محمد أبو الخير زين العابدين

1335 ـ 1393هـ

1916 ـ 1973م

 

الشيخ محمد أبو الخير بن الشيخ محمد زين العابدين الأنطاكي ثم الحلبي. 

عالم، فقيه، داعية، خطيب.

ولد في مدينة أنطاكية التابعة للواء إسكندرون، سنة: خمس وثلاثين وثلاثمئة وألف للهجرة، في أسرة عرفت بالفضل والعلم والصلاح والتقوى، ونشأ في حجر والده الشيخ العالم المجاهد محمد زين العابدين البالساني الأنطاكي، مفتي مدينة أنطاكية.

تلقى مبادئ علومه في إحدى مدارس أنطاكية (الحكومية)، ثم لازم والده الشيخ محمد، وأخذ عنه مختلف العلوم الشرعية والعربية، كما حضر على عدد من علماء أنطاكية في عصره.

في عام: 1934م، هاجر مع أفراد أسرته من أنطاكية إلى حلب، فراراً بدينهم بعد سلخ لواء اسكندرون، حيث حكم على والده بالإعدام، لمقاومته سياسة (التتريك) العلمانية، التي انتهجها مصطفى كمال أتاتورك، القائمة على قطع كل الصلات التي تربط تركيا بالإسلام والعرب، فحمل السلاح مع أخيه الشيخ عبد الرحمن، وراح يسير أمام أفراد الأسرة، خشية أن يفاجئهم أحد الأعداء، ووالده يسير مع أفراد الأسرة، بينما كان أخوه عبد الرحمن يمشي خلفهم ليحميهم من هجمات المتتبعين لهم( )، وقد عانى مع أفراد أسرته في هذه الهجرة الكثير من المصاعب، والجوع والتعب حتى حطوا الرحال في مدينة حلب، التي استقبلتهم أحسن استقبال، وهيئت لهم الإقامة والراحة، فعاد إلى متابعة طلبه للعلم في المدرسة (الأحمدية)، فدرس فيها على والده، الذي عين مدرساً فيها، وعلى الشيخ عبد السميع الكردي والشيخ أحمد الزرقا، والشيخ محمد العالم، كما التقى في حلب كثيراً من علمائها، وأخذ عنهم.

ثمّ أسندت له دروس التفسير والتوحيد والفقه الشافعي في 

(الثانوية الشرعية)، كما كانت له دروس في الفقه والتوحيد وعلوم اللغة العربية، في المدرسة (الشعبانية)، فكثر طلابه والآخذون عنه، نذكر منهم على سبيل المثال: الشيخ الدكتور محمود ميرة، والشيخ أحمد جاموس (أبو طه)، والشيخ عبد الرحمن كرام، والشيخ محمد عوامه، والشيخ فاروق بطل، والشيخ محمود فجال، والشيخ الدكتور نور الدين عتر، والشيخ حسن عبد الحميد، والشيخ عبد الغني المارعي، والشيخ محمد مجاهد شعبان، والشيخ الدكتور زهير الناصر، والدكتور عبد السلام الراغب، والدكتور محمد نجيب بن الشيخ عبد الله سراج الدين، والفقير كاتب الأحرف، وغيرهم كثير. 

عمل الشيخ المترجم إماماً وخطيباً في عدد من مساجد المدينة، إلى أن استقر خطيباً في جامع (حي السبيل)، حتى أن أدركته الوفاة، وكانت خطبه في جامع السبيل قوية وصريحة في مهاجمة الظلمة وأعوانهم، وفضح أعمالهم في النيل من الإسلام والمسلمين، كما كانت له مواقف مشرفة في كل حدث من الأحداث التي مرت بالأمة، فحاول المسؤولون استرضاءه بأن عرضوا عليه أن يكون مدرساً رسميا في وزارة الأوقاف، فرفض هذه الوظيفة بشدة وصراحة قائلاً : (يريدون شرائي بالوظيفة) ، هذه المواقف الجريئة والصريحة عرضت الشيخ المترجم لكثير من المحن، أولها إيقافه عن العمل مدرساً في المدارس الشرعية  والاعتقال وآخرها محاولة اغتياله من قبل أعوان المخابرات الذين أقدموا على صدمه بسيارة مسرعة، مما أدى إلى كسر رجله وإصابته في رأسه    

 وكانت له مكانة بين علماء المدينة، يلقونه في الملمات، ليأخذوا رأيه السديد، ويعملوا بمشورته.

هادئ، وقور، مهيب، جريء في قول الحق، لا يخاف فيه لومة لائم شديد التمسك بمبادئه ودينه، مع الورع والتقوى، محب للعلم وطلابه محبوب لديهم.

جميل الوجه، مربوع القامة، يزين رأسه بعمامة صغيرة مطرزة بخيوط الحرير الصفراء (الأغباني) لفت بإحكام فوق طربوش أحمر.

 

المصادر والمراجع

1- سجلات الثانوية الشرعية.

2- مقابلات شفهية مع شيخنا الشيخ محمد زين العابدين الجذبة.

3- مقابلات شفهية مع شيخنا الشيخ أحمد قلاش، صيف عام: 2001م.

4- مذكرات الشيخ محمد مجاهد شعبان ـ رحمه الله ـ

5- مذكرات المؤلف وذكرياته.

 

-----------

 

  عن مقابلة شفهية مع شيخنا الشيخ محمد زين العابدين الجذبة، جرت في بيته صيف عام 1994م.

  عاد الشيخ إلى عمله في التدريس بعد أن أضرب الطلاب في الثانوية الشرعية مطالبين بعودة شيخهم.