في ذمة الله الأستاذ عبد السلام بيراوي (رحمه الله)

الذي أجاب دعوة ربه في يوم الأحد 7 ربيع الآخر 1442 الموافق 22/11/2020 بمدينة حلب

ورد في جامع الترمذي و الحاكم في «المستدرك»، وصححه، « اذكروا محاسن موتاكم، واذكروا أمواتكم بخير»

قال ابن دريد في الحكم:

وَإِنَّمـا المَـرءُ حَـديـثٌ بَـعـدَهُ=فَكُن حَديثـاً حَسَنـاً لِمَـن وَعـى

فماذا نتحدث عن أبي مصطفى البيراوي ،الذي عشنا معه أكثر من خمسين عاما في رحلة الحياة، وهذه شهادة -أرجو الله -أن أكون صادقاً،{وماشهدنا إلا بما علمنا} وأن يكون فيها فائدة وعبرة للجيل الحاضر، وما بعده ،فأقول وبالله التوفيق:

1- لقد كان رحمه الله محبّا لله ورسوله،وكان يكثر ما استطاع حجاً،وعمرة،وزيارة للنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وحاله يقول:

زر من تحب وإن شطت بك الدار ... وحال من دونه حجب وأستار

لا يمنعنَّك بعدٌ من زيارته= إنَّ المحــــــبَّ لمن يهواه زَوِّار

2-محبته للعلماء العاملين، والأولياء والصالحين، وحضورمجالسهم، وقصد زيارتهم، والتبرك بهم، واستزارتهم في بيته، وإكرامهم.

3-مع صلته بالدعاة، من أرباب الفكر والثقافة الإسلامية، ومحبتهم ، وإكرامهم، وهذا لعمري التوازن الذي لا يجيده كثير من الناس.

4- أما أخلاقه وسجاياه: فقد كان كريم النفس، عفّ اللسان، كثير التواضع.

5-إضافة لكرم النفس كان كريماً للضيفان، مع بشاشة الوجه، وحسن الإستقبال، فقلما عرفه أحد من إخوانه وأصحابه، ولم يدخل منزله ،ويأكل من طعامه. مع أنه لم يكن من أغنياء المال ،ولكنه كان من أغنياء الأخلاق. وحاله يقول..

أُضَاحِكُ ضَيْفِي قَبْلَ إِنْزَالِ رَحْلِهِ=وَيَخْصَبُ عِنْدِي وَالْمَحَلُّ جَدِيبُ

وَمَا الْخَصْبُ لِلْأَضْيَافِ مِنْ كَثْرِةِ=الْقِرَى وَلَكِنَّمَا وَجْهُ الْكَرِيمِ خَصِيبُ

6-المدرسة اليوسفية: من أخلاقه الصبر على البلاء، فقد ابتلي سنوات طوال بالسجن ظلما، وأوذي في الله، فتقبل ذلك محتسباً، صابراً لقضاء الله.

7- الأمانة والعفة: حيثُ ائتمنته جامعة حلب على قيود الطلاب ودرجاتهم الإمتحانية، وكان عهده فيها مشهود له بالدقة والأمانة ،وكان مثال النزاهة، وموضع الاحترام لدى أساتذة كلية الطب وطلابها ،عندما كان رئيساً لشعبة الامتحانات في كلية الطب جامعة حلب.

8- عصاميته:وهو درس للجيل من سيرته الذاتية:لم يكن أهله من ذوي العلم والثقافة، ولا الغنى،ولكنهم ذوو عمل واتقان، فكان يشاطر أهله العمل، ويذاكر ويتعلم ،حتى نال الشهادة الإعدادية ،فالثانوية، والجامعية، وهي أعلى الشهادات في عصره..!!

9- الاحترام:لقد كان محترما لدى الجميع-لأن خلُقه الإحترام للآخر- ويفرض احترامه، على كل من عرفه.

10-نعود لكرم النفس ،لقد كان مُكرماً لأهله وذويه الأقربين والأبعدين ،كما كان مكرماً لأنسبائه الأقربين والأبعدين،..

11-هذه الأخلاق الفاضلة:أعطته مكانة إجتماعية، فما كان يبخل بها عن قضاء حوائج الناس، وتيسير أمرهم، فكان المستشار الناصح لجميع من قصده.

12-هذه بعض الأخلاق والسجايا التي حباه الله بها، ونختم بأمرين كملهما الله بهما:

أ‌- حفظه لكتاب الله تعالى وتلاوته آناء الليل وأطراف النهار، ليدخل في زمرة أهل الله وخاصته.

ب‌- الزوجة الصالحة: أم مصطفى بنت الشيخ محمد سعيد المسعود مفتي الباب-رحمه الله- التي أعانته على الإكرام في السراء، وصبرت في الضراء-في حال سجنه-فكانت لأسرتها الكبيرة الأم والأب في آن واحد ،فأكرم بها من زوجة صالحة، ومربية فاضلة. أكرمها الله بالصحة والعافية والتقوى وعوضها عن فقد زوجها خيراً..

دعاء:

اللهم ارحم عبدك الذي نزل بساحتك، فاجعل قراه الجنة ، وشفّع فيه حبيبك المصطفى ونبيك المجتبى صلى الله عليه وآله وسلم.

اللهم اغفر له وارحمه، وعافه ،واعف عنه ،وأكرم نُزُله ، ووسع مُدخلهُ ، واغسله بالماء والثلج والبرد ، ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس

اللهم انزل على قبره الضياء والنور والبهجة والفرحة والسرور واجعله من سعداء أهل القبور ياعزيز ياغفور …اللهم اجعل السندس لباسه ..والكوثر والرحيق المختوم شرابه .. و الملائكة الأبرار زوّاره يدخلون عليه من كل سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار

واغفر لنا ولوالدينا والمسلمين أجمعين يارب العالمين.

جميع المواد المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين