في وداع عام منصرم

 

 تنافسَت الفضائياتُ الليلةَ في تقديم عرض موجز لأحداث السنة المنصرمة، شاهدتُ فيها بعضَ المشاهد المؤلمة التي تصوّر محنةَ أهل الشام فتواردت على بالي آيات الكتاب الحكيم: {فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعلَ الله فيه خيراً كثيراً}، {حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كُذبوا جاءهم نصرنا}، {ويقولون متى هو؟ قل عسى أن يكون قريباً}.

 

 وشاهدت صوراً من مآسي السوريين النازحين في دول الجوار فخطر ببالي مرةً قولُه تعالى: {حتى إذا أتَيَا أهل قرية استطعما أهلها فأبَوا أن يضيّفوهما} ومرة: {ولا تَحاضّون على طعام المسكين}، وفي الثالثة: {ويُطعمون الطعامَ على حبّه مسكيناً ويتيماً وأسيراً، إنما نطعمكم لوجه الله}.

 

 ثم رأيت احتفالات بلد من بلدان العرب فخطر ببالي قوله تبارك وتعالى: {فسينفقونها ثمّ تكونُ عليهم حسرة}.

 

 *   *   *

 

 وبعد، قبل أيام نصب فريقٌ من المسلمين في بيوتهم شجرات عيد الميلاد فزيّنوها كما يزين النصارى شجراتهم ومارسوا عندها الطقوسَ ذاتها، حتى ليظن الظانّون أنهم من أتباع المسيح، ولعلهم سيُحْيون عمّا قليل ليلةَ رأس السنة الميلادية في احتفالات أكثرُها حافل بالمعاصي وأقل القليل منها هو الخالي من الموبقات.

 

 اللهمّ إنّا نبرأ إليك من قوم منّا جعلوا هذه الليلةَ عيداً كأنهم لم يُشرَع لهم عيد، وأنفقوا بالاحتفالات فيها كرائمَ الأموال وإخوانُهم في الدم والدين يموتون جوعاً وبرداً، ويتشردون في برد الشتاء تحت قبة السماء بلا وِطاء ولا غطاء.

 

 اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك وتوفنا على الإيمان.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين