عندما يذكر أهالي حمص آل الجنيد الكرام يترافق
مباشرة مع هذا الذكر كل معاني العلم والفقه والأدب والذوق والزهد والورع
والتقوى والتواضع والكرم وحب الخير وحل مشاكل المجتمع والصبر والجهاد والتضحية
وبذل الغالي والنفيس في سبيل الله.
هؤلاء هم آل الجنيد الذين حباهم الله
بهذه الصفات المجمع عليها من جميع أهالي حمص، مجمع عليها من علمائها وسادتها
ورجالها ونسائها وشيوخها وأطفالها، فالجميع يعلم بأن هذه الأسرة الكريمة المباركة
هي من منح الله عز وجل وعطاياه الجزيلة على هذه الأمة، فمنها تعلم الناس أمور
دينهم ودنياهم، وكان لها الفضل العظيم الكبير الذي لا يقدر بثمن.
الشيخ ممدوح رحمه الله من هذه الأسرة
الكريمة، والده الشيخ محمد جنيد رحمه الله العالم الجليل العابد الزاهد
الصابر المحتسب نزيل المدينة المنورة والذي قدم أربعة شهداء رجال عظام في سبيل
الله، وعمه الشيخ محمود جنيد شيخ حمص الفقيه الزاهد الورع التقي النقي
الداعية الذي قدم شهيدين من خيرة أبناء حمص في سبيل الله.
ليس لواحد مثلي أن يتجرأ ويكتب عن هذه
العائلة الكريمة التي أحببتها منذ نعومة أظفاري، فمن أنا لأكتب عن جهابذة العلم
والدين آل الجنيد، ولكنه والله الحب المكنون في أعماق قلبي لهم، والذي أكنه
للشيخ ممدوح منذ أكثر من 45 عاما حيث عرفته فيها عن قرب سفرا وحضرا ومجالسة، والحب
العميق لأبنائه أخوتي وأحبتي الكرام السادة محمد وأسامة ومبشر، وأصهاره جميعا وعلى
رأسهم رفيق عمري أخي بشار أبو عبادة وصاحب الهمم الحبيب أبو سارية ، فالمصاب
مصابنا جميعا وليس مصاب آل الجنيد فقط، لأن الشيخ ممدوح عاش بروحه وقلبه ووقته للجميع
، ولم يعش لنفسه وعائلته أبدا، لم يعش الشيخ ممدوح لحارته ولمدينته وبلده، بل عاش
للأمة جميعها، عاش يحمل في طيات قلبه النابض هم الأمة، هم الناس ،هم الجميع، وبذل
من وقته وراحته ما تعجز عنه الجبال الراسيات، ومن يعرف الشيخ ممدوح عن قرب يدرك
معنى ما أقول.
رحمك الله يا شيخنا الفاضل، رحمك الله يا معلم
الناس الأخلاق والأناة والحلم والتواضع والتضحية والعطاء، وهنيئا لك مثواك الأخير
جوار الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم.
لقد شعرنا باليتم الحقيقي من بعدك، فقد كنت
الملاذ الآمن والسند الحقيقي للجميع، تستمع لهمومهم وقضاياهم وتضع عليها البلسم
الشافي بما حباك الله من الحكمة وفصل الخطاب.
لم تشأ الأقدار أن أقف على قبرك الشريف لألقي
نظرة الوداع فقد حالت آلاف الأميال من ذلك، ولكني لا أقول إلا ما يرضي ربنا:
" إنا لله وإنا إليه راجعون " وأسأل الله أن يجمعني بك على الحوض مع من
سبقنا من سادتنا وآبائنا وأمهاتنا.
تعازينا القلبية لرفاق دربك العلماء الأجلاء
ونسأل الله أن يبارك في أعمارهم، ولأبنائك وبناتك وجميع أفراد عائلتك، ولأهالي حمص
وسوريا وأهالي طيبة الطيبة التي أكرمك الله بالإقامة والوفاة بها، أعظم الله أجرنا
جميعا، فالمصاب جلل حيث فقدنا رجلا عظيما، رجلا بأمة يندر من أمثاله، فقد جمع
خصالا جمة قل أن تجتمع برجل واحد في هذا الزمان.
رحمك الله رحمة واسعة وجعل مثواك في أعالي
الجنان.
كتبه العبد الفقير
المحب
حسام السباعي
21 / 6 / 2023
التعليقات
يرجى تسجيل الدخول