كلمات في رثاء الأخ الحبيب الأستاذ عبد الله زنجير -2-

كتب الأستاذ زهير سالم هذه الكلمات:

في وداع الراحلين...

وكان سيدنا أبو بكر إذا أخذته الحمى، حمى المدينة، ينشد:

كُلُّ امْرِئٍ مُصَبَّحٌ في أهْلِهِ... والمَوْتُ أدْنَى مِن شِراكِ نَعْلِهِ

وكان الموت أقرب يا أبا راشد

بتنا ليلتنا وأبو راشد ملء السمع والبصر، حضوراً ونفعاً وحيوية ونشاطاً ودعوة إلى الخير، وفتحنا أعيننا عند الصباح لنفجع بنعي الأخ الحبيب القريب الودود "عبد الله زنجير" أبوراشد..في عصر أصبح فيه النعي عن بعد، من عوامل زيادة ألم الفقد..

فإنا لله وإنا إليه راجعون...

وكلنا في نومنا وقيامنا في انتظار ساعتنا مثله، ولكل أجل كتاب " فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ".

وظل الأخ الراحل الحبيب أبو راشد يوزع على الناس حبا وودا وإخاء وبسمات في روضة "سنا" سما وعلا ثم امتد الحلم، إلى إيصال العلم " الكتاب والمعلم " إلى كل متعلم.. فكانت المدرسة الرقمية التي وقف عليها مع إخوة له السنوات الأخيرة من حياته، ويظل يردد: التعليم.. التعليم.. التعليم وكنت في هذا معلما يا معلم...

أخي الراحل الحبيب أبا راشد.

وعقدت العبرة في وفاتك ألسن الكثيرين، حبا فيك، وحزنا عليك، ووفاء لك، وبعضه درس المعلم يقول لنا جميعا، للكبار والصغار، للشباب والشيوخ، انتبهوا واستعدوا فهكذا يمكن أن يكون الرحيل.. كنسمة في صباح صيفي ترطب جبين الحزانى والمتعبين تبعث الأمل في اليائسين ثم ترحل...

نعم رحل الأخ أبو راشد، رحل الأخ عبد الله زنجير ومساء الأمس فقط كان ملء السمع والبصر فكان في رحيله معلما وعبرة وعظة... وكفى برحيل الشباب لنا عبرة وعظة، وكان نقش خاتم عمر، رضي الله عن عمر " كفى بالموت واعظا يا عمر "

اللهم اغفر له وارحمه وتجاوز عنه وزده إحسانا وعفوا وغفرانا...

اللهم إنه قد وفد عليك فاجعل قراه منك الجنة..

اللهم أحسن عزاءنا فيه، واجبر كسر قلوبنا، وآجرنا في مصيبتنا..,

وأحسن عزاء أسرته أمه وزوجه وولده وبناته وإخوانه في آفاق الصالحين طبقا عن طبق...

وإنا لله وإنا إليه راجعون.. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

لندن: 3/ ذو الحجة / 1442 - 13/ 7/ 2021

زهير سالم: مدير مركز الشرق العربي

وكتب الأستاذ محمود عادل بادنجكي:

في رثاء فاضل

الأخ (عبد الله زنجير) رحمه الله وتقبّله في الصالحين

اللطفُ في التعامل طاقة، ربّما تتفاوت القدرة بين الناس على تفعيلها.

وأشهد أنّ لأبي راشد "عبد الله زنجير" -رحمه الله- طاقة قصوى في تفعيل اللطف، وتوزيعه بسخاء على شعاع علاقاته القريبة والبعيدة.

كما أذهلني في فراسته بقراءة طبائع البشر، وتحليلها، والتعاطي معها بتسامح واستيعاب ومداواة لبعض أمراضها.

دؤوب لا يكلّ، مثابرٌ لا يملّ. فكيف وقد قام بمشاركة ابن شقيقته -التي كادت أن تلد أخاها- "محمود سكّر" بالتأسيس والتبشير "للمدرسة الرقميّة السوريّة" والتي تشكّل واحةً خصبة في صحراء "سوريا" التعليميّة:

وإنّها فريدة

وإنها حاجة مُلحّة

وإنّها أقلّ كلفة

وإنّها تسدّ ثغرة

وإنّها تصحّ زكاةً

وإنّها موجودة وينقصها الوقود

ونحن وقودها.. كلٌّ في ميدانه

في عملٍ إسعافيّ، ليستمرّ الخير والعطاء.

وقد وهب حياته للتبشير (بالمدرسة الرقميّة السوريّة)، ومشروع قناة (سنا) اللتان تسدّان ثغراً كبيراً في انكشافنا، وترمّمان جرفاً عظيماً من انهدامنا.

وإنّ الفقيد -رحمه الله- ودودٌ، حتّى تكاد تظنّ أنّك صديقه الوحيد في هذه الدنيا، وإن كانت معرفتك به قريبة، ظننتَ أنّه صديقك منذ وعيِكَ الأوّل، وهو شعورُ كلّ من عرفه.

وهو الجسر بين أصدقائه، يُعَرّف مَن جَهِل بالآخر، ويصل ما انقطع بين الأخيار، ويداري ما شاب من زلّات، ويتجاهل الكثير من الهنات.

كان يتّصل لأجل الوصل، بلا سببٍ آخر ولا مصلحة. يَطمئنّ لسلامِك، ويبلسم لهمومك.

ينصح كسلاسة الماء بلغة الحكماء، ويبحث عمّا استعصى من حلول، ويفتّش عمّا يُجمِع عليه القبول.

يرى الجميل من كلّ فعل مهما شابه، ويُغمض عما شاب بعض الأعمال كاستحقاق الخطأ اللازم على العاملين.

كان رحمه الله مثالاً للوسطيّة والعقلانيّة والاعتدال، والتشبّع بالأمل، وبفرح العطاء.

شعرتُ بالخسارة الكبيرة، من بين خسائري الأصغر.

وأحسستُ الفقد مجدّداً، بعدما أدمنتُه.

وعُدتُ لمشاعرِ الحزن، في وقتٍ اعتقدتُ أنّي ألِفتُه.

استثمرَ حياته بالحبّ، فاستحقّ أن يُكافَأَ بمثله.

رحمه الله وعوّضه الجنّة، وألهم والدته الصبر بعدما فقدت ثلاثة من فلذات كبدها،

وأحسن عزاء ذويه ومحبّيه في الفضاءين الواقعيّ والافتراضيّ.

وكتب الأخ محمد زهير ناعورة في رثائه:

عزاء في حبيب

عبدالله عبد الله زنجير أبا راشد في ذمة الله

وترجع فارس القلم والأدب. ترجل فارس التعليم والكلمة. مضى بصمت دون ان يقول لنا كلمة وداع

مضى صديق العمر ورفيق الدرب وكأنه يقول سامحوني اخوتي فلقد اشتقت للقاء ربي ولقاء اخوتي الشهداء سليم وفخري

مضى الذين شغاف القلب يعشقهم من الأحبة من حولي فوالهفي

مضى الحبيب وهو يردد قول أخيه الكبير ومثله الأعلى سليم

ماض وأعرف ما دربي وما هدفي

والموت يرقص لي في كل منعطف

لا أدري كيف أكتب وماذا أكتب ودموعي تنهمر وقلبي يكاد ينفطر

أبا راشد الحبيب وقد وقفت الكلمات في حلقي من شدة الصدمة

هل ارثيك وانت تمضي وأمانة الدين والوطن تحملها منذ طفولتك إلى آخر أنفاسك

أم أرثي أمنا أم الشهداء فخري. سليم. عبدالله

تلك المرأة التي كانت المثال للأم المكلومة الصابرة المحتسبة

أم أرثي اخوة الطريق ورفاق المحنة والصبر والآلام والامال ؟

أم أرثي لحال مئات الالاف من طلابنا وقد جعلت حياتك وسنواتك الاخيرة فداء للتعليم تحمل همهم في كل منتدى ومقال

أم أرثي إخوة الثورتين اللتين ناصرتهما بقلبك ومالك ولسانك وقلمك

أم أرثي اخوة الأدب والأخلاق والثقافة والتعليم والإعلام في عالمنا الإنساني الكبير

أم أرثي نفسي التي كنت ملجؤها حين تعترينا الخطوب وتهدنا الالام

وكنت الملاذ لي في كل الملمات وحوادث الايام والمستشار الأمين والقلب الكبير

لقد كنت قريبا لي في كل شيء

.لم نختلف يوما في الفكر او العقلية بل كنت احس ان عقولنا وقلوبنا وأفكارنا واحدة ومتطابقة

ولا اجدني والدموع تغالبني الا ان اصبر نفسي على الفراق فهذه حال دنيانا الفانية واطلب من ربي ان يجمعنا في ظلال عرشه اخوة متحابين في الله اجتمعوا على طاعته وتفرقوا عليها

أعزي أولاً أمنا الحبيبة أم الشهداء أم سليم وأسأل الله أن يحفظها ويخفف على قلبها ذلك المصاب الجلل.

أعزي أخي رفعت زنجير وزوجته وأولاده وكل آل زنجير.

أعزي مؤسسة سنا ورائدها الأخ الحبيب سداد عقاد.

أعزي المدرسة الرقمية التي فقدت كبير مؤسسيها والداعم الاكبر لها

أعزي إخوتنا ورفاق دربنا ودعوتنا

لإنا لله وانا اليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم رحمك الله ابا راشد الحبيب الأريب

وإلى لقاء تحت ظل عدالة قدسية الأحكام والميزان

زهير ناعورة