كلمات في رثاء الشهيد طارق بن زياد الطباع

 


 
أعدها ونسقها: مجد مكي
 
رحم الله شيخنا العلامة الجليل مربي الأجيال الأستاذ الكبير علي الطنطاوي ، فقد ربى أسرته على الحميَّة والأنفة والعزة وعدم الخضوع لمستبد، أو الركون لظالم ، وقد كان هذا منهجه في حياته ، وقد عاش أحداث الثورة ضد المستعمر الفرنسي، وعاصر الحكومات الانقلابية المتتابعة في سوريا ومصر، وعرف ما ألحقته بالأمة من علل وشرور، عالجها بقلمه ولسانه، واضطرته للهجرة من دمشق أحب البلاد إليه، وبقي يحن إليها إلى آخر يوم في حياته.
. وقد أكرمه الله باستشهاد ابنته (بنان ) في حياته برصاص المجرمين الطائفيين، وتمتد الكرامة اليوم بمشاركة بناته وأحفاده في نصرة الثورة السورية ضد الاحتلال الأسدي البغيض بوقتهم وفكرهم وقلمهم ومالهم ،بل دمهم . ويتقدمهم هذا الشاب البطل : طارق.
كنت أراه في مجلس شيخنا الطنطاوي بصحبة أبيه الأخ الكريم زياد الطباع ، ,كان صغيرا حيِّيَّاً، قليل الكلام، دائم الابتسام، وديعا أثيرا لدى جده كسائر أحفاد الشيخ. ويسطر اليوم بدمه مفاخر جديدة لهذه الدوحة المباركة.
وقد وقفت على بعض الكلمات في رثائه فأحببت أن أقدم شيئا منها في هذه الطاقة العطرة .   
 
كتبت والدته أمان علي الطنطاوي:
ولدي حبيبي: هنيئا لك الفردوس الأعلى ،هنيئا لك شهادة طلبتها ،فحققها الله لك ، إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن ،والفراق صعب ،لكن الأمل باللقاء يعطي السكينة والراحة. 
وكتبت أيضا: لست وحدي أم الشهيد ابنتي الكبرى عبير ،شاركتني تربيته والعناية به ،أحبها في طفولته أكثر مني ،لأن بداية حياته كانت مع بداية أحداث الثمانينيات، ومع فقد أختي الحبيبة بنان ،كنت أتركه مع عبير معظم الوقت ،ولما بدأ دراسته ،كانت تدرسه، ومرة جاءني يشكو من مسألة صعبة قلت له تعال لأساعدك ،قال لي بضيق: إذا عبير ماعرفت أنت ستعرفي ؟!!ويوم تزوجت عبير عانى كثيرا لسفرها،،،عبير ابنتي الحبيبة هنيئا لك معي.
 
هذا الدعاء لوالدة الشهيد طارق الطباع في يوم استشهاده

يا رب في هذه الساعة المباركة ،في ليلة الجمعة ،تتوجه إليك الأكف ضارعة ،يا رب لا تردنا خائبين، يا رب كن مع عبادك الصالحين الصامدين ،في مصر ، وفي حمص، يا رب لا تخذلهم فهم ينشدون إعلاء كلمتك ، يا رب إن كانوا صمدوا ابتغاء مرضاتك فكن لهم سندا وعونا ،امنحهم قوة، وصبرا، واردد عنهم كيد الكائدين ،واهزم اعداءك وأعداءهم ،يا أرحم الراحمين ،يامن قلت: ادعوني استجب لكم لا تردنا خائبين، يا رب العالمين . أمان الطنطاوي.
 
كتب والده الأستاذ زياد الطباع:
 الحمد لله اليوم زفاف ولدي طارق هنيئا له وبارك الله له وجمعنا به في مستقر رحمته
 شريط الذكريات مع ولدي الشهيد :
 البارحة وقبيل أذان العصر اتَّصلت بي بنتي نسرين التي تسكن بالقرب مني في عمان، وقالت لي : إن منجدا [ ديرانية ]ابن خالتها قادم إليها بالسيارة ليأخذها مع أطفالها لدارهم لأن المعزيات من النساء يفدون إلى دارهم في وقت مبكر ، فقلت لها: إذن اذهب معكم وأنزل عند مسجد الجامعة الأردنية، وانا أتابع طريقي إلىبيت أخي علي الذي قدم إليه زوج ابنته للسلام عليه، ولما خشيت ان يتأخر منجد, قلت لنسرين: أترككم وأذهب للمسجد بالحافلة الصغيرة, وصلت المسجد وصليت السنة، ثم قمت لصلاة العصر مع الإمام الذي ذكَّر الناس بأن هنالك جنازة يصلَّى عليها بعد العصر ,ويبدو أن رمضان موسم الوفيات ، فقبل رمضان بأيام قليلة انتقلت جدة زوج ابنتي نسرين إلى بارئها، ويوم الجمعة الماضي انتقل عديلي الأخ الغالي مأمون ديرانية ملبيا نداء ربه، وأنا في الصلاة قبل السلام الأخير ، وإذا بجرس جوالي يرن، فضغطت عليه منهيا المكالمة مرات، وأنا مستغرب لأن قليلا من الناس عندهم رقمي الجديد ، فانتحيت  بعد الصلاة جانبا بالمسجد لأعرف من المتصل ,فإذا به ابن اخي جواد، فقال : يا عم أين أنت ؟ فقلت له : كنت أصلي العصر بمسجد الجامعة وسأذهب متدرجا ماشياً إلى بيت عمِّك علي، فقال لي: لا أنا أوصلك وأزوره بمعيّتك. فقلت: لابأس , المهم وبعد صلاة العصر والجنازة ,وصلت سيارته الى المسجد، وانتقلت معه إلى بيت اخي علي , وتحدثنا بشؤون مختلفة عن أحوال البلاد والعباد، وفي أثناء الحديث اقترب مني جواد، وقال لي:  يا عمي أهنؤك بأن الله يلبسك تاج الوقار ،رحم الله طارقا، لقد استشهد.
 ومرَّ أمامي شريط الذكريات بالولد الغالي على قلبي والعبرات لم تمكني من أي حديث إلا أن شريط الذكريات مرَّ أمامي ارى فيه طارقا الطفل وانا احدثه عن البطل الاسلامي العظيم طارق بن زياد فاتح الاندلس وكيف ان الفرنجة طردوا المسلمين منها ,فقال لي على طفولته: اذن أنا يابا أريد ان أعيد فتح الاندلس، ولكنني أريد المفتاح لأفتحها، ومر شريط الذكريات لأرى الطفل النابغة في كل مراحل دراسته فكنت حين أوصله للامتحان يذهب مهموما مغتما أن لا يجيد الإجابة ويقول لي: انني لا أتذكر شيئا اكتبه بالامتحان، فأخفف عليه واقول له: انت مؤمن بالله، والله لا يتركك، ويقول :على بركة الله ثم في طريق العودة اسأله: كيف كان الاختبار ؟ فيجيبني ببسمة وغمزة : جيد فأسأله: وكم تتوقع العلامة ؟فيقول: كاملة بإذن الله. وهكذا حتى أنهى الثانوية ،وأراد الدخول في الجامعة ونزل إلى دمشق ليسجل في الجامعة، ووضع اختياراته، وكانت فرص المغتربين ضئيلة في دخول الفروع التي يريدونها فاستشارني بالفرع الذي ينتسب إليه فأشرت عليه بهندسة الكهرباء قسم الاتصالات. وقلت له : أنا هنا أحاول تسجيلك بالجامعة الأردنية. فقال :توكل على الله ، ومرت الأيام ولا أحد يتوقع قبوله لأن الأمر صعب والجامعة لا تقبل إلا عن طريق الجامعة الأردنية بطريق التبادل الثقافي بين الحكومتين أي إن القبول عن طريق الحكومة السورية التي لا تقبل إلا إرسال الحزبيين ,وتشاء الأقدار أن تقام مباراة بكرة القدم بين الفريق الأردني والسوري ,كان موقف المشجعين السوريين بغاية السوء مع أفراد الفريق الأردني مما أثار ردة فعل على كافة الأصعدة، فأوقفت الجامعة التبادل الثقافي، وكان هذا لمصلحة ولدي طارق، وتمَّ قبوله في الجامعة الأردنية بالتخصص المطلوب ,وأتم فيها فصلا كاملاً وفي أثنائه سمح لغير السعوديين الذين تحمل أمهاتهم الجنسية السعودية بالقبول بالجامعات السعودية، وكان ذلك من صالح طارق، فتمَّ قبوله وفي كل ذلك أرى التوفيق حليفه في جميع شؤونه، وهو الشاب المتواضع الذي لا يظهر فرحا كأقرانه الشباب ، وكذلك الأمر في جميع مراحل الدراسة الجامعية التي كان بها الأول على أقرانه ولم نكن ندري بذلك إلا عند التخرج قال لي: بابا معي بطاقة لك لحضور حفل التخرج ، وذهبت إلى الحفل وإذا بولدي كان الأول على الجامعة بأعلى الدرجات, وعندما أراد التقدم للعمل أتاه العمل دون طلب.
 أذكر أن أحد  أصدقائي المهندسين قال لي: لم لا يتقدم ابنك بالعمل بالشركة التي أعمل بها (دار الهندسة) او بشركة ابن لادن . وقدم اوراقه ولما كانت درجته عالية قُبل دون تردد .....وفي كل هذا أرى وكأنَّ عين الله تكلؤه في كل مراحل حياته.
 وبعد سنوات قليلة تقدم باستقالته من الشركة، وأراد أن ينقل كفالته لمؤسسة والدته التي سمتها: الأمان ؛ ليكون حراً فرفض مديره بالعمل إلا بعد مقابلته لي .فذهبت إليه وقال لي: إنني لا أستغني عنه،  وأنت ما رأيك؟ فقلت له: انه بالغ عاقل راشد ليس لي أن أمنعه وهو أدرى بتصرفاته ،وقلت له: إن طارقا رجل ربَّاني، الله ييسر له أموره كلها بدون طلب...
ثم انتقل إلى فرع آخر بشركة ابن لادن بشروطه: أن لا ينقل كفالته، وأن يكون حرا يترك العمل في الوقت الذي يريد، وكان ناجحا في عمله حتى أن في الشركة كانت ترسله ليدرب من هو أكبر منه سنا وأقدم عملاً في الشركة وبنفس الاختصاص.
وحين أتى الوقت المناسب طلب اجازة ليذهب إلى سورية ليحقق طموحه بشهادة اعلى، واجتهد  في عمله ,ومضت سنوات حتى تحققت أمنيته ليكون صديقا ويجتمع بإذن الله مع أحبابه من الأنبياء والشهداء والصالحين، تقبله الله في ديار الخلد في دار خير من داره وأهل خير من أهله نرجو الله أن يجعله شفيعا لنا يوم نكون بأمسِّ الحاجة لهذه الشفاعة.
 رحمك الله يا حبيبي الذي فارقتنا، فهنيئا لك، ونرجو الله أن يجمعنا في مستقر رحمته. 
وكتبت أخته نسرين مخاطبة والدها  :
 من عمره تركتَ الشام يا أبي، من عمره تركتَ الاستقرار والأهل، من عمره بدأت الكفاح في بلد جديد.. غريبا بعيدا عن الأهل تشق طريقك بعزيمة وقوة وتعلمنا الصمود.. 
من عمره يا أبي صار للحياة مسار جديد.. 
وأسميته طارق بن زياد مصرا على اسمه ليكون فاتحا وداعيا إلى الحق.. كان محتارا أين سيجد المفتاح ليفتح الأندلس من جديد، لم يدرك بطفولته أن المفتاح إيمانه وعزمه، أن المفتاح قوته وصبره، أن المفتاح تجلده في كل المواقف.. 
حمل المسؤولية مذ كنا صغارا.. وكان قائدا في كل ألعابنا.. لكنه دائما كان يفضل لعبة الشرطة والحرامية ليفكر ويدبر كيف سيقضي على اللصوص.. 
وكبر  وكبر الهمُّ معه... صادقا لا يحب شهرة.. بسيطا لا يحب تظاهرا وتفاخرا... ومازال كذلك حتى حقق مراده مودعا الدنيا وما فيها.. تاركا دنيا ووظيفة وراتبا عاليا.. ليصل هناك لما هو أسمى وأعلى.. 

أنت يا أبي من علمنا التجلد والثبات.. أنت من أخبرتنا أنها رحلة.. وكلنا على هذا الطريق.. أنت من كنت قويا يوم فارقك كل الأحبة.. اللهم انتقم ممن حرم أبي بلده وأهله.. اللهم انتقم منهم واجمعنا بأحبتنا في عليين..

فخورة بك وبأمي الحبيبة الصابرة أسعدكما الله وثبتكما وجعلنا بارين صالحين ... عظم الله أجركما يا أغلى الناس.
وكتبت أخته  أريج الطباع:

نعم تتحقق الأحلام، ورغم ألم الفرقة فخورة به جدا.
كان دوماً ممن صدق وسبق، ومنذ نشأ همه دينه وأمته، وأحب الخير لكل من يحب. ..
هنيئا له السبق، وحمدا لله الذي أكرمنا به شهيدا وشفيعا.. تقبله الله.
أخي طارق الذي كانت دوما روحه محلقة وجسده مكبل على الأرض لا يطيق القيد، رحل اليوم شهيدا حيث طالما حلم وحلق...
حمدا لله، ودعواتكم له بالقبول ولكل من يحبه بالصبر والعوض والسلوان.
وكتبت أيضا :
الحمد لله ..  الحمد لله...
الشهداء ليسوا أمواتاً، والله ليس إلا فقد الجسد!
أما روحه محلقة منذ زمن، ووصل حيث طالما سعى و تمنى.
نتقبل التهاني والدعوات له بالقبول ولمن بقي بالسلوان، لكننا والله مستبشرون به ..
والتعزية تشعرني أنه موت عادي .. أو مصاب نستجير منه!!
أشكر كل من هنأ ودعا، وأسأل الله له القبول، ولنا اللحاق له هناك حيث الجنان والنعيم الذي نرتجي.
الله يبلغنا ما بلغه، ويكتب لنا الصدق.
كان شهيداً على ما يرتضي على الأرض، واليوم شهيداً تحت الأرض..
اللهم اجعلنا من الشهداء الصادقين، وتولنا برحمتك وفيض عطائك دوماً، واكتب بنا النفع حيث كنا.
طارق وإن كنت اليوم حيث لا تعنيك الأرض، لكننا هنا فخورون بك، سعيدون لأجلك، نغبطك، ونرجو أن يبلغنا الله ثباتك وصدقك وعزمك... تقبلك الله.
وكتبت أبان الطباع:
علم أنها دار فناء، أدرك أنها ليست المبتغى، حلمه كان كبيراً، أكبر من أي حلم آخر، حلم بالجنة وبالشهادة، أراد صادقاً أن ينالها فترك الدنيا بما فيها، ترك المال وترك الاستقرار وترك السعادة المؤقتة، لأنه أدرك ما أدركه من قبل الصحابة والصالحين والشهداء، حقق حلمه وتركنا في هذه الدنيا نبكي حالنا ونبكي فراقه، نبكي شوقنا له وطول الفراق، نبكي بعده عن ولده وزوجه وأهله، لكن الله أراد أن يبدله داراً خير من دراه..
وكتبت أيضا :
من بين الذكريات التي تتهافت على مخيلتي، صورة أمي بالثمانينات، وهي تبتسم من بين دموعها.. وقتها كانت لمعة عيونها مختلفة لا أنساها ما حييت، وأتذكر كيف كانت تشرب الشاي وتبكي وتبتسم من قلبها، وهي تقول لهم: والله ليس إلا الشوق، لكنني سعيدة لأجلها!
لماذا يخشى الناس من الشهادة، ولا يعتبرونها كما يسعدون لشخص سافر واغترب ليحقق حلم دراسة أو حلم عمل وزواج..؟
ماما لم تكن يوماً كبقية الأمهات، جبلاً بصمودها وثباتها، ونهراً بفيض مشاعرها وتعبيرها.
يومها حفرت أمي 
أمان الطنطاوي معنى الشهادة بنفوسنا، توقاً وحنيناً، وعلمتنا كيف يجتمع الحزن على الفقد مع العزة والشوق والاطمئنان...
يومها كانت الشهيدة خالتي بنان رحمها الله. 
واليوم تجسد لنا ثانية معنى الثبات والصمود، وتلمع عينها بعزة.. وتبلل عبراتها ابتسامة يقين وفخر. 
 وكتبت ابنة خالته:  هادية عصام  العطار :
خالتي الحبيبة أمان علي الطنطاوي..
لقد عشتُ حياتي منذُ طفولتي في سورية وخارجَها مع الشهادةِ ومقدِّماتِ الشَّهادة إلى أن اقتحَمَ زبانيةُ النظامِ السوريّ بيتَنا في مدينةِ آخن في ألمانيا فقتلوا أمّي وأختَكِ الغالية بنان رحمها اللهُ تعالى، ولم تنقطع محاولاتُ اغتيال أبي.. 
واليومَ يُستشْهَدُ في سورية ولدُكِ وابنُ خالتي المؤمن الصّادق الشجاع "طارق" المتعطِّش دائماً إلى الجهاد والاستشهاد في سبيل الله عزّ وجلّ، وقد حقَّقَ اللهُ تعالى له مُناه" وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّـهِ "
تقبَّلَهُ اللهُ تعالى في الصّالحين وتغمَّدَهُ بالرّحمَةِ والرِّضوان
خالتي أمان وعمّي زياد
لقد شعرتُما دَوْماً واعتبرتُما دوماً أنَّ كُلَّ شهيدٍ أو شهيدةٍ في سورية ولدٌ لكما أو أخ؛ فأنتما لستُما أبَ شهيدٍ واحد، وأمَّ شهيدٍ واحد هو شهيدُنا الغالي طارق؛ ولكنَّكُما أبٌ وأمٌّ لسائِرِ شبابنا الشُّهداء
هنيئاً لكُما ولِجميعِ أفرادِ أسرتِكُما الرّائعة، ولِسائِرِ آلِ الطبّاع والطّنطاوي الإيمانُ والصّبرُ والرِّضى بقضاءِ اللهِ تعالى، وهنيئاً للعزيز طارق ما فازَ به من الشّهادةِ والثّوابِ والرِّضوانوإنّا للهِ وإنّا إليهِ راجعون

وكتب ابن خالته الأستاذ مجاهد ديرانية كاتب الثورة السورية :
وصلنا اليوم نبأ استشهاد ابن خالتي طارق بن زياد الطبّاع في ميدان الجهاد والكرامة على أرض الشام، مقبلاً غير مدبر بفضل الله؛ أعزّي به نفسي وأعزي خالتي أمان وزوج خالتي زياد والعائلة، وأغبطه على شهادة طلبها بصدق فنالها، صدق الله فصدقه الله، فهنيئاً له وعليه رحمة الله. مثله لا يُبكى، إنما نُبكى نحن القاعدين ! 
وكتب الدكتور ياسر تيسير العيتي من دمشق :
طارق بن زياد سميّه الذي أحرق السفن خلفه وقال: يا خيل الله اركبي، بنان الطنطاوي خالته التي أفرغ الحقد رصاصه في جسدها الطاهر قبل ثلاثين عاماً فسبقته إلى روح وريحان، علي الطنطاوي جدّه الذي ألهب قلمه معاني البطولة والشجاعة والإباء في قلوب الملايين، طارق بن زياد الطباع رحمك الله وهنّأ والديك وأهلك وإخوانك ورضّاهم بقضائه.
وكتب محمد ياسر الطباع:
طارق بن زياد الطباع ... فخر عائلة الطباع و سبط الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله ... شاب هادىء ، متواضع ، دائم البسمة، قليل الكلام ، محب للجميع ...
و محب لربِّه ووطنه قبل كل هذا ... 
عاش معظم عمره خارج وطنه، و لكن ظل قلبه معلقاً به ... لم يكتف بمراقبة الوحوش و هي تنهش في جسد و عرض بلده سوريا فغادر إليها بهدوء تاركاً عمله الهندسي و زوجته و طفله الصغير ...

جاهد على أرض سوريا مقبلاً غير مدبر حتى رزقه الله أعظم هدية يهديها لأحبابه ... رزقه صحبة النبي المصطفى في الفردوس الأعلى ...
هنيئاً لك يا طارق مقامك الآن بين أصحابك في الجنة ... و هنيئاً لآل الطباع و الطنطاوي الشرف الذي نالوه . 
وكتبت إيمان محمد
الخالة أمان الطنطاوي
لا يليق بها ألا أن تكون أمّاً لشهيد..
تشرفتُ بلقائها منذ شهور قلائل، وعدتُ محمَّلة بإحساس العزّة والفخر، أنه مازال في أمّتنا نساء رائعات، يجمعن الحنان الغامر، والأمومة الطاغية، والفكر النقي، والفهم العميق، والإيمان بالقضية، والحوار المتفرد، ورقي النقد، والقوة في الحق.. هذه العملة النادرة التي قلما تجدها في نساء هذا العصر، هي ذاتها العملة التي تتمنى لو أنها كانت رائجة، تحفز لسبر أغوارها، وكشف أسرارها، لتنشرها بين الناس فتعايش النماذج المشرّفة، وتخرّج الأجيال القوية المتميزة..
من عرف أستاذتنا الغالية أحبها، ومن حاورها لم يخرج إلا بفهم وعبرة وفائدة..
هي نوع من البشر لا يمكنك أن تجالسهم إلا وأنت تحمل كل الصدق في داخلك، وحين تحاورهم تشعر أنك تلميذ صغير في مدرستهم، يثبّتون في داخلك من المعاني ما لا تجده ضمن الكتب، وي


التعليقات