قيمة العدل في قصة يعقوب عليه السلام

العدل هو من أهم القيم الحضارية في الحياة، أمر الله تعالى به، ونادت به الأنبياء والرسل عليهم السلام، ودعا إليه المصلحون والمفكرون والعلماء والفلاسفة، وهو قبل هذا كله اسم من أسماء الله الحسنى، وهذا كله مما يدل على شرف هذه القيمة العليا وأهميتها للدين والحياة والإنسان.

وإنك لو بحثت في أصناف الناس كافة، من مصلحين ومربين وقضاة وفلاسفة وحكام، فإنك قد تجد فيهم الظالم لنفسه أو لغيره، ولكنك لن تجد ظالما قط في صفوف الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام أجمعين.

من المذكور تاريخيا أن يعقوب تزوج بأكثر من امرأة:

الأولى: ليا بنت لابان، أنجبت ستة أولاد وبنتا واحدة، واسمها دينا.

الثانية: راحيل بنت لابان وهي زوجته الثانية، وأنجبت له يوسف وبنيامين.

وله جاريتان، وقد أنجبت كل واحدة منهما ولدين.

السؤال المطروح:

هل ظلم يعقوب عليه السلام أولاده، وهل آثر يوسف وأخاه بنيامين بشيء من العطايا أو الهدايا دون إخوته؟

جاء في القرآن الكريم ما يشير إلى شعور الإخوة بتفضيل يوسف عليهم، ولذلك فكروا بالتخلص منه، كما قال تعالى: (إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَىٰ أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (8) اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِن بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ (9)/يوسف.

معنى الآيتين:

جاء في الطبري: "قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه: قال إخوة يوسف بعضهم لبعض: اقتلوا يوسف أو اطرحوه في أرض من الأرض، يعنون مكانا من الأرض، (يخلُ لكم وجه أبيكم) يعنون: يخلُ لكم وجه أبيكم من شغله بيوسف، فإنه قد شغله عنّا، وصرف وَجهه عنَّا إليه (وتكونوا من بعده قومًا صالحين)، يعنون أنهم يتوبون من قتلهم يوسف، وذنبهم الذي يركبونه فيه، فيكونون بتوبتهم من قتله من بعد هلاك يوسف قومًا صالحين".

وهنا تثار قضايا كثيرة:

1 هل كان هنالك ثمة تفضيل من يعقوب ليوسف بغير الحب؟

2 وهل من حرج في أن يكون التفضيل بالحب فقط؟

3 ما العلاقة بين الحب والجريمة؟

4 وهل إخوة يوسف صاروا أنبياء بعد ذلك؟

وهذا ما نود الإجابة عليه.

أولا: لماذا فضل يعقوب يوسف على بقية إخوته؟ وبماذا فضله؟

من المؤكد أن يعقوب عليه السلام نبي كريم لا يمكن أن يظلم أولاده بشكل مادي، كأن يعطي بعضهم شيئا دون البقية... ولكن تفضيله ليوسف عليه السلام كان بالحب والشعور فقط، مما أثار حفيظة بقية أولاده، وقرروا التخلص من يوسف.

فهل يلام المرء على الحب؟ وهل يملك المرء قلبه؟

بالطبع لا أحد يملك قلبه، ولكن عليه إخفاء مشاعره وأحاسيسه والتحكم بها قدر ما يستطيع، خشية من ردة فعل الحاسدين والتي قد تكون صادمة وعنيفة غير متوقعة.

والسؤال هنا: لقد أوتي يوسف وأمه شطر الجمال، فهل من علاقة بين الجمال والحب والعدل والحرية؟

فيما نعتقد أن قيمة الجمال هي القيمة العليا (إن الله جميل يحب الجمال)، والجمال الخالد الذي لا يتبدل ولا يتعدد ولا ينتهي هو جمال خاص بالله عز وجل، ولذلك يقتضي هذا الجمال الذي لا يتعدد ولا يتبدد قيمة الوحدانية.. إذ لا يملكه إلا إله واحد هو رب الأرض والسماء.

وكل جميل محبوب، ولذلك قيل:

يزيدك وجهه حسنا=إذا ما زدته نظرا

وقال آخر:

إن العيون التي في طرفها حور=قتلننا ثم لم يحيين قتلانا

يصرعن ذا اللب حتى لا حراك به=وهن أضعف خلق الله أركانا

وكل محبوب يجب حفظه من الأذى والحوادث، ومنع أي إساءة عنه، ليبقى كما هو دون تغير، وهذا يقتضي العدل.. لأن العدل ميزان الحياة الذي تستقيم به الأشياء، وبضده الظلم الذي هو تعد على الحقوق، مما يتسبب بهلاك الإنسان والعمران.

والعدل يقتضي الحرية، فأنت لا تستطيع أن تعدل وتمارس حياتك بشكل صحيح إلا إذا كنت حرا، والعبودية لغير الله قهر وظلم، سواء كانت لبشر أو حجر.

في قصة يوسف نلحظ فتى جميلا هذه القيمة الأولى.

أحاطه أبوه بالحب، بسبب بنوته، ولما أوتيه من خصائص أخرى مع أمه، منها حيازتهما شطر الجمال، وهذه قيمة ثانية.

وقد كان هنالك جموح في الحب عند يعقوب عليه السلام، وكان يتعامل مع ابنه بمنتهى الحفظ والصون مما يقتضيه العدل، ولكن بالمقابل كان هنالك فتور بالحب تجاه إخوته، مما تسبب في شعور الإخوة بالغيرة والحسد والغبن فقرروا التخلص من أخيهم.. ولو أن يعقوب عليه السلام انتبه لشعور أولاده لربما تدارك الأمر قبل فوات الأوان.

ثم كان التخلص من يوسف بسلبه الحرية التي يقتضيها العدل، ولكن لما غيب العدل بشكل جزئي، اقتضى نقيضه هنا - وهو الغبن - فقد الحرية، وذلك عند رميه بالبئر ليصير عبدا بعد ذلك.

نعود لنلخص القول باختصار:

- هل يوسف مميز وجميل؟.

نعم.

- هل أحب يعقوب ابنه يوسف عليهما السلام؟.

نعم.

- هل عدل يعقوب مع أولاده عدلا كاملا في مشاعره ومعاملته؟.

العدل وجد بشكل كامل في الأمور المادية من العطايا أو الهدايا ونحوها، وبشكل جزئي في العواطف والمحبة والشعور...!!

- ما الدليل على العدل الجزئي؟

الدليل قولهم عن يوسف: (أحب إلى أبينا منا). فاستخدام صيغة التفضيل دلت على أن محبة يعقوب عليه السلام تشمل جميع أولاده، ولكن يوسف وأخاه ذهبا بالحظ الأوفر منها.

- هل تسبب ذلك بأن يعاقب يوسف عليه السلام من قبل إخوته بسبب موقف أبيه منه؟.

نعم.

-ماذا كانت العقوبة؟.

فقد الحرية.

قيم أربعة تقتضيها الحياة في كل عصر وكل جيل، ألا وهي: الجمال، والحب، والعدل، والحرية.

وعندما تغيب واحدة منها، يضطرب الفرد والأسرة والمجتمع، ويختل ميزان الحياة، ومسيرة الحضارة الإنسانية.

ثانيا: هل من حرج في أن يكون التفضيل بالحب فقط؟

جاء في موقع إسلام ويب تحت عنوان:

(لا حرج على الوالد في ميله القلبي لبعض أولاده دون غيره)

ما يأتي:

"فبداية ننبه على أن نبي الله يعقوب عليه السلام لم يفضِّل ابنه يوسف عليه السلام بعطية أو نحوها مما يجب العدل فيه بين الأبناء، وإنما هو محبة القلب مما لا يؤاخذ به العبد، لأنه لا يملك التحكم فيه، ومع ذلك فقد ظهر منه حرصه على إخماد نار الغيرة والحسد في وصيته ليوسف في قوله: يَا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ {يوسف:5}.

وجاء في الموسوعة الفقهية: ذهب الفقهاء إلى أن الإنسان لا يؤاخذ إذا مال قلبه إلى إحدى زوجاته وأحبها أكثر من غيرها، وكذا إذا أحب أحد أولاده أكثر من الآخرين، لأن المحبة من الأمور القلبية التي ليس للإنسان فيها خيار ولا قدرة له على التحكم فيها، لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم لنسائه فيعدل ويقول: اللهم هذه قسمتي فيما أملك، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك. رواه الترمذي، وقال: يعني به الحب والمودة.

وقال الصنعاني: والحديث يدل على أن المحبة، وميل القلب أمر غير مقدور للعبد بل هو من الله تعالى لا يملكه العبد.

وإنما يحرم عليه أن يفضل المحبوب على غيره بالعطايا، أو بغيرها من الأمور التي يملكها الإنسان بغير مسوغ، لقوله تعالى: وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ {النساء: 129}. ولقوله صلى الله عليه وسلم في التسوية بين الأولاد بالعطايا ونحوها لبشير رضي الله عنه: أكل ولدك نحلت مثله؟ قال: لا. قال: فأرجعه وفي رواية: أعطيت سائر ولدك مثل هذا؟ قال: لا قال فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم، وفي ثالثة: أكلهم وهبت له مثل هذا؟ قال: قال: فلا تشهدني إذن فإني لا أشهد على جور اهـ.

وبهذا يعلم جواب السؤال: هل اطمئنان النفس لأحد الأبناء دون غيره نهى عنه الإسلام رغم عدم قدرة الشخص على دفع ذلك؟

ومن فوائد قصة يوسف عليه السلام، أنه ينبغي للوالد أن يتحرى العدل بين أولاده في كل شيء ظاهر وإن كان حقيرا، دفعا لعارض الغيرة وما يترتب عليه من الحسد والبغضاء، قال ابن مفلح في الفروع: قال أَحْمَدُ في رِوَايَةِ أبي طَالِبٍ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يُفَضِّلَ أَحَدًا من وَلَدِهِ في طَعَامٍ وَغَيْرِهِ. وكان يُقَالُ: يَعْدِلُ بَيْنَهُمْ في الْقُبَلِ. اهـ.

انتهى الاقتباس من موقع إسلام ويب.

ثالثا: العلاقة بين الحب والجريمة

هل يدفع الحب للجريمة؟

الحب في الأصل شعور فطري إيجابي يسهم في تعمير الحياة، ولحمة العلاقات الإنسانية...

ولكن قد يتسبب الحب بالدفع إلى الجريمة عند وجود الأنداد، أو الحاسدين للمحبوب، ولذلك جاءت الآية (ومن شر حاسد إذا حسد).

إن كل ذي نعمة محسود كما في الحديث، ولربما رق المحسود الحاسد إشفاقا عليه، لأن الحسد انتحار بطيء يقتل صاحبه أيضا، كما قال التهامي:

إني لأرحم حاسديّ لحرّ ما ** ضمنت صدورهم من الأوغار

نظروا صنيع الله بي فعيونهم ** في جنة وقلوبهم في نار

لا ذنب لي قد رُمت كتم فضائلي** فكأنما بَرقعتُ وجه نهار

وكذلك قد يتسبب الحب بالجريمة إذا لم يصبر المحب على فراق محبوبه أو بعده عنه، أو أن المحبوب لم يلتفت لمن أحبه، وأعرض عنه... وفي قصة يوسف حاولت امرأة العزيز أن تغصب يوسف على المحظور، وقالت مهددة متوعدة: (قَالَتْ فَذَٰلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ ۖ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ ۖ وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ (32).

وقد تكون هنالك حالات أخرى يتسبب فيها الحب بالجريمة، لا يمكن استعراضها كلها الآن.

رابعا:: معنى الأسباط وهل هم أنبياء؟

جاء في موقع الإسلام سؤال وجواب تحت عنوان:

(ما المراد بالأسباط الذين ورد ذكرهم في القرآن؟)

ما يأتي:

"قال القرطبي: والسبط: الجماعة والقبيلة، الراجعون إلى أصل واحد "، انتهى.

وصوب "ابن تيمية" أن "الأسباط" من بني إسرائيل: كالقبائل من العرب من بني إسماعيل، والشعوب من العجم، وقال في بيان حافل:

" الذي يدلُّ عليه القراَنُ واللغةُ والاعتبار: أن إخوةَ يوسف ليسوا بأنبياء، وليس في القرآن ولا عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بل ولا عن أصحابه خبرٌ بأن الله تعالى نبَّأهم.

وإنما احتجّ من قال إنّهم نبِّئُوا بقوله في آيتي البقرة والنساء (وَاَلأَسْبَاطِ)، وفسّر الأسباط بأنهم أولاد يعقوب.

والصواب أنه ليس المراد بهم أولادُه لصلبه، بل ذُرِّيّتُه، كما يقال فيهم أيضا "بنو إسرائيل"، وكان في ذريته الأنبياء، فالأسباط من بني إسرائيل كالقبائل من بني إسماعيل.

قال أبو سعيد الضرير: أصل السِّبْط: شجرةٌ ملتفةٌ كثيرة الأغصان.

فسُمُّوا الأسباطَ لكثرتهم، فكما أن الأغصان من شجرة واحدة، كذلك الأسباط كانوا من يعقوب. ومثل السبط الحافد، وكان الحسن والحسين سِبْطَي رسولِ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، والأسباط حفدة يعقوب ذَرارِي أبنائه الاثنَي عشر. وقال تعالى: (وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ * وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطاً أُمَماً)، فهذا صريحٌ في أن الأسباط هم الأمم من بني إسرائيل، كلُ سِبْطٍ أمةٌ، لا أنهم بَنُوه الاثنا عشر. بل لا معنى لتسميتهم قبل أن تنتشر عنهم الأولاد أسباطًا، فالحال أن السِّبْطَ هم الجماعة من الناس.

ومن قال: الأسباط أولاد يعقوب، لم يُرِد أنهم أولادُه لصلبه، بل أرادَ ذريتَه، كما يقال: بنو إسرائيل وبنو آدم.

فتخصيصُ الآية ببنيه لصلبه غلط، لا يدلُّ عليه اللفظُ ولا المعنى، ومن ادّعاه فقط أخطأ خطأً بيِّنًا.

والصواب أيضًا: أن كونهم أسباطًا إنما سُمُّوا به من عهد موسى، للآية المتقدمة، ومن حينئذٍ كانت فيهم النبوة، فإنه لا يُعرَف أنه كان فيهم نبيّ قبلَ موسى إلا يوسف.

ومما يؤيِّد هذا أنّ الله تعالى لما ذكر الأنبياء من ذرية إبراهيم قال: (وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ) الآيات، فذكر يوسف ومن معه، ولم يذكر الأسباط، فلو كان إخوةُ يوسف نُبِّئوا كما نبئَ يوسف، لذُكِروا معه.

وأيضًا: فإن الله يذكر عن الأنبياء من المحامد والثناء ما يناسب النبوة، وإن كان قبل النبوة، كما قال عن موسى: (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ) الآية، وقال في يوسف كذلك، وفي الحديث: (أكرم الناس يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، نبيّ من نبي من نبي)؛ فلو كانت إخوتُه أنبياء، كانوا قد شاركوه في هذا الكرم، وهو تعالى لما قصَّ قصَّةَ يوسف، وما فعلوا معه؛ ذكر اعترافهم بالخطيئة وطلبهم الاستغفار من أبيهم، ولم يذكر من فضلهم ما يناسب النبوة، ولا شيئا من خصائص الأنبياء، بل ولا ذكر عنهم توبةً باهرةً..، بل إنما حكى عنهم الاعتراف وطلب الاستغفار. ولا ذكر سبحانه عن أحدٍ من الأنبياء -لا قبلَ النبوة ولا بعدها- أنه فعلَ مثلَ هذه الأمورِ العظيمة، من عقوق الوالد، وقطيعةِ الرحم، وإرقاقِ المسلم وبيعه إلى بلاد الكفر، والكذب البيّن، وغير ذلك مما حكاه عنهم، ولم يَحْكِ شيئًا يناسب الاصطفاءَ والاختصاصَ الموجب لنبوتهم، بل الذي حكاه يخالف ذلك، بخلاف ما حكاه عن يوسف.

ثمّ إن القرآن يدلُّ على أنه لم يأتِ أهلَ مِصْرَ نبيٌّ قبلَ موسى، سوى يوسف، لآية غافر، ولو كان من إخوة يوسف نبيٌّ لكان قد دعا أهل مصر، وظهرت أخبار نبوته، فلما لم يكن ذلك، عُلِمَ أنه لم يكن منهم نبيٌّ. فهذه وجوهٌ متعددة يُقوِّي بعضُها بعضًا.

وقد ذكر أهل السير أن إخوة يوسف كلهم ماتوا بمصر، وهو أيضًا، وأوصىَ بنقله إلى الشام، فنقلَه موسى.

والحاصل: أن الغلط في دعوى نبوتهم حَصَلَ من ظَنِّ أنهم هم الأسباط، وليس كذلك، إنما الأسباط ذرّيتهم، الذين قُطِّعُوا أسباطًا من عهد موسى، كل سِبْطٍ أمة عظيمة.

ولو كان المراد بالأسباط أبناء يعقوب لقال: "ويعقوب وبنيه"، فإنه أوجز وأَبْيَنُ.

واختير لفظ "الأسباط" على لفظ "بني إسرائيل": للإشارة إلى أن النبوة إنما حصلتْ فيهم من حينِ تقطيعِهم أسباطًا من عهد موسى. والله أعلم".

انتهى، من "جامع المسائل"، المجموعة الثالثة: (295 - 299).

انتهى الاقتباس من موقع الإسلام سؤال وجواب.

خلاصة الموضوع

العدل أساس الحياة، وسلوك الأنبياء والمرسلين عليهم السلام، ويعقوب عليه السلام كان عادلا مع أولاده، إلا أن قلبه كان مائلا ليوسف أكثر، ولم يستطع أن يخفي ذلك، وقد شعر بذلك أولاده، مما أثار حفيظتهم وتسبب بالكارثة...

ومجرد ميلان القلب لولد أكثر من إخوته مما لا مؤاخذة فيه عند الله عز وجل، وتعلمنا السورة ضرورة الانتباه والحذر في التعامل مع الأولاد، وكذلك الطلاب، وبقية أفراد المجتمع.

والله الهادي إلى صراط مستقيم..

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين