فولكو الذي دخل المدينة بعد انقضاء الأحداث التي بدأت فيها المذبحة الكبرى 2/2/1982 وعلى مدى سبعة وعشرين يوما ومع أنه دخل متسللا كسائح إلا أنه ومع جدار الصمت الإعلامي الذي فرضه الأسد الأب يومها لم يستطع أن يلتقط إلا بعض المشاهد المأساوية من التدمير الذي هدم وقصف نصف المدينة الرابعة من مدن سوريا وباتت تلك المدينة الساحرة ذات المسحة الأندلسية أشبه بخربة كبيرة بعد مسح معظم الآثار القديمة قيل تاريخ الإسلام وبعده وحيث هدم أكثر من ثمانين مسجدا وأربع كنائس ضربت بالطيران وفجرت بالديناميت وحصدت الرشاشات والمدافع والقاذفات الحربية الجوية والحوامات والراجمات والسكاكين الحاقدة أكثر من أربعين ألفا بل أكد شيخ الحقوقيين السوريين الدكتور هيثم المالح أن الإحصاء الحقيقي المدون من قبل الخبراء يثبت إزهاق أرواح سبعة وأربعين ألفا حتى كتبت الصحف العالمية بعد ذلك إن نيرون وهولاكو لم يفعلا مثل ما فعله حافظ الأسد في حماة ومنع الأذان وقتها أكثر من ثلاثة أشهر حتى علق الشاعر نزار قباني يومها على ذلك بقوله: واعتقل المؤذنون في بيوتهم وألغي الأذان وكتب الكاتبون عما وصفوه يومها بمجزرة القرن العشرين ومأساة العصر لما صاحب القتل من التعذيب والتشفي والاختفاء والتهجير القسري، إنها بحق أكبر جريمة في ذاك القرن في العالم فاقت ما حدث من مجازر في فلسطين المجاهدة واعتبرت مجزرة حلبجة التي في العراق أمرا لا يقارن بمذبحة حماة ومع ذلك مازالت هذه الجريمة الكبرى تمر دون عقاب من المجتمع الدولي الذي يتشدق بحقوق الإنسان وتحقيق العدالة وهذا هو ما أطمع الابن بشار أن يكون امتدادا لأبيه في المجازر التي فاقت مجازر أبيه بكثير لأنه من أمن العقوبة أساء الأدب، لا ريب أبدا أن الصهيونية العالمية وراء هؤلاء وكذلك إيران وروسيا التي دعمت الأسد الأب كما تدعم الابن اليوم وذلك بعد اتفاقية تنفيذية وقعت بينهما بالخبراء الروس الذين نبهوا الأسد أن يقتل من شاء ورفعوا تقنيته في أجهزة المخابرات السياسية كما نقلت وقتها مجلة المجتمع الكويتية في 1/6/1982 وجرى هذا بعد مساعدة هؤلاء الخبراء في قمع الثوار في مدينة حماة التي لم يستطع الصليبيون أن يدخلوها ليلة واحدة في حملاتهم، وقد جاءت تسميتها بحماة حيث تعني باللغات الشرقية الحصن والقلعة وفي الفترة الأيوبية كانت مملكة حماة مركزا لهم وولى صلاح الدين الأيوبي ابن أخته تقي الدين عمر وبرز اسم ملكها العالم المؤرخ أبي الفداء الأيوبي الذي خلدها في كتبه ودفن فيها فعرفت باسم مدينة أبي الفداء ونظرا لكراهية الباطنيين لصلاح الدين ومحاولتهم ثلاث مرات اغتياله في سوريا فقد أخذوا يصبون جم غضبهم عليها ثأرا وحقدا لأنه كان يلزمهم أن يكونوا مع أهل السنة والجماعة فلما مات حرقوا مساجدهم وهدموها! تلك مدينة حماة التي أبلت البلاء الحسن في طرد المحتلين الفرنسيين مابين عام 1920م و1946م حيث جلوا عن بلاد الشام بالنار لا بالكلام لكن هذه القلعة الحصينة هاجمها الأسد الأب وبدأ بإبادة أبناء المدينة العزل كما صرح الصحفي والكاتب البريطاني باتريك سيل في لقاء له مع قناة الجزيرة القطرية وكان الأسد قد قال في تصريح رسمي له عقب انتهاء الأحداث إننا قاتلنا المعارضين الذين كانوا يقتلون النساء والأطفال وعلقت يومها الصحف الأجنبية وبعض العربية بقولها: إذا كان الإعلام ممنوعا من الحضور من مختلف المراسلين فكيف يسوغ لنا أن نصدق الأسد والخراب الهائل والتدمير والتقتيل أكبر شاهد، وحتى لو ادعى كذبا وزورا مقاتلة الثائرين لنظامه فكيف يسوغ تدمير مدينة وإلحاق تلك المذابح الرهيبة في تعامل حاكم مع الشعب وقد ذكر وقتها وزير داخليته عدنان الدباغ في 27/1/1982 أن المعارضين المسلحين في حماة لا يزيد عددهم عن الثلاثمائة وهم فئة قليلة!! ولقد قال العقيد علي ديب بتاريخ 28/1/1982 لقد كان لواؤنا منتشرا في حماة وجاءتنا الأوامر من الفريق حافظ الأسد بضرب كامل المدينة. وهكذا فإن إدعاءات اللانظام وقتها كما هي الإدعاءات اليوم بمقاتلة المسلحين لن تستطيع أن تحجب شمس الحقائق، إن هؤلاء المتآمرين من القدماء الجدد هم الذين صرحوا ويصرحون ويفعلون كل المحرمات في سبيل البقاء في الحكم والسلطة ويكفي أن رفعت الأسد الذي كان نائبا لأخيه حافظ وقائد سرايا الدفاع قال في خطابه قبل أحداث حماة خلال المؤتمر القطري السابع لحزب البعث بتاريخ 6/1/1980: إن ستالين أيها الرفاق قضى على عشرة ملايين في سبيل الثورة الشيوعية واضعا في حسابه أمرا واحدا فقط هو التعصب للحزب وإن الأمم التي تريد أن تبقى تحتاج إلى رجل متعصب وإلى حزب ونظرية متعصبة هذا هو رفعت الذي يكذب اليوم ويزعم أنه لا يعرف مدينة حماة ولم يدخلها ولم يقتل ولم يكن مسؤولا عن مجازرها لعله يريد الإفلات من أي عقاب وإن الدلائل حتى من ضباطه أكثر من أن تحصى لا ريب أن ما وقع في حماة كان قد فاق كل تصور ولكن الابن الجزار فاق أباه في المجازر ومن شابه أباه فما ظلم ثم لا ريب أن مثل هؤلاء الطغاة لا يمكن بحال أن يكونوا حكاما فعليين بل إن الصهيونية والمجتمع الدولي المصلحي هو من نصبهم لحسابه وإنما هم مجرد أدوات له ليس إلا ومع كل ذلك فقد رحل الأسد الأب بكل فظائعه وشنائعه وسيرحل الابن بها وكما بقيت حماة هي هي لم تركع فإن سوريا بكاملها لن تخضع بعد اليوم للطائفيين والعملاء وستزهر دولة الحق والقانون والمواطنة بنصر قريب بإذن الله

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين