معرفتي بالعلامة الشيخ د. يوسف القرضاوي رحمه الله

معرفتي بالعلامة الشيخ د. يوسف القرضاوي رحمه الله

سيد أحمد بن محمد السيد

 

أولا: معرفتي بالقرضاوي الكاتب والمؤلف:

 

أ- في بيتنا بمنبج في سورية:

أول ما عرفتُ شيخنا أبا محمد - رحمه الله تعالى- عن طريق كتبه، وكان أول ما عرفت من كتبه تلك كتاب "فقه الزكاة" في مكتبة والدي رحمه الله على ما أذكر حوالي سنة 1984م، وكنت إذ ذاك شابا طالبا شاديا في ثانوية "الأرقم بن أبي الأرقم الشرعية" بمنبج.

 

ب- في الجامعة بدمشق "مجلة الأمَّة"؟!

ثم عرفت الشيخ من جديد عام 1986م -1987م الدراسي في "كلية الدعوة" بدمشق وكنت حينها طالبا في جامعتها، في سنتي الأولى.

كان حينها لدينا موجه دمشقي يسمى الأستاذ "أسامة الحكيم" كان موجها، وكان يعمل على الحاسوب، وكان نشيطا وحييا، ولا أدري أهو حي الآن أم لا؟ على كل الأحوال ذكره الله بخير.

كان دوامنا في الجامعة مسائيا، يبدأ بعد الظهر في الساعة الثانية، ويستمر حتى نحو الثامنة مساء، وبقية الأوقات كانت للمطالعة.

في صباح ذات يوم من الأيام ونحو في قاعة الدراسة، لكن في وقت المطالعة، وإذا بأستاذنا الكريم الفاضل يُوزِّع علينا نحن الطلابَ الداخليين، وأغلبنا من خارج دمشق من مختلف المحافظات السورية، كنا نحو الأربعين؟ وإذا بالأستاذ أسامة يوزع علينا نحن الطلاب في القاعة أثناء المطالعة الصباحية أعدادا من مجلة "الأمة" القطرية لنطلع عليها.

وبالمناسبة في تلك السنة سنة 1986 م توقفت مجلة الأمة الرائعة والرائدة بعد 6 سنوات من صدورها، والتي لم يصدر خير منها من المجلات الإسلامية أو يدانيها سوى مجلة "حضارة الإسلام" الدمشقية التي أسسها د. مصطفى السباعي طيب الله ثراه، ولا أدري سبب توقفها أكان مقصودا فيه مؤامرة، أم كان لأسباب أخرى، اقتصادية أو سياسية أو غيرها؟!

المُهم أنني أخذتُ أنا عددا من تلك المجلة، ثم أصبحت أتبادل الأعداد الأخرى مع زملائي، وكان شيخنا العلامة القرَضاوي من أبرز كُتَّابها، فرأيت له عشرات المقالات الرائعة والرصينة في تلك الأعداد.

كما لفت نظري وبهرني من مجلة "الأمة" الورق المصقول والصور الملونة للكتاب والعلماء والموضوعات في مجلة إسلامية؛ إذ كانت المجلات الإسلامية الأخرى التي اطلعت عليها كانت أوراقها عادية، وصورها غير ملونة، أو هي مصقولة الورق لكنها ليست ملونة الصور؛ كما هي مجلة "حضارة الإسلام"، ومجلة "التمدن الإسلامي"؛ بخلاف المجلات الأدبية أو المنوعة الأخرى التي كنت أتابعها يومئذ كـ "الفيصل"، و"العربي"، و"العربية"... .

 

ج- في "الملحق الثقافي الإيراني" بدمشق:

ثم بدأت أرى كتب الشيخ الممنوعة يومئذ في سورية في "الملحق الثقافي الإيراني" بدمشق الذي كان يجذب بعضنا - طلاب كلية الدعوة- بكتب الإسلاميين الممنوعة؛ ككتب الشيخ القرضاوي، والمودودي، وأبي الحسن الندوي، والاقتصاد الإسلامي لمحمد المبارك، و"شعراء الدعوة السلامية" للجدع وجرار، وكان يُرغبنا أكثر أنهم كانوا -"موظفي الملحق الثقافي الإيراني"- يسمحون بالإعارة خارج المركز؛ فكنا نستعير بعض الممنوعات الطريفة والجديدة علينا؟!

 

د- عند زملاء جزائريين في الجامعة:

كما بدأنا نطلع على كتب الشيخ القرضاوي - التي كانت كالمخدرات والأفيون والكوكايين بل ربما أخطر لدى نظام المقبور حافظ أسد- عند بعض زملائنا الجزائريين في الجامعة، فقد كانوا يُسرِّبون ويُهربون بعضها معهم من بلدهم الجزائر؛ الذي كان ينعم بالحرية في زمن الرئيس الرائع والطيب "الشاذلي بن جديد"، خير من رأس الجزائر، رحمه الله تعالى؛ كـ "ثقافة الداعية"، و"الصحوة الإسلامية بين الجمود والتطرف"، وغيرهما من كتب شيخنا العلامة القرضاوي، رحمه الله.

ثم سمعت أول محاضرة مُسجَّلة لشيخنا في شريط جلبه بعض الإخوة الجزائريين عنوانها: "الصحوة الإسلامية آمالنا فيها، ومخاوفنا عليها".

وكان كثير مما نسمعه من فضيلته جديد علينا نحن السوريين؛ الذين كان يقول عن بلدنا فقيدنا طيب الله ثراه: "سورية الداخل إليها مفقود، والخارج منها مولود"، وقد تحققت ذلك وأنا في سوري قليلا، وتأكد لي بعد خروجي منها إلى دولة الإمارات العربية سنة 1992م.

 

هـ- في الإمارات العربية زمن الحرية فيها:

ومضيت إلى الإمارات العربية في شهر 4 من سنة 1992م فولدت من جديد فعلا كما أخبر شيخنا القرضاوي؛ طبعا لما كانت تنعم بالحرية، وقبل التضييق على الحريات وكتم أنفاس الناس الذي حدث بعد ذلك، ولا سيما بعد 2011م بعد الثورات العربية التي جعلت حكام العرب تكاد تنخلع قلوبهم منها؟!

في الإمارات وجدت الكتب الإسلامية لكل كتاب الإخوان وشعرائهم في جمعيات الإصلاح والتوجيه الاجتماعي، وفروعها مراكز الإرشاد، في رأس الخيمة، ودبي، وغيرهما. وبدأت رحلتي بشراء ديوان "في رحاب الأقصى" للأستاذ يوسف العظم رحمه الله، ثم بعض أشرطة الحاج أحمد البربور، والترمذي، وأبي راتب، وأبي دجانة، وكتب الشيخ عبد الله علوان "قصة الهداية"، و"تربية الأولاد في الإسلام"، وبعض كتب د. سيد نوح، "آفات على الطريق"، وكتب الشيخ الغزالي ... .

لقائي الشيخ القرضاوي: أول لقاء بالشيخ القرضاوي رحمه الله - وآخر لقاء به كذلك- كان بحضوري أمسية شعرية رائعة له في "إمارة الشارقة" نحو سنة 1994م، وبعد تلك الأمسية تشرفت بالسلام عليه وتقبيل يده.

 

و- حضوري ومتابعتي مئات الدروس والمحاضرات واللقاءات لفضيلته:

ولم يحصل لي شرف التلمذة المباشرة على يدي "شيخي" فضيلة الشيخ القرضاوي رحمه الله، لكني حضرت له واستمعت وشاهدت - والله يشهد- مئات الدروس والمحاضرات والندوات واللقاءات في "قناة الجزيرة"؛ كبرنامج "الشريعة والحياة" مع المذيع ماهر عبد الله رحمه الله، وأحمد منصور، و"قناة أبو ظبي" العادية والفضائية برنامج: "المنبر" تقديم المذيع منصور عيضة المنهالي. و"قناة الشارقة الفضائية" في رمضان وغيره، ثم في "قناة قطر الفضائية" و"قناة الجزيرة مباشر" بعض خطبه في مسجدي عمر بن الخطاب، و"مسجد محمد بن عبد الوهاب".

كما سجلت بعض محاضراته ودروسه، واشتريت بعض أشرطة محاضراته وكتبه من "معارض الشارقة للكتاب" السنوية، ومن مكتبات "دبي للتوزيع"، و"دار القلم" بدبي، و"روائع القرآن" في الشارقة ... .

 

ثانيا: معرفتي بالقرضاوي الشاعر:

أول ما سمعت لشيخنا القرضاوي من الشعر أنشودة "مسلمون"، مطلعها:

مسلمون   مسلمون    مسلمون ** حيث  كان الحق  والعدل  نكون

 و"أواخر "النونية" المُنيفة على 300 بيت، بصوت البربور أيضا، ومنها:

تالله  ما الدعوات  تهزم  بالأذى ** أبدا ، و في  التاريخ   بر  يميني

ضع في يدي القيد ألهب أضلعي ** بالسوط ضع عنقي على السكين

لن تستطيع حصار فكري ساعة ** أو نزع  إيماني  ،   و نورَ يقيني

فالنور في قلبي، وقلبي  في يَدَي ** ربي ،  و ربي  حافظي و مُعيني

سأعيش مُعتصمًا بِحبل عَقيدتي ** و أموتُ مُبتسِمًا  ؛  لِيَحْيَا  دِيني

 

بصوت المنشد الساحر أبي عبد الله أحمد البربور في سوريا، وأنا في الإعدادية في سنة 1982م تقريبا؟ لكني لم أكن أعرف أنهما للقرضاوي؛ بل لم أكن أعلم سوى أنه عالم.

فحينما جئت الإمارات علمت أنه شاعر، وشاعر فحل مُحلِّق متألق، فاشتريت ديوانيه "نفحات ولفحات"، و"المسلمون قادمون"، وقرأتهما كاملين، وكنت أقرأ منهما لبعض الإخوة السوريين الحلبيين، ولأخويَّ في الله الفلسطينيين المُعلِّمَينِ ثَمَّة: أبي وسيم علي عودة أستاذ الرياضيات، وأبي سلطان محمد شطرات أستاذ الرسم والفنية في شعبية "الهِباب" بريف دُبَيّ؛ التي كنت إمامًا وخطيبا فيها، مُعيَّنًا من أوقاف دبي، وكان أهلها من البَدْوِ.

 

مما أحفظ له من شعره، غير ما سبق:

أ- من أنشودة "مسلمون" الشهيرة:

مسلمون    مسلمون     مسلمون ** حيث كان الحق والعدل نكون

نرتضي الموت ونأبى أن نهون ** في سبيل الله ما أحلى المنون

نحن   بالإيمان أحيينا   القلوب ** نحن بالإيمان حررنا الشعوب

نحن بالإيمان قومنا   العيوب ** وانطلقنا في الشمال والجنوب

ننشر النور ونمحو كل هون

يا أخا الإسلام في كل مكان ** قم نفك القيد قد آن الأوان

واصعد الربوة واهتف بالأذان ** وارفع المصحف دستور الزمان

لا تقل كيف؟  فإنا مسلمون

 

ب- من أرجوزته الشهيرة (الأصوليون! أرجوزة على لسان العلمانيين وأجهزة الاستخبارات)، حفظت منها:

أبلغ رجال الأمن حتَّ يزحفوا ** فها هنا جماعة تطرّفوا

*ومنها:

أشد في الفتك من البارود ** رسائل البناء والمودودي

*ومنها:

هم يكسبون جولة فجولة ** و بعد هذا يبلعون الدولة

فكلهم يا صاح في الهوى سوا ** من لم يمارس عنفه فقد نوى

*ومنها:

الدين أن تكون حرا مرنا ** ولو عبدت عنزة أو وثنا

*ومنها:

يا حسرة على زمان انقضى ** يبدو به الشاطئ لحما أبيضا

*ومنها:

من ذا يعيب الهز للبطون؟ ** فإنه من أعظم الفنون!

*ومنها:

وخالفوا مفتينا الطنطاوي ** مجدد الزمان في الفتاوي

الشرع في يديه كالعجينة ** لا كالأولى عقولهم سجينة

وكلما ردَّ عليه العلما ** زادوه شهرة كنجم السينما

*ومنها:

تاريخهم    أسودُ    كالقَطْرانِ ** حَسْبُهُمُ   الجِهادُ   في الأفغانِ

و منهم  الحليق   كيلا  يُعرفا ** فهو  عدو  لهم   مهما   صفا

*ومنها:

لم  يأبهوا   للنيل   مِن  قَرَنْقِ ** فمن   أحَقُّ   مِنهمُ   بِالشَّنْقِ؟!

ج- قصيدة "أنا بالله عزيز؛ هات ما عندك هاتِ"، ومطلعها:

هاتِ   ما  عندَكَ   هاتِ ** يا   زَمانَ    النَّكَبَاتِ!

أنا    لا  أخشاك   فانثر ** كل  ما  في الجُعُبَاتِ!

*ثم يقول:

قد صفا  قلبي  من الشحنا ** ءِ   ؛    إلا      للطغاة

أنا         بالله       عزيز ** عزتي      في   سَجَدَاتي

أنا         لله          وليٌّ ** لا   لِعُزَّى  ،    أو  مَناةِ

أنا    أقوى  الخلق    باللـ ** ــه ؛  بذكري، وصلاتي

*ثم يرد على إيليا أبي صاحب "الطلاسم، اللا أدرية" الكُفْرِيَّة، قائلا:

إن  يكن   قد  تاه  "إيلْيَا" ** في   فيافي     الفلسفات!

باتَ  حَيرانَ  ؛   يُعاني ** مِن  شُكوكٍ     مُظلِماتِ

باتَ   لا  يعرف  معنًى ** لِحياةٍ   ،     أو    مَمَاتِ

بات  لا  يفرق  بين  الـ ** ــمِلْحِ   و العَذْبِ  الفُرَاتِ

فأنا  أدري  -  و أدري ** لِمَ   أدري -   سِرَّ  ذاتي

أنا  أدري   مبدئي  مِن ** أيِّ  شيءٍ  ،   أنا    آتي

أنا  أدري  أين  تمضي ** رحلتي  ،    بعد   الوفاةِ

أنا  أدري غايتي ،   أعـ ** ــرِفُ     مِنهاجَ   حَياتي

حسبيَ    القرآنُ     أتلو ** هُ ؛  فيُحيي   لِي   مَوَاتِي

شرحت  لي أصلَ خلقي ** بعضُ  آيِ   "المُرْسَلاتِ"

و تجلَّى   لي  مصيري ** إذ    تلوتُ    "النازِعاتِ"

و استبانت  غايتي   مِن ** آيَةٍ       في   "الذارياتِ"

أنا  روحٌ  ،   أنا    نورٌ ** لا   حَصَاةٌ      في   فَلَاةِ

أنا   شمسٌ    ليس  تُطفى ** بهبوب      العاصفات ؟!

ذاكَ   سِرِّي    يا  زَمَاني ** فليَمُتْ   غَيظًا  ،  عُدَاتِي

وهي طويلة ورائعة وبديعة، وفيها رد على قصيدة "الطلاسم؛ اللا أدرية" الشَّكِّية الإلحادية لإليا أبي ماضي الشاعر اللبناني؛ التي كانت تُدرَّس في بعض مناهج الدول العربية، وتدرَّس في بعض كليات الإلهيات "الشريعة" بتركيا، مع الأسف، وغنَّى بعضها محمد عبد الوهاب، وهي التي مطلعها:

جئت لا أعلم  من  أين ؟ و لكني أتيتُ!

و لقد  أبصرت  قدامي  طريقا  فمشيت

وسأبقى  ماشيا  إن شئت هذا  أم  أبيت

كيف جئت ؟ كيف  أبصرت  طريقي ؟

لست  أدري!

  ... إلخ القصيدة الطويلة؟!

وقد رد عليها عدد من الشعراء المسلمين، ومن جملتهم شيخنا القرضاوي؛ فقال ردا عليها، ما أوردناه قبيل قليل.

 

مما حفظته من أقوال شيخنا نثرا وشعرا:

1- سورية الداخل إليها مفقود، والخارج منها مولود.

2- أمة سورة الحديد لا تُتقن صناعة الحديد.

3- العرب بالإسلام كل شيء، وبغير الإسلام لا شيء.

4- يسمون بلاد الخليج "دول الخليج العربية"، وفي بعض مطاراتها، ومؤسساتها، لا تكاد تجد من يحدثك بالعربية؟!

5- قول الله تعالى في سورة الحديد: (وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس). سورة الحديد 25. ومعنى البأس الشديد: الصناعات العسكرية. ومعنى المنافع للناس: الصناعات المدنية.

6- البس    لكل  حالة    لبوسها ** إما   نعيمها ،  و إما   بُوسَها

7- قوات الأمن في بلداننا، وأنواع الأمن، كلها لأمن الحاكم في الحقيقة.

8- علي جمعة هو ليس من العلماء، هو تخصص تجارة؟!

9- أنا لا أؤيد خطف الطائرات فهي محرمة، وكذلك عمليات تفجير البُرجين في أمريكا فهي محرمة الوسيلة والغاية؛ بخلاف العمليات الاستشهادية في فلسطين؛ فهي مشروعة غاية وهدفا.

10- أنا أقول لقوات الأمن الشرطة والجيش والعساكر؛ لا تطيعوا أوامر قادتكم بقتل المتظاهرين السلميين؛ فهو حرام وأنتم مسؤولون، وطاعتهم في ذلك حرام عليكم، ولا يعفيكم من المسؤولية.

11- في حديث مسلم: "صنفان من أمتي لم أرهما؛ رجال يحملون سياطا كأذناب البقر يضربون بها الناس. ونساء كاسيات عاريات، مائلات مميلات، على رؤوسهن كأسنمة البخت، لا يجدن ريحة الجنة ... ". انظر إلى سيدنا رسول الله كيف ربط بين الاستبداد السياسي والتحلل الخلقي والإباحي، كما هو حاصل في كثير من بلداننا؟!

12- سمعت أن محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية هو سبب الحرب على غزة -يقصد حرب 2009م- فإن صحَّ هذا فيجب أن يرجمه الفلسطينيون كما رجم العرب قبر أبي رغال الخائن، الذي دل أبرهة على مكة والكعبة.

13- القرآن الكريم جعل تهجير الناس من بيوتهم بمنزلة قتلهم؛ قال تعالى: (ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه ...). سورة النساء 66.

14- إخواننا في الشام يقولون: "القَرْضَاوي"، وهو خطأ، صوابه: "القَرَضَاوي"، نسبة إلى "قَرَضَة".

15- كثير من الدعاة يستدل بقوله تعالى: (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله) التوبة 105، وهذه الآية تدعو إلى العمل الصالح للآخرة، لا إلى عمل الدنيا، كما يستدلون بها.

16- كثير من الدعاة يستدلون بقوله تعالى: (واتقوا الله ويعلمكم الله) -"البقرة 282"- بهذه الآية على أن التقوى سبب العلم، وهي تدل على العلم بفقه آية المداينة وأحكامها. وصوابها: الاستشهاد على ذلك بقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا). سورة الأنفال 29.

17- شعب   الجزائر       مسلم ** و إلى  العروبة     ينتسب

      من   قال  حاد  عن  اصله ** أو قال:  مات ؛  فقد  كذب

     أو   رام     إدماجا       له ** رام   المحال   من  الطلب

والأبيات لعلامة الجزائر المجاهد الشيخ عبد الحميد بن باديس، رحمه الله.

18- تاريخهم   أسود   كالقطران ** حسبهم   الجهاد   في  الأفغان

هذا البيت وكتاب "الإخوان المسلمون نشأة مشبوهة وتاريخ أسود":

هذا البيت في الحقيقة هو من أرجوزته الشهيرة "الأصوليون: على لسان أجهزة الاستخبارات والعلمانيين"، وكأني بالشيخ يُشير بهذا البيت إلى كتاب

"الإخوان المسلمون نشأة مشبوهة، وتاريخ أسود"؛ الذي أصدره النظام البعثي الفاجر في سورية أيام المقبور حافظ أسود بعيد سنة 1980م وفي حقبة الثمانينات التي تم فيها التضييق على الإخوان والسوريين عامة بسببها.

فقد أصدر البعثيون هذا الكتاب وأجبروا الناس على شرائه واقتنائه، ولا سيما الموظفين وأعضاء حزب البعث؛ للتنفير من جماعة الإخوان المسلمين، وتشويه صورتهم.

ويقع هذا الكتاب في 4 أجزاء، وقد ألفه بعض علماء السلطة المنافقين. وبعد بضعة أشهر سحبه نظام البعث من السوق واختفى؛ لخشيته من النتيجة العكسية له، وهي انتشار ذكر الإخوان أكثر، وبحث الناس عن المصادر الصحيحة الأخرى لمعرفتهم؟!

19- أشد   في الفتك  من  البارود ** رسائل  البناء  و المودودي؟!

20- و قد ترى من كتب الغنوشي ** وتلك  كالهيروين  و الحشيش

وهذا صحيح مئة بالمئة، في منع كتب الإسلاميين في كثير من البلاد العربية، هذا فضلا عن منعهم هم عن دخولها، كمنع الشيخ أبي الحسن الندوي من دخول سورية، ومنع الشيخ عصام العطار من دخولها كذلك؛ بل منع جثامين البعض من دخول سورية ودفنهم فيها؟! كما حصل مع الشيخ عبد القادر عيسى العزيزي رحمه الله.

وسأضرب على صحته مثالين، أحدهما من سوريا، والآخر من تونس.

مثال سورية: فبعد أحداث الإخوان في سورية في 1979م والثمانينات بعدها لوحق الإخوان المسلمون، وحُظر نشاطهم، بل حُكم على مَن ينتمي إلى حزبهم بالإعدام؛ فسُجن من سُجن من أتباعهم، وبعض معارفهم وأصدقائهم، وفرَّ من فرَّ من علمائهم، ودعاتهم، ومن له طلاب منهم، وإن لم يكن مُنظما في حزبهم، كالشيخ عبد الله ناصح علوان، والشيخ سعيد حوا، وعبد الله الطنطاوي، وعلي صدر الدين البيانوني، والشيخ عبد الفتاح أبو غدة، والشيخ

د. عبد الرحمن حسن حبنكة الميداني، والشيخ عبد الله سراج الدين، والشيخ عبد القادر عيسى العزيزي، وغيرهم كثير.

كما مُنعت كتب الإخوان وحظرت، ومن وجد بحوزته كتاب كان يكفي لسجنه، ربما لسنوات؛ بل سمعت من والدي رحمه الله، أن المخابرات لما كانوا يَدْهَمُون أي بيت في حلب في تلك الحقبة، فكان الناس ينزعجون ويغضبون، ويحتجون قائلين: نحن لا علاقة لنا بالإخوان فكان يقول لهم عُنصُر الأمن "المفتش": لا تتكلموا بأي كلمة؛ فنحن مخولون باعتقال كل من

عنده شيء يدل على التديُّن ولو كان سواكا؟! فأصيب الناس بالرعب والهلع، وبدؤوا يخفون كتب الإخوان، أو يدفنونها كوالدي رحمه الله، أو يضعونها في المساجد، وقد رأيت بعضها، في بعض مساجد سورية.

وبعض الناس من فزعه وخوفه كان يخرج حتى المصاحف إلى المساجد؟!

مثال تونس في منع كتب د. راشد الغنوشي: حدثني د. عبد الله الحمادي العلامة الإماراتي في الإدارة، فرَّج الله عنه سنة 2009م على ما أظن فقال لي: أنا حريص جدا في أن لا أذكر في مصادر كتبي كتبا ممنوعة في البلاد العربية غالبا؛ كي لا تُمنع، ثم فوجئت بمنع أحد كتبي في تونس؛ فتعجَّبت جدا وتحيَّرت، ورحت أبحث عن السبب، فوجدت بعض مراجعي كان قد رجع إلى كتاب للشيخ راشد الغنوشي؟!!

فهذا من باب المثل الشعبي العجيب البليغ المُؤثِّر القائل لما سُئل أحدهم: هل أكلتَ حَلاوةً يا فلان؟ فأجاب قائلا: "لا، والله آني ما جَلِيت حلاوة؛ بَسْ عباتي جاسَت عباة واحدْ ماكِلْ حلاوة"؛ أي: أنا لم آكل حلاوة؛ لكن عباءتي لامست عباءة رجلٍ أكل حلاوة؟؟!!

21- قال لبعض الجاليات المسلمة في أمريكا: "من لم يستطع منكم أن يُحافظ على أركان دينه وشعائره، وعلى أسرته - في هذه البلاد- فليحزم حقائب العودة، وليرجع إلى بلده، مِن الآن"؟!