قائد فقدناه أحمد الجعبري

 


أعدها للنشرصلاح الدين محمد سلو
 
أحمد الجعبري (1960 - 14 نوفمبر 2012)، نائب القائد العام لكتائب القسام والقائد الفعلي لها على الأرض، يطلق عليه بين الإسرائيليين : "رئيس أركان حركة حماس"، في دلالة منها إلى مكانته التي يحظى بها في الحركة، وهو على رأس قائمة المطلوبين لـ(إسرائيل)، التي تتهمه بـ"أنه المسؤول والمخطط لعدد كبير من العمليات ضدها".
 
والجعبري من مواليد عام 1960 م، وهومن سكان حي الشجاعية شرق مدينة غزة، حاصل على شهادة البكالوريوس تخصص تاريخ من الجامعة الإسلامية بغزة، وله "بصماته في التغيير الدرامي للجناح العسكري لحركة حماس"، حسب وصف تقرير إسرائيلي له، وقد ظل متمسكاً بملف الجندي شاليط منذ أسره في 25 يونيو/ حزيران 2006 م.
 
واستهل الجعبري حياته النضالية في صفوف حركة "فتح"، وقد اعتقل مع بداية عقد الثمانينيات على يد قوات الاحتلال وأمضى 13 عاماً، بتهمة انخراطه في مجموعات عسكرية تابعة لفتح خططت لعملية فدائية ضد الاحتلال عام 1982.
 
وخلال وجوده في السجن، أنهى الجعبري علاقته بحركة "فتح"، وأعلن انتماءه للإخوان المسلمين وذلك قبل تأسيس حركة حماس عام 1987.
 
وتركز نشاطه عقب الإفراج عنه من سجون الاحتلال عام 1995 م على إدارة مؤسسة تابعة لحركة حماس تهتم بشؤون الأسرى والمحررين، ثم عمل في العام 1997 م في حزب الخلاص الإسلامي الذي أسسته الحركة في تلك الفترة لمواجهة الملاحقة الأمنية المحمومة لها من جانب السلطة آنذاك.
 ثم انتقل للعمل بمكتب القيادة السياسية لحماس ، وتأثر بعدد من قادتها ومؤسسيها الأوائل كان أبرزهم: الشهيد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي، والشهيد إسماعيل أبو شنب، والشهيد الشيخ نزار الريان، والشهيد إبراهيم المقادمة، ومؤسس أول ذراع عسكري للحركة الشيخ الشهيد صلاح شحادة.
 
في تلك الفترة توثقت علاقة الجعبري بالقائد العام لكتائب القسام محمد الضيف، والقائدين البارزين عدنان الغول وسعد العرابيد، وساهم معهم إلى جانب الشيخ صلاح شحادة في بناء كتائب القسام، مما دفع جهاز الأمن الوقائي التابع للسلطة في العام 1998 إلى اعتقاله لمدة عامين بتهمة علاقته بكتائب القسام، وتم الإفراج عنه مع بداية الانتفاضة إثر قصف الاحتلال لمقرات الأجهزة الأمنية في القطاع.
وقد ظل الجعبري ثالث ثلاثة في المجلس العسكري لكتائب القسام، إلى حين اغتالت (إسرائيل) الشيخ شحادة عام 2002، وفشلت في محاولة اغتيال الضيف عام 2003 والتي أصيب خلالها بـ"جروح بالغة وإعاقات غير محددة"، ليتحول معها الجعبري إلى القائد الفعلي لكتائب القسام إلى جانب "الضيف" القائد العام للكتائب في فلسطين.
 
وتعرض رجل "صفقة الأحرار" لمحاولات اغتيال إسرائيلية عدة، كان أبرزها تلك التي نجا منها بعد إصابته بجروح خفيفة عام 2004، بينما استشهد ابنه البكر محمد، وشقيقه وثلاثة من أقاربه، باستهداف طائرات الاحتلال الحربية منزله في حي الشجاعية.
 
وتتميز شخصية الجعبري بقدرات كبيرة جداً أهلته لقيادة الكتائب ، حيث نظّم بناء كتائب القسام في وحدات وتشكيلات تشبه "الجيش النظامي" ينضوي تحت لوائه نحو عشرين ألف مقاتل، ويمتلك ترسانة متنوعة من الأسلحة في اختصاصات مختلفة.
 
وأشارت التقارير أن الجعبري نقل الكتائب نقلات نوعية ووضع لها نظام عسكرياً متيناً إضافة لإشرافه على العديد من العمليات البطولية ضد الكيان الصهيوني .
 
وكانت آخر إنجازات الجعبري العسكرية عملية تبادل الأسرى التي سمتها حماس وفاء الأسرى في عام 2010 لمبادلة الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط بـ1027 أسيرا وأسيرة فلسطينية بعضهم من ذوي الأحكام العالية.
 
عاش الجعبري في سرية تامة حيث أبعد نفسه بشكل تام عن وسائل الإعلام وظهر فقط في بعض التدريبات العسكرية للقسام، ويوم تسليم الجندي الإسرائيلي شاليط لمصر إذ كان ممسكا به إلى جانب القيادي القسامي رائد العطار. وظهر أيضا في بعض المناسبات الخاصة بتكريم الأسرى المحررين لدقائق قبل أن يختفي.
ومن أبرز تصريحاته قوله:" ما دام الصهاينة يحتلون أرضنا فليس لهم سوى الموت أو الرحيل عن الأراضي الفلسطينية المحتلة" .
 
وكان قد صرح في رسالة نشرتها مجلة "درب العزة" التي تصدر عن المكتب الإعلامي لكتائب القسام في ذكرى الحرب الإسرائيلية الثانية على غزة:" كتائب القسام لم ولن تسقط من حساباتها أي خيار ممكن من أجل تفعيل المقاومة وتحرير الأسرى وقهر العدو الغاصب المجرم"، مضيفاً:" عيوننا ستبقى دوماً صوب القدس والأقصى ولن تنحصر داخل حدود غزة، وإن مشروعنا المقاوم سيمتد كما كان دوماً إلى كل أرضنا المغتصبة إن عاجلاً أو آجلاً".

 
استشهاده:
 

وقد أصدرت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" بيانا حول استشهاده    14/11/2012
إثر قصف صهيوني غادر استهدف سيارتهما اليوم الأربعاء وسط قطاع غزة، ليلتحقا بركب الشهداء الذين قضوا نحبهم في طريق ذات الشوكة الذي ارتضوه دفاعاً عن شعبهم ومقدساتهم.
لقد أرعب القائد الجعبري الاحتلال وأقضّ مضاجعه من خلال العمليات النوعية لكتائب القسَّام وإدارته الحكيمة لمسيرتها كان آخرها صفقة وفاء الأحرار، وتعرّض لعدّة محاولات اغتيال جبانة، وأمضى أكثر من 13 عاماً أسيراً في سجون الاحتلال الصهيوني.
 
إنَّنا في حركة حماس إذ ننعى شهيدنا القائد البطل أحمد الجعبري، ومرافقه الشهيد محمد الهمص، لنحمِّل الاحتلال الصهيوني المسؤولية الكاملة عن هذه الجريمة النكراء، ونؤكّد أنَّه سيدفع الثمن باهظاً جرّاء استهدافه قادة المقاومة ورموز شعبنا ونحذره من التداعيات الخطيرة لهذا الاغتيال الجبان، فشعبنا الفلسطيني وفصائل المقاومة لن تقف مكتوفة الأيدي أمام جرائم الاحتلال وستردُّ بقوة وستثأر لدماء شعبنا وقادته ورموزه، وتدافع عن شعبها ضد هذا العدوان والإرهاب الصهيوني، وستبقى حركة حماس وكتائبها المجاهدة كتائب عز الدين القسام ماضية في طريق الجهاد والاستشهاد، ولن يفتّ من عضدها اغتيال قادتها الكبار.
إننا نعاهد دماء الشهيد القائد أحمد الجعبري ودماء كل الشهداء أننا سنبقى دوما على عهدنا ووعدنا بالدفاع عن شعبنا وأرضنا ومقدساتنا.. وسنواصل طريق الجهاد والمقاومة حتى النصر والتحرير.