من غزَّة... درس نموذجي فريد

 

كان المشهد الأبرز - في رمضان المبارك الذي مضى - والأكثر إثارةً للمشاعر وللتأثُّر والانفعال والحزن بسبب صور الدمار والقتل الوحشي لأُسرٍ بكاملها ولمئاتٍ من الأطفال الذين قضَوْا نَحْبَهم في أحضان أُمهاتهم أو على أَسِرّة طفولتهم البريئة: العُدوان الهمجيّ الصهيوني على (غزّة) الكرامة والعزّة!

ولكنْ في المقابل كان حَدَثاً من أحداث التاريخ الفريدة في العزّة والكرامة وفي النِّكاية بالعدو اليهودي وترويعِهِ وإلجاء ملايين من مواطنيه للاختباء في الملاجئ وإنزال خسائر فادحة عسكرية ومعنوية فيه لم يَعْهدها من الجيوش العربية!

فكان هذا الذي قدَّره الله عزَّ وجلَّ بحكمته درساً نموذجياً فريداً للأمة تراه بأعينها لتعمل على منواله، وهذه بعض عناوين فصول هذا الدرس وهي ليست جديدة ولكنْ يجدُرُ دائماً التذكير بها:

  1. (وحشية اليهود وفظاعة همجيّتهم): قال سبحانه: )لتَجِدَنَّ أشدَّ الناس عداوةً للذينَ آمنوا: اليهود(، ولا يُستغرب هذا منهم فقد قتلوا الأنبياء عليهم السلام من قبل واستشرى شرُّهم في تاريخهم الطويل!

  2. (شراسة المواجهة معهم): والمعركة الرمضانية تصوِّر حجم التحضيرات التي يجب أن تُعِد لها الأمة بأسرها وبكل قطاعاتها حتى تدمِّر نفوذهم وتخرجهم من فلسطين وتستعيد المسجد الأقصى إلى وصاية الأمة الإسلامية وقيادتها الرسالية الحضارية، وأخصّ بالذكر دور المرأة بالذات في تربية القيادات وإعداد الأبطال.

أما العناوين الجديدة لهذا الدرس التي يجب أن تتعلَّم منها أجيال المسلمين فهي:

  1. (الربَّانية): التي ظهرت آثارها في السلوك السياسي والجهادي والإعلامي للقيادة وللمجاهدين وحتى عامّة أهل غزّة في صبرهم واحتسابهم وغلاء فلسطين في قلوبهم.

  2. (وحدة القرار السياسي والعسكري): وهذا تجلّى بتصدُّر (حماس) للمشهد وإمساكها بزمام المبادرة والإدارة السياسية والجهادية والإعلامية، وصياغتها الإيجابية المتقدمة لعلاقتها بالفصائل الأخرى بعد تجارب مرّت بها من المعاناة والإخفاقات بغضّ النظر عن المتسبِّب بها.

  3. (الإعداد المذهل الدؤوب لكتائب القسّام): الذي تجلّى فيه الذكاء المتفوق والجدّية البالغة، واستثمار كل لحظة من الوقت طيلة الأعوام الماضية في البناء وحفر الأنفاق وتربية المجاهدين وتطوير الصناعات العسكرية.. على الرغم من الضعف الشديد في الإمكانات المالية ومعاناة الحصار الخانق! فالحمد لله على فضله، وعلى ما أرانا في الصالحين الصادقين الجادِّين من كرامات تأييده وتوفيقه.

كل هذه المعاني تستحق من العاملين للإسلام والعلماء الربانيين والقيادات الجادّة المخلصة أن تأخذها مأخذ الجِدّ والتطبيق بخطوات متسارعة، وهِمَم عليّة متصاعدة، وبرامج علمية متقدّمة، يتوافر اختصاصيون في مختلف المجالات على وضعها بعد إدراك عُمق أغوار المعركة الحضارية مع المشروع الصهيوني برُمَّته وبكل أبعاده للانتصار عليه )ويقولون: متى هو؟ قل: عسى أن يكون قريباً(.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين