مقابلة في اسطنبول مع الدكتور عبدالحكيم الأنيس

 


)شارك الدكتور عبد الحكيم الأنيس في المؤتمر الدولي الرابع للأكاديميين الشباب الذين يكتبون عن بديع الزمان سعيد النورسي وهو مؤتمر تقيمه سنويا مؤسسة اسطنبول للثقافة والعلوم، وفي أروقة المؤتمر أجرى الإعلاميون مع الدكتور الأنيس هذه المقابلة)
 
 
السؤال: نلتقي بالدكتور عبدالحكيم الأنيس كبير الباحثين الأول في دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي، السلام عليكم.
 
الجواب: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وشكرا لكم على هذه المقابلة.
السؤال: شكرا لك ما رأيك في قيمة البحوث التي ألقاها الطلاب.
الجواب: البحوث التي قُدِّمت لهذا المؤتمر في هذا العام، تنقسم إلى قسمين:
 
 هنالك بحوث لنيل درجة الماجستير، والدكتوراه، وهذه للطلاب الذين يستكملون الدراسات وتحصيل الشهادات.
 
 والقسم الآخر، هي بحوث للترقية تُقدم من قبل باحثين قد أكملوا مرحلة الماجستير والدكتوراه، وهم يريدون الترقية في السلم العلمي والوظيفي، ما سمعتُه من عرض القسمين كان متفاوتا لاشك، وهذه نتيجة طبيعية، نتيجة لتفاوت العقول، والأفهام، والقدرات، ونتيجة كذلك لمدى اطلاع الباحثين على رسائل النور، فكلما ازداد اطلاع الباحث الدارس على رسائل النور كان بحثه أجود، وكانت إحاطته بالموضوع أعلى وأجل، وبفكرة عامة وبتقدير عام، كانت البحوث مرضية، وتحقق الغاية المرتجاة من هذا اللقاء.
السؤال: ما تقول في رسائل النور؟
 
الجواب: رسائل النور هي غذاء عقلي، وهي غذاء نفسي، وهي تضع الإنسان أمام الأسئلة المصيرية التي ينبغي أن يسأل الإنسان نفسه بها، إن قيمة الأعمال العلمية إنما تتحدد بمدى حاجة الإنسان إلى هذه الأعمال، ورسائل النور بما أنها تلبي حاجة الإنسان، وتجيب على هذه الأسئلة، فتكون حاجة الإنسان إليها قائمة، وهي حاجة متجددة.
 
 ولا شك بأن رسائل النور مصدر مهم للدراسات، في مجال الدراسات الشرعية، وفي مجال الدراسات الحضارية، وكذلك الدراسات الاجتماعية، وغيرها، وبما أن الأساتذة الذين يعملون في الحقل الأكاديمي في الجامعات والمراكز البحثية، بما أنهم يحتاجون إلى مادة ليجروا عليها بحوثهم، والدراسات التي تطلب منهم ويرغبون بإقامتها، بالتالي فإن هذه الرسائل تلبي حاجتهم إلى المادة العلمية الأساسية التي يحتاجون إليها.
 
السؤال:   برأيك هل توجد دراسات كافية عن سعيد النورسي ورسائله؟
الجواب: الدراسات التي أجريت حول الأستاذ بديع الزمان في الشرق والغرب باللغات المختلفة، العربية والإنجليزية وغيرها من اللغات- ورسائل النور قد ترجمت اليوم إلى أكثر من أربعين لغة- نستطيع أن نقول بأن الدراسات قد وصلت إلى مستوى متقدم، ولكن ليست هي النهاية بطبيعة الحال، نستطيع أن نقرر وأن نعلن بأننا لم نصل بعد إلى النهاية، ولكن ما حقق في هذا المجال إلى الآن يلبي الطموح، ويلبي مساحة واسعة من الحاجة إلى الدراسات.
 
السؤال: ما رأيك بعمل المؤسسة في هذا المجال.
الجواب: الذي يراقب عمل المؤسسة، مؤسسة إسطنبول للثقافة والعلوم يجد من غير مجاملة أن القائمين عليها كخلية نحل، وهذا التشبيه من وجهين:
 الوجه الأول: بأن النحل لايهدأ فهو دائم البحث عن الرحيق، وهم كذلك لايهدأون.
 و الوجه الآخر من التشبيه: أن النحل يؤدي في عمله الدؤوب هذا إلى العسل، وهم كذلك في نتائج أعمالهم يصلون إلى العسل الذي فيه غذاء، وفيه شفاء للناس.
 نحن نقدر لهم هذا البذل، وهذه الجهود، وهذا الإخلاص، وهذا الصدق في التوجهات، وهذا العمل الدؤوب الذي لايفتر، ولايتوقف، ولا ينقطع مع الصبر والتأني والتؤدة، والنظر في مواقع الأقدام، وهذا كله من موضع تقديرنا، وتقدير المتابعين لعملهم في هذه المؤسسة المباركة أيضا، ولايسعنا إلا أن ندعو الله عز وجل أن يبارك في جهودهم، وأن يزيدهم ثباتا على الطريق، وفهما بمقتضيات المرحلة التي يعيشونها، والتي تعيشها تركيا، والتي يعيشها العالم الإسلامي.
 
السؤال: إن شاء الله ولكن هل لديك مقترحات حول المؤسسة.
الجواب: لاشك بأن هنالك مقترحات، يحضرني ابتداء عمل ما زلت أطالب به وهو أن يكون لدى المؤسسة أرشيف كامل عن الأستاذ بديع الزمان النورسي من حيث الوثائق، و من حيث الدراسات الأكاديمية التي أجريت في مختلف الجامعات العربية والإسلامية والغربية، وكذلك الكتب التي صدرت من قبل الدارسين، نحن بحاجة إلى تكوين مكتبة يمكن أن نطلق عليها المكتبة النورية، بحيث تكون مرجعا لكل مَن يريد أن يقدم دراسة عن الأستاذ سعيد النورسي، يجد فيها بغيته وطلبه من البحوث والدراسات والرسائل التي أجريت عن الأستاذ وتراثه العلمي والفكري والدعوي، نريد لهذه المؤسسة أن تحتضن هذه الفكرة، وأن تقيم هذه المكتبة، وأن تجمع هذا التراث المتناثر، وأن ترجو مِن كل من يعد رسالة أو بحثا أو كتابا أن يودع نسخة من رسالته أو بحثه، أو كتابه فيها. ولهذه المكتبة فوائد عظيمة جدا يعرف قدرها الدارسون والمختصون والباحثون.
 
السؤال: ما أهمية الأعمال الفكرية لسعيد النورسي في العالم العربي، رأيك؟
الجواب: أنا أقول دائما بأن أي كتاب له عمر كعمر الإنسان، بعض الناس يعيش عشرين سنة، وبعض الناس يعيش ثلاثين سنة وأربعين وخمسين وسبعين وثمانين وأكثر من ذلك وأقل، الكتاب كذلك هو كالإنسان له عمر، بعض الكتب تولد ميتة لاقيمة لها، وبعض الكتب تعيش سنين معينة، وبعض تُعَمَََّر وتكون خالدة، الواقع يقول بأن تراث الأستاذ النورسي هو من التراث الخالد،لأنه مرتبط بموضوع خالد هوبيان القرآن الكريم ، وبالتالي كان هذا الارتباط الوثيق مما أعطى هذا التراث قيمة الخلود، وتجددَ الحاجة إليها على تجدد الأعصار وعلى تجدد الأزمنة، هذا يعني أن البشرية تستطيع أن تجد في هذا التراث حلولاً لمشكلات كانت قائمة، وتستطيع أن تجد حلولاً لمشكلات قامت الآن، أو ربما ستقوم في المستقبل، إذا قُرئت قراءة واعية، وقراءة متأنية، وقراءة للسطور ولما خلف السطور.
 
السؤال: طيب ، في الخلاصة هل عندك نصائح للطلاب الذين أتوا إلى هذا المؤتمر.
الجواب: نصيحتي أن يقرأوا تراث الأستاذ بكامله، لايمكن لمن يريد أن يتخصص في هذا الموضوع، في هذا التراث، في كليات رسائل النور، لايمكن ، لايجوز أن يقرأ قراءات مجتزءة أو قراءات يسيرة، نحن عندنا قاعدة تقول: "الكتاب لا يعطيك سره حتى تقرأه كله" لايمكن أن تفهم هذا الكتاب حتى تقرأه كله قراءة كاملة متأنية واعية، فإذا فعلنا هذا استطعنا أن نفهم، إذن نصيحتي إلى إخوتي الطلبة والباحثين والدارسين أن يقرأوا هذا التراث قراءة كاملة شاملة، وأن يحيطوا بهذه المفاهيم والمصطلحات، عند ذلك ستكون دراستهم أعمق، ويكون عطاؤهم أفضل، وتكون دراساتهم التي تخرج مقروءة ومرغوبة لدى القراء ، ولدى الباحثين.
 
السائل: شكرا دكتور، وأهلا وسهلا بك


 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين