قصة الشهيد محمد أبو الطيب المرابع
والله لا أرضى الشهادة بالقنص بل بقذيفة دبابة..!!

 
   بم ننعتك يا أبا الطيب أنت وإخوانك..وأنت الطيب الطاهر النقي التقي الذي أعاد بسيرته العطرة في الجهاد والتضحية سير الصحابة والمجاهدين في تاريخ الإسلام..أنقول صحابة تأخرت ولادتهم أم نقول صحابة غير أنهم من نوع آخر عزيز وغريب..إنهم صحابة للحبيب المصطفى بالروح والقلب والوجدان والعواطف والأنفاس والاتباع..؟؟!!
     والله لو شُق قلبي في الهوى قطعاً....وأبصر اللحظ رسماً في سويداه
     لكنت أنت الذي في لوحه كُتبت....ذكراه أو رُسمت بالحب سيماه
   أبو الطيب بعد زواجه بخمسة عشر يوماً انطلق وما زال عطر العرس يفوح منه لتنظيم المظاهرات في أنحاء الهامة..وكان جل همه في أمور ثلاثة:
   - تنظيم المظاهرات والإعداد لها.
   - الإعداد العسكري والتدريب.
   - تهيأة مصانع للسلاح في أماكن آمنة.
   وقد شرع هو وبعض المختصين بذلك وكان لا يكاد ينام إلا غلبة..
   يقول أحد المجاهدين من إخوانه:رأيته مرة وقد أخذ التعب منه مأخذه فنام وكانت وسادته لغماً ضخماً فخشينا أن يقع ما نخاف منه فأفرغنا المكان حتى استيقظ ولم يكن مكروه لأن أسلاك اللغم لم تكن متصلة..!!
 
   وكان في مغداه ومرحاه يتغنى بالشهادة ويرجوها من الله تعالى بلسانه قلبه وروحه ودموعه..حتى إنّ أمه وزوجته عشقتا الشهادة لكثرة غنائه بها وحُدائه..ولكأني بالجدران والأماكن التي كانت تسمع شدوه ونشيده قد أصابها من العشق والهيام ما أصابه..ولو كان لها لسان ناطق لقالت:زدنا من حديثك وطربك وغنائك..فمثلنا من يسبح ومثلنا من يطرب ويؤوّب..!!
 
   وعندما هُجّر معظم أهل حمص خرج عن كل متاعه إلا ما يكفي أهله..ولما لاموه على ذلك قال:أنا
أبغي الشهادة ولا حاجة لي بمتاع الدنيا وزخارفها..!!
 
   كان دائم البشر عريض الابتسامة لا تفارق محياه فأحبه كل من عرفه ورآه..
 
   ومن عجيب كراماته التي عرفت عنه أنه لحركته الدائبة التي لا تنقطع ليل نهار كان إخوانه المجاهدون يقولون له:يا أبا الطيب نهايتك برصاصة قناص..فكان يقول رداً عليهم:والله لا أرضى بهذه الشهادة..بل أريد شهادة متميزة أريد أن تصيبني قذيفة دبابة أو مدفع..!!
 
   وفي اليوم الأخير من حياة الشهيد هددت الهامة بالاقتحام من المجرمين فتعاهد هو وإخوانه أن يتصدوا لهم وألا يقتحموا الهامة إلا على أشلائهم..
 
   وبدأت المعركة وأخذ يحرض إخوانه على الثبات والصبر وطلب الشهادة وهو يتلو القرآن الكريم..(محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله ورضواناً سيماهم في وجوههم من أثر السجود...).
 وانسحب بعض إخوانه مضطرين لقوة المجرمين في عتادهم لكنه أبى أن يترك مكانه وكان يتربص بدبابة ليصيبها..ومعه أحد إخوانه..يقول هذا الأخ:رأيت سواد فوهة مدفع الدبابة فقلت يا أبا الطيب لنترك هذه الناحية..قال: لا...وانطلقت القذيفة نحوه واخترقت بطنه وتناثرت أطرافه..يقول هذا الأخ:رأيت الابتسامة على وجهه استبشاراً بما رآه من وعد الله تعالى للشهداء..وكأنه الملائكة تقول له:صدقت في طلبك فصدقك الله فأبشر..
 
       لقب الشهادة مطمح لم تدخر...وسعاً لتحمله فكنت وكانا
 
   وحين دخل القرامطة البلدة أفرغوا حقدهم على الطاهر الطيب فمثلوا به وشوهوه جسده..وكأنّ الله تعالى يريد أن يزيد في أجره وثوابه ورفعته فسلط على بدنه هؤلاء القرامطة..وبذلك صار مجدعاً في الله..ممزقاً في الله..متناثراً في الله..
 
 
   وبعد شهادته بأسبوع ولدت له بنت..وقد أوصى أن تسمى باسم أمه (إحسان)..
 
   رحم الله تعالى والدك يا إحسان وجعلك من الصالحات وجعل من ذريتك صالحين وصالحات ومجاهدين يعيدون ذكرى أبيك أبي الطيب الذي يذكره أهل السماء كما يذكره أهل الأرض..

نشرت 2013 وتم تجديدها وتنسيقها 5/12/2019