مختارات من تفسير (من روائع البيان في سور القرآن) (الحلقة 228)

﴿الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ٢٦٨﴾ [البقرة: 268]

السؤال الأول:

 لِمَ قدّم ربنا سبحانه وتعالى الفاعل على فعله في الآية ﴿الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ ؟

الجواب:

الفاعل هو (الشيطان) والفعل يعدكم، قال تعالى: ﴿الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ ولم يقل: يعدكم الشيطان، بلْ قدم الفاعل على فعله؟ فلماذا ؟

إنّ في تقديم اسم الشيطان وابتداء الآية به إيذاناً لك أيها المؤمن بذمّ الحُكم الذي سيأتي بعده لتحذر الوقوع به، ألا ترى أنك تحذِّر السامع فتقول له: السفّاح في دار صديقك، وذلك بخلاف قولك: في دار صديقك السفّاح.

السؤال الثاني:

ما معنى (الفحشاء) في القرآن؟ وما معناها في هذه الآية خاصة؟

الجواب:

كل فحشاء في القرآن هي زنا، إلا في هذه الآية فجاءت بمعنى البخل .

السؤال الثالث:

 ما علاقة هذه الآية رقم 268 بالآية 269؟

الجواب:

آ ـ طلب المغفرة والفضل من الله تعالى هو من الحكمة .

ب ـ الذي يؤتى الحكمة يؤتى خيراً كثيراً وأكثر من المال .

ج ـ في الآية تحذير من وسوسة الشيطان في عدم الإنفاق لئلا يصير فقيراً، فوعد الله تعالى المؤمنين بالمغفرة منه والفضل .

د ـ نكّر ﴿ مَّغۡفِرَةٗ وأضاف لها ﴿ مِّنۡهُ فعُلِمَ أنّ المقصود تعظيم هذه المغفرة؛ لأنها من الله العظيم، وعِظم المعطي يدل على عِظم العطية وكمالها أنها من الله الغفور حصراً.

لذلك هناك فرق شاسع بين طريق الشيطان الذي يأمر بالبخل وعدم الإنفاق في سبيل الله، وطريق الحق سبحانه وتعالى الذي يعد بالمغفرة والفضل والخير العميم.

فمن الحكمة والعقل اتباع طريق الحق؛ لأنّ فيه المغفرة وفضل الله تعالى والخير في الدارين، ولذلك ختم الآية رقم (269) بقوله تعالى: ﴿ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّآ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ٢٦٩ والله أعلم .

السؤال الرابع:

 ما دلالة فاصلة هذه الآية ؟

الجواب:

انظر الجواب في الآية السابقة 267.

السؤال الخامس:

ما دلالات هذه الآية ؟

الجواب:

هذه الآية تبين لنا أنّ الشيطان يخوف الإنسان من الفقر ويأمره بالبخل ، لنحرص على التمسك بالدنيا ، ونتكالب عليها .

2 ـ قال تعالى : ﴿الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ٢٦٨فأي الوعدين أقوى في قلبك؟ هذا وعد الله، وذاك وعد الشيطان؛ فلينظر البخيل والمنفق: أي الوعدين هو أوثق، وإلى أيهما يطمئن قلبه، وتسكن نفسه، والله يوفق من يشاء ويخذل من يشاء، وهو الواسع العليم.

3 ـ ( الوعد ) يستعمل في الخير والشر ، قال تعالى : ﴿ ٱلنَّارُ وَعَدَهَا ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ٧٢ [الحج: 72]   ويمكن أن يكون هذا الوعد محمولاً على التهكم .

4 ـ ( الفحشاء ) هنا في الآية البخل ، بينما كل فحشاء في القرآن هي زنا.

5 ـ قوله تعالى : ﴿وَٱللَّهُ وَٰسِعٌ عَلِيمٞ٢٦٨   أي أنه واسع المغفرة ، قادر على إغنائكم  وإخلاف ما تنفقونه ، وهو عليم لا يخفى عليه مما تنفقون ، فهو يخلفه عليكم . والله أعلم .


جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين