كلمات في رثاء الشيخ محمد أديب كلكل رحمه الله تعالى

 

كتب تلميذه الدكتور مرهف السقا في رثائه يوم وفاته وعلى صفحته :

 أنعي للأمة الإسلامية وفاة شيخنا العلامة المربي الفقيه الورع بقية السلف الصالح الشيخ محمد أديب كلكل رحمه الله.  

كم كنت أخاف هذا اليوم الذي أفتقدكم فيه ولم تكتحل عيني برؤيتكم من خمس سنوات... 

كم كنت أخاف هذا اليوم الذي أكتب فيه هذه الكلمات...

أي رجل فقدت يا بلاد الشام... 

إن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن، وما نقول إلا ما يرضي ربنا... إنا لله وإنا إليه راجعون... 

اللهم أشهد أنه كان يحبك ويحب نبيك ويغار على دينك وحرماتك فاجزه عن أمة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم خير الجزاء.

اللهم ارفع درجته في عليين وتقبله في الشهداء والصالحين واحشرنا معه تحت لواء سيد المرسلين يا أرحم الراحمين.

وكتب أيضاً:

كان شيخنا العلامة محمد أديب كلكل رحمه الله سيدا في الورع والزهد عزيزا لا يرى الدنيا شيئاً، حافظ على دينه وجاهد لعزة الإسلام فأعزه الله... ولطالما كان يحدثنا عن وجوب ترفع طالب العلم عن الدنيا ودرنها وتعلق قلبه بالله ولطالما تمثل أبيات إمامنا الشافعي رضي الله عنه:

أنا إن عشت لست اعدم قوتاً 

وإذا مت لست اعدم قبـراً

همتـي همة الملوك ونـفسـي 

نفس حر ترى المذلة كفـراً

وإذا ما قنعت بالقـوت عمري

فلماذا أزور زيـداً وعمـراً

حقا لقد أتعب من بعده... كنت سمعت شيخنا الدكتور نور الدين عتر حفظه الله يقول عن الشيخ محمد الحامد رحمه الله : إن حماة تحتاج إلى عشرة علماء ليسدوا محله.... وإني أتمثل قول شيخنا الدكتور نور الدين لأقول: إن حماة تحتاج لعشرة علماء صادقين مخلصين ليسدوا الثغر الذي تركه شيخنا رحمه الله... 

فيا طلاب العلم إن لم يرفعكم الله فلن ترفعكم الدنيا ولا الشهرة ولا المناصب... إن لم يعزكم الله فلن تعزكم الأموال ولا الأتباع ولا الدعاوى...

وكتب الدكتور خلدون مخلوطة الحموي :

رحمك الله شيخنا الجليل ، الجبل الأشم ، الأديب الحسيب ، العلامة الفقيه الشخ محمد أديب كلكل .

أسأل الله أن يرفع مقامك في زمرة النبيين والصدِّيقين والشهداء والصالحين ، والعلماء العاملين .

وأن يجزيك عن أمة الإسلام خير الجزاء  .

تخرجت بشيخنا الجليل العارف الرباني الشيخ محمود الشقفة، وأثنى عليك الثناء العطر عالم حماة العلامة المجاهد الشيخ محمد الحامد رحمهما الله.

تتلمذنا على كتبك فكان لها الأثر الرائع في نشأتنا .

وعوض الله هذه الأمة خيراً.

لقد تجددت علاقتي بهذا العالم الجليل عن طريق الفيس، وكم سرني أنه يتابع ويقرأ ما يدور في ساحة الفكر الإسلامي لآخر لحظة من حياته.

وكتب أيضاً:

‫#‏وداعاً_أيها_الشيخ_الجليل_وإلى_اللقاء_بإذن_الله_تعالى‬

‫#‏العلامة_الفقيه_الشافعي_المربي_الشيخ_محمد_أديب_كلكل_رحمه_الله‬

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لكل عالمٍ سمتُـه الخاصة ، وميزاته الفريدة، وشمائله الرائعة : ولكن لهذا الشيخ المبارك انطباع خاص في مخيلتي وأنا في مرحلة الشباب : وقارٌ يكسوه تواضع ، وهيبةٌ مشوبةٌ بأُنس ، واتزانٌ يخالطه انبساط ، ومُحيا تزينه أنوارُ الإيمان، ونفسٌ مطمنئة واثقة تغلغل في كيانها تَعشُّق تعاليمِ الإسلام، وعِلمٌ عنوانه التحقيق ، واعتدال مقرون بقيود معالم الشريعة ، وتصوفٌ منضبط وتهذيبٌ، وآدابٌ رفيعة تحلى بها ، فكان له منها من اسمه أوفى نصيب ، ومتابعةٌ لأحوال أمته ببصيرة واعية ورؤية متوازنة .

أخذ مساراً لم يحِـد عنه طيلة حياته : خدم أمته بعلمه من خلال دروسه الرائعة - فكانت مميزةً بحضور نخبة من الشباب المثقفين- ، وبمؤلفاته التي أخذت طابعَ التحقيق العلمي الرصين والدقة في النقول، وعندما صودرت الكلمة ، ومُنِـعت الدروس: أخذ مساراً علمياً يتناسب مع الظروف المحيطة به ، فلا هو انقطع عن التعليم والإفتاء ، ولا هو تنازل عن مبادئ عاش لأجلها ، فكان حكيماً في بثِّ رسالته بلا مسجد ولا مدرسة، وطوداً شامخاً في ثباته ، يظن من لا يعرف حقيقة حاله أنه معتزلٌ عما يدور حوله، أوغائبٌ عن شؤون أمته.

ولشدة حرصه على الفتوى المسددة يراسل العلماء الذين يثق بعلمهم وتقواهم، ويشاروهم فيما أفتى به ، ويأخذ منهم موافقات كتابية يضمها لفتواه ، لتكون ممهورة بأقوالهم ، ورصينة بموافقاتهم . 

كنت دائماً أسأل عن هذا الشيخ بعد أحداث جسيمة وأليمة وإذا بأحد من أحسبهم من أهل التقوى والإلهام يجيبني قائلاً : ( لهذا الشيخ المبارك سرٌ خاص بينه وبين ربه، وعلاقة راسخة ، فحفظه الله لهذه البلدة وبقي فيها طوداً شامخاً ). 

صلتي مع هذا العالم كانت عجيبة وغريبة ، فكانت صلة علمية وروحية ، تلقيت عنه القليل من العلم في دروسه، والكثير من مؤلفاته، وبعد انقطاع في الأجساد دام لأكثر من خمس وثلاثين سنة : عادت قوية من خلال قراءة شيخ لتلميذه، فأفاجأ أنه يتابع ما أكتب ، ويعلق تعليقاً جميلاً يكتبه على صفحتي في الفيس قبل وفاته بفترة وجيزة ، أنقل لكم بعض ما جاء فيه ، حيث يقول : 

( يا أخي يا خلدون عرفتك جندياً من جنود الاسلام ،على ثغر من الثغور وما أكثرها في هذا الزمان ،عرفتك مكافحاً مناضلاً بقلمك ولسانك في ميدان هذه الهجمة الشرسة على الاسلام والمسلمين عامه وأهل السنه والجماعة خاصة ، هذه الهجمة لم يشهد التاريخ الاسلامي مثلها أبدا هجمة شرسة سياسية واقتصادية وثقافية وعسكرية وتخريبية لكل القيم الانسانيه وتشكيكيه في مبادئ الاسلام وأصوله : ومنها الكتاب والسنة النبوية الشريفة والتراث الفقهي ورجال الاسلام الصادقين المخلصين من قديم وحديث ، كل ذلك باسم العَـلمانيه والتطوير والتحديث والتنوير ، ومن المؤسف جداً أن يتبنى هذه الهجمة رجال من جلدتنا ، ويتكلمون بألسنتنا : قد باعوا دينهم وأمتهم وتراثهم بعرض من الدنيا ، لا أقول دنياهم ولكن باعوا ذلك كله بدنيا غيرهم، بارك الله لك في علمك وعملك وقلمك ولسانك فأشكر الله سبحانه وتعالى أن أقامك على هذا الثغر جنديا مكافحاً مناضلاً وهذه فيما اعتقد أعلى درجات الجهاد ، وقد سمعت من شيخنا الحامد رحمه الله تعالى حديثا يقول فيه : يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا ظهرت البدع، وسُـبَّ أصحابي : فليظهر العالم علمه ، ومن لم يفعل فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين .

يا أخي خلدون إذا أردت ان تعرف عند الله مقامك فانظر فيما أقامك .

اللهم أصلح أمة سيدنا محمد . اللهم ارحم أمة سيدنا محمد ، اللهم كف أيدي الظالمين عن أمة سيدنا محمد ، واجعل لهذه الأمة من أمرها فرجا ومخرجا ، وحل أزماتها ،واجعل لها من أمرها يسراً ، اللهم خذ الظالمين بالظالمين وأخرجنا من بينهم سالمين ، وارحم أمة سيدنا محمد رحمة عامه شاملة، اللهم أقر عين حبيبك سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بكشف هذه الغمه عن هذه الأمة .

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .أخوكم محمد أديب كلكل ) .

‫#‏فكان_ردي_عليه‬ :

( سيدنا الشيخ الجليل، العلامة الفقيه، المربي الفاضل محمد أديب كلكل حفظه الله ورعاه.

يا سيدي أن تخاطبي بالأخ فهذا مقام لي عظيم ، وشرف لي كبير ، فما أنا إلا بمثابة أحد أبنائك وتلامذتك.

وأن تصفَـني بأنني على ثغر من ثغور الإسلام : فهي شهادة أفخر بها ، ولكن يا سيدي أسألك - وأنا العبد الفقير- أن تخبئها لي شهادة تشهد لي بها عند الله ، فعسى أن يمنحني بهذه الشهادة المغفرة والقبول ، وعسى أن يحشرنا بمعيتك المباركة ومعية شيخنا أبي عبد الرحمن الشيخ محمود الشقفة رحمه الله تحت لواء الحبيب صلى الله عليه وسلم ، وأن يزجنا بفراديس جناته ، ويمنَّ علينا بالرضا والقبول.

يا سيدي لي الشرف أن قرأتم : وأي عز أن يقرأ أمثالكم لمثلي ، فما هذه المقالات إلا من غراسكم اليانعة ، وثمرة من بساتين مؤلفاتكم العامرة.

وكم كانت سعادة الوالد رحمه الله تعالى برفقتكم في أداء مناسك الحج، فيحدثنا عنها في غبطة وسرور، رحمه الله وجزاه عني خير ما جزى والداً عن ولده.

متعنا الله بكم ، وبارك الله بعلمكم وأعمالكم، وجعلكم ذخراً للإسلام والمسلمين.

فأنتم العرين ، والحصن الحصين.)

ياسيدي أي توافق هذا أن أكتب في صفتحي عن جلسة إيمانية مباركة شهدتها في حضرة شيخنا العارف الرباني الشيخ محمود الشقفة رحمه الله تعالى : في اليوم الذي اصطفاكم الله تعالى فيه : وإذا أنتم تُـدفنون بجواره ، فهنيئاً لكم هذا الجوار المبارك.

وإنها لمصيبة عظمية أصيبت بها الأمة بفقدكم ، ونقص عظيم في كيانها وكما قال حبر الأمة سيدنا ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: ﴿ أَوَ لَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا ﴾ : "خرابها بموت علمائها، وفقهائها، وأهل الخير منها". وأنتم بلاشك أحد علمائها وفقهائها، وقال الحسن البصري - رحمه الله -: "كانوا يقولون: موت العالم ثُلمة في الإسلام، لا يسدها شيء ما اختلف الليل و النهار".

وأنتم جديرون بقول القائل :

الأرضُ تحيى إذا ما عاش عالمُها ***متى يمت عالمٌ فيها يمت طرف 

كالأرض تحيى إذا ما الغيث حلَّ بها ***وإن أبى عاد في أكنافها التلف 

رحمكم الله ، وأعلى مقامكم في العلماء العالمين ، وأجزل مثوبتكم عن الإسلام والمسلمين .

وعزاؤنا لأسرته الطيبة المباركة ، ولأهل حماة وأهل الشام والأمة الإسلامية ، وأسأله سبحانه أن يعوض هذه الأمة خيراً.

 

وقال تلميذه الأستاذ غالب المصري:

رحمك الله شيخ حماة الفاضل وأستاذنا الغالي أبا علي، وجزاك عنا وعن المسلمين وعن العلم خير الجزاء، وحفظ أولادك وذريتك وطلابك من بعدك، وجعلهم على دربك ، وقد خطرت ببالي بعض الأبيات التي لا تفيك في هذا الظرف بعض حقك:

يبكيك القلبُ المضطرمُ

تنعاك الحكمةُ والقَلَمُ

 

ترثيك حماةُ بألسنةٍ

لهجتْ بالحُبِّ لشخصكمُ

ذكراكمْ في القلبِ منارٌ

تتلاشى برؤاهُ الظُّلَمُ

أوْقَدْتُمْ للعلمِ سر

فأضاءَ حماةَ بفضلكمُ

أكرمكَ المَوْلى برضاهُ

وسرى في العالَمِ ذِكْرُكُمُ

كم قلبٍ أحياهُ شُعاعٌ

من نور الله بعلمكمُ

والفتوى أنتمْ رائدُها

محتسباً ديدنُكَ الحُلُمُ

فجوابُكَ شافٍ يلقَفُهُ

طلاّب العلمِ ويغتنموا

علماءُ الشام لكُمْ شَهِدوا

بالعلمِ فذكرُكُمُ عَمِمُ

لم تطلب يوماً جائزةً

لم تُغْرِكَ دُنيا أو نِعَمُ

وصبرتَ على مرضٍ حتّى

لرضاء المَوْلى تغتنمُ

فجزاكَ الرحمنُ نعيماً

شأنُ الرحمنِ هو الكَرَمُ

-- 

وقال الأستاذ عمار العقاد:

.. رثاء العلم

ثكلى حماة وكلنا أيتام 

والحزن في كبد العيون غمام

ارواحنا تبكي ونوح دموعها 

ملء السماء و أنّت الآلام ...

مات الأديب العالم الورع

ناح الحمام ... ونكست أعلام

يارب صاح العلم في ألم 

واكربتاه ... وجفت الأقلام

أدعاه محمود * فلبى دعوة

لجواره شوقا وطاب مقام !!

* محمود : العالم الرباني محمود الشقفة أستاذه ورفيقه

 

وكتب الأستاذ مصطفى قاسم عباس جزاه الله كل خير 

قصيدة ( ويلوح طيفك )

قصيدة ألقيتها اليوم في رثاء الشيخ محمد أديب كلكل ( شيخ مدينة حماة وعالمها)رحمه الله تعالى

 

في كل قلب تنــــبض الحـــسراتُ 

ودماً تسيل بوجـــنتي العـــــبراتُ

 

وبأسطري تبكي الحروفُ بحرقة 

وتنوحُ حيرى في فمي الكلماتُ

 

لا الشعر يسعفني لأرثيَ شيــخنا 

كلا ولا الفصحى ولا الأبـــياتُ

 

فركبتُ بحر مشاعرٍ مكلـــومـــــة 

بسفين أحـــــزاني ومــــا مَرساة

 

ويلوح طيفك باسما مـــتــــــوردا 

ولنــــــوره تــــتـــنـــورُ المشكاة

 

فأُكَحّلِ الجفنَ القريحَ ببدره 

لتزول عني تلكم السكراتُ

 

تبكي دروسُ العلم فقدَكَ سيدي 

والفقهُ والمحرابُ والآياتُ

 

تبكيكَ أزهارُ التكيةِ والرُّبا 

بل قد غدت ثكلى تنوحُ حماةُ

 

ما مات من غرس العلوم بروضه 

وسقتْ زهورَ رياضه القطراتُ

 

ما ماتَ ...في الفقه المبسط ذكرُه 

فله على مر الدهور حياةُ

 

بتنا عطاشى العلمِ نرتشف الأسى 

هل بعد فقدك كوثرٌ وفراتُ ؟

 

بتنا يتامى العلم بعدك سيدي 

فالعلم دون العالِمين شتاتُ

 

للعلم عشتَ فكنت نبراسَ الهدى 

وإلى القلوب تغور منك عظاتُ

 

تمشي بكل تواضع وسكينة 

وبك ارتقت فوق السُّها راياتُ

 

لله درك ! فــــــي فـــــــؤادك رقــــةٌ 

لكــــن علـــــى الحق المبين ثباتُ

 

لـــــم تخـــــــش إلا الله جل جلاله 

فلأنت فيك من الصِّحابِ صفاتُ

 

ولـــقــــــد ثــــويت ببقــــعةٍ ميمونة 

فيها الهـــــدى والخيـــــر والبركات

 

بجوار شيخٍ كان شمـــــساً في الدجى 

وبـــذكــــــره تـــتــنـــزلُ الرَّحمات

 

إن غاب شخصك في الدنى عن أعينٍ 

ولْهــــى بحــــبـــــك فاللــــقا الجنات

 

أسرار وخفايا عن الشيخ محمد أديب كلكل  رحمه الله لا يعلمها كثير من طلبة العلم

بقلم: م مصطفى كلكل

الحمد الله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم التسليم علي سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبة أجميعن وبعد: 

أريد أن أتحدث عن أمور ذكرها لي رحمه الله لقربي منه فهو عمي وبمثابة والدي, وأستاذ تتلمذت على يديه ونلت منه العلم فأحببت وفاءً لهذا العالم الرباني الفقيه أن أخرج بعض ما علمته عنه ليكون قدوة لمن خلفه فرحمه الله وغفر له.

فقد سد رحمه الله ثغرة كبيرة في مدينة حماة بخروج كثير من العلماء ولكنه رحمه الله لم يخرج منها رغم كل الظروف التي مرت بالمدينة وقال لي: حدثت نفسي بالخروج فرأيت رؤيا تقول له وتثبته: ( واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا ).

وكان له سمت ووقار وهيبة, كان عالماً ربانياً منفتحاً متطوراً ملماً بكل المذاهب المتفق عليها وغيرها. 

أولاً شدة شغفه للعلم: 

كان رحمه الله شغوفا بالعلم ومحبة العلماء فكان يجمع مكتبة في منزله قل نظيرها في مدينة حماة فمرة من المرات جئته بكتاب الفتاوى للإمام الشعراوي رحمه الله ثلاث أجزاء طلب مني استعارتها فقرأها خلال يومين وأعاده لي فقلت له: ما رأيك به ؟ قال: جميل ولكنه يحتاج للدليل العلمي والفهرسة للمواضيع ولم تركز على موضوع معين. فسألته كيف قرأته في هذه المدة, قال رحمه الله: (أنا وسطياً ولله الحمد أقرأ مئتي صفحة باليوم) قلت ماشاء الله ثم عقب على الإمام النووي رحمه الله بأنه كان يدرّس باليوم 11 ساعة علمية في مختلف العلوم أما تحتاج أقل القليل كل ساعة تحتاج ساعة تحضير ثم أين الأكل وأين الشرب وأين النوم إنها البركة يا ابني في العلم والوقت ثم قال توفي الإمام النووي رحمه الله وعمره 42 سنة ولوقسمنا كل مؤلفاته على عمره لوجدنا أنه في كل يوم كان يؤلف 30 صفحة .

ثم إني مرة سألته عن بعض المشائخ الذين يقولون خذ بعلمي ولا تأخذ بخلقي أو سلوكي فانتفض رحمه الله وقال: يا ابني ( إن العلم سلوك) فقلّ أن تجد تلميذاً أو طالب علم تتلمذ على شخص ما إلا وأثر بسلوكه وتأثر به تأثيراً بليغاً من حيث يدري ولا يدري.

وكم كان يتكلم بحرقة وألم عن عدم متابعته الدراسة وأخذ الشهادات العليا. ورغم ذلك تخرج من تحت يديه كثير من طلبة العلم مثل الدكتور مرهف السقا وغيره كثير وقال لي مرة جاء أحد طلبة العلم أن يأخذ دكتوراه أو ماجستير لست أذكر بالتحديد, وكان يريد أن يختار موضوع (العبيد والإماء في تاريخ الإسلام) قال له: ما الفائدة المرجوة من ذلك ما هو النفع الحاصل من ذلك للأمة أخي الكريم ابحث عن موضوع عصري تحتاجه الأمة, وقد استشارته زوجتي وهي خريجة جامعة دمشق بالشريعة الإسلامية عن اختيار موضوع لرسالة الماجستير حيث كانت تريد أن تبحث بموضوع الفقه المقارن قال لها يا بنتي الأناس الذين درسوا هذا العلم كثر اختاري موضوعاً آخر فتم الاختيار على موضوع (الإبداع مجالاته وسماته...) فاستحسن ذلك وكان اختيار موفقاً والحمد لله وقال لها نريد مواضيع تنفع وتؤثر في نهوض الأمة, فنالت زوجتي الماجستير ولله الحمد.

وأيضا يكفيه رحمه الله شهادة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه تلميذة 

حكت لي امرأة على صلة لي بها كبيرة وكانت تكثر من سؤاله على الهاتف في مجالات كثيرة وخاصة في مجالات تخص النساء فقد رأت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم أنت من أحبابي أنت من ذريتي أنت من أهل بيتي ثم سألها النبي صلى الله عليه وسلم من أين لك هذا العلم قالت له: من الأستاذ محمد أديب كلكل فقال لها محمد أديب كلكل وفرج أصابعه ووجهها لصدره صلى الله عليه وسلم إنه تلميذي بالحرف الواحد, فقلت لها فوراً كلمي الشيخ على الهاتف فكلمته فأجهش بالبكاء ولم يستطيع أن يكمل فاعتذرت وأغلقت الهاتف, وبعدها لا يرد لها أي سؤال ولا يعتذر سواء من ليل أو نهار فرحمه الله وغفر له.

ولمن أراد الاستزادة من المبشرات والرؤى فعليه بسؤال الأخ والأستاذ الفاضل عبدالرحمن العشي وحج ياسين الياسين حفظهما الله ورعاهما وحماهما.

وكان يقول لي من تصدر للدعوة يجب عليه أن يتحمل أذى الناس وإساءتهم وإذا أريد له القبول عليه أن لا يمد يده لأموالهم فكان رحمه الله كما قال لي يعرض عليه كثير من الناس أموالهم فلا يقبلها وكان يكتفي مما يعمل ويترفع عن أموالهم.

وكان له مجلس علم في أحد المنازل قديماً فكان رحمه الله كما قال لي يقوم باليوم التالي يتولى التنظيف للبيت.

ورغم إنشغالي بتأليف مواضيع هامة في الهندسة المدنية وأشغال أخرى على الرغم من ذلك اضطررت أن أنشر بعضاً من سيرته العطرة وأطلب من طلبة العلم الذين كانوا يحضرون مجالسة أن ينشروا ما يعرون عنه وما سمعوه لأنني انقطعت عنه فترة بسبب غربتي فرحمه الله وغفر له .

وسيتم نشر بعض الخواطر في الحلقات القادمة بإذن الله .