لعبة اللجوء إلى الشاطئ الغربي

 

تفتح القارة العجوز ذراعيها المترهلتين وهي تبتسم على الطرف الآخر من شاطئ البحر الغربي، وتظهر العمة (إنجلا ميركل) رئيسة وزراء ألمانية كأنها (بابا نويل) بلباسه الأحمر الجميل حاملة الهدايا على كتفها لتوزعها على الفائزين في اجتياز “الحواجز القاتلة”، وكأنها تشجع اللاجئين على الاستمرار في هذه اللعبة الخطيرة، فهل سحرت العمة “ميركل” أعيننا لنتخيل أن (الإلدورادو) المدينة الذهبية تقع في الجانب الآخر من البحر.

وهل تحرك ضمير الغرب فعلاً من ثباته الشتوي أو تحركت مصالحه الضيقة ليستفيد من عنصر الشباب الذي تفتقده أوروبة، ليكون عبارة عن “أكسيد الحياة” الجديد ويكون كدواء شد الترهل  لجسد (السيدة العجوز)، لقد تلاقت  مصالح الغرب مع إيران في الوقت الراهن للعمل على تفريغ المكون السني الشاب من سورية وتركها للغزو الإيراني وهذا يعني زرع جيران جدد للشعب اليهودي في فلسطين وإرضاء العم سام والحفاظ على أبنائه المدللين ورعايتهم وإبعاد الجهاد عن حدود إسرائيل كما حدث في جنوب لبنان عندما أخرج حافظ الأسد الفصائل الفلسطينية المجاهدة بالتعاون مع فصائل شيعية في جنوب لبنان .

كيف نصدق الغرب وهو الذي يمنع دخول الصواريخ المضادة للطائرات للثوار ويعترف بحكم القاتل بشار ويعطيه الشرعية، ولا يهتم بمعاناة السوريين، وبمجرد أن أوقفت تركية استقبال اللاجئين السوريين إلى أراضيها منذ أشهر حتى أعلنت أوروبة حالة الطوارئ على أراضيها لمجرد لجوء لا يتجاوز 300،000 لاجئًا سوريًا.

لكن كم تقدر الأعداد الدقيقة للاجئين السوريين في الخارج وهل جميعهم من المكون السني؟

أجاب عن هذا السؤال: خليل حلواني المدير العام لشؤون اللاجئين في الحكومة السورية المؤقتة.

“حسب تقارير الأمم المتحدة الرسمية اللاجئين السوريين في العالم تجاوز 4 ملايين، منذ بداية الثورة ونصفهم في تركية، وهذه الأعداد طبيعة لعدم توفر الأمن في سورية، وهي متغيرة بحسب ظروف البلد، وأعتقد أن غالبية اللاجئين من السنة، لكن هذا لا يؤثر على التركيبة السكانية في سورية، على الرغم من تجاوز عدد اللاجئين السوريين 4 ملايين لاجئ.

وسيصل العدد إلى 4.27 مليون لاجئ بنهاية عام2015 حسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، هناك نحو 1.9 مليون سوري ( 1,938,999) مسجل من قبل حكومة تركية و 2.1 مليون سوري ( 2,025,969) مسجل لدى المفوضية في مصر والعراق والأردن ولبنان ، فضلا عن أكثر من 24،000 في شمال أفريقية , و 348,540 في دول أوروبة”.

فما هي الأسباب التي تدفع إلى الهجرة واللجوء إلى بلاد الغرب؟

مع تزايد عنف النظام وسكوت العالم عن جرائمه وتغييب الأمل في حل قريب يقف المواطن السوري حائراً بين قلة الأمان بسبب القصف المستمر، وارتفاع نسبة البطالة وإغلاق معظم المعامل والورش، وتدهور التعليم وقلة الخبرات، وندرة الجامعات والنقص الشديد في الأطباء، وعدم توفر الكهرباء وقلة الماء، وتناحر بعض الفصائل فيما بينها، وعدم توحد القضاء وظهور الفساد وخفة الأحكام ومياعة المحاسبة. كل هذه أسباب قوية تدفع المواطن إلى التفكير باللجوء إلى أي بلد يشعر فيه بالأمان، وتكون فرص العمل فيه كبيرة بمدخولها الجيد الذي يضمن له ولعائلته حياة كريمة، فضلا عن المغريات التي يقدمها الغرب من رفاهية.

وبعد إغلاق البلدان العربية أبوابها في وجه السوريين لم يبق للمواطن السوري سوى التفكير في اللجوء إلى الغرب وتناسي مساوئه الكثيرة، لكن السؤال الكبير الذي سوف يطرح على اللاجئين السوريين بعد عدة سنوات هل حافظتم على دينكم وأخلاق أطفالكم ومستقبلهم في بلاد “الحرية”؟

وهل صرتم أحرص الناس على حياة، كما وصف الله اليهود، فقال: “وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا”.

وهل تذكرون السنة النبوية الشريفة وتذكرون حديث نبينا صلى الله عليه وسلم:

(عليكم بالشام فإنها صفوة بلاد الله يسكنها خيرته من خلقه فمن أبى فليلحق بيمنه وليسق من غدره فإن الله عز وجل تكفل لي بالشام وأهله)

ربما يأتي يوم ونتذكر!

المصدر : مجلة حبر قلم

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين