في اليوم الثمانين للاحتلال الروسي لسورية

 

 

حرب إبادة روسية بالقنابل العنقودية ومائة وثلاثون شهيدا في يوم واحد والمطلوب موقف ثوري حقيقي

شهدت المدن السورية الأحد 20 / 12 / 2015 المصادف اليوم الثمانين للاحتلال الروسي لسورية في 30 / 9 / 2015 تصعيدا غير مسبوق في القصف الروسي المحموم على كل المدن السورية . فقد شمل القصف كلا من إدلب وحلب ودير الزور وحماة ودمشق وريف اللاذقية . وتركزت أهداف الطيران الروسي في الأسواق الشعبية والمراكز الصحية والمدارس والدوائر الرسمية . وأسفر القصف عن استشهاد ما يقرب من مائة وثلاثين مواطنا جلهم من المدنيين . وفيما وثقت منظمات حقوقية استخدام الطيران الروسي والأسدي للقنابل العنقودية المحرمة دوليا لإيقاع أكبر عدد من الإصابات في صفوف الأفراد أدان الائتلاف الوطني القصف معتبرا إياه خرقا لقرار مجلس الأمن 2254 مع أن القراءة الواعية لقرار مجلس الأمن المذكور تعطي كل من يملك طائرة حربية مع القدرة ، الحق في قصف السوريين تحت مسمى الحرب على الإرهاب وهذا هو ما يفعله الروس منذ ثمانين يوما ، وويل للذين لا يعلمون .

 

 يذكرنا عدد الشهداء المائة والثلاثين الذين سقطوا في سورية بالأمس في جريمة موثقة للطيران الروسي بعدد ضحايا العملية الإجرامية الغادرة التي وقعت منذ أسابيع قليلة في باريس . مائة وثلاثون ضحية في باريس وقف لهم العالم أجمع على ساق واحدة ، وطيرت من أجلهم البرقيات وأطلقت التصريحات ، وعقدت المؤتمرات وتشكلت الأحلاف ومثلهم من البشر السوريين لم يأبه لهم أحد ولم يهتم لمقتلهم حول العالم أحد !! من واجبنا أن نحترم الفرنسيين خصوصا والغربيين عموما لغضبهم لإنسانهم ، وحرصهم على أمنهم ، وضربهم بيد من حديد على يد كل من يفكر أن يعكر صفو حياتهم ونقول إن هذا الغضب الجميل هو بعض ما يجب أن نتعلمه من الغربيين ومن حضارتهم وقيمهم ( إن لم يكن موجودا في حضارتنا وقيمنا) فنغضب بالقدر الموازي لإنساننا وأطفالنا ونسائنا . أن نتعلم منهم أن نغضب لمساجدنا ومدارسنا ومستشفياتنا كما يغضبون لمسارحهم ومقاهيهم وأنديتهم . 

 

إن الذين رأوا بالأمس صورة أطفال مدينة إدلب يتراكضون في أحياء مدينتهم مذعورين خائفين وطيران بوتين ، بل وطيران القرار الدولي رقم 2254 يطاردهم ويقصفهم بقنابل الموت العنقودية ولا يتملكه غضب إيجابي فاعل كالذي تملك أولاند وهو يرى مواطنيه صرعى برصاص المجرمين الإرهابيين أولى له فأولى ..ثم أولى له فأولى ...

 

لم يخلق الله جلت قدرته مخلوقات عاجزة عجزا مطلقا ..حتى الذر في جوف الأرض يملك وسائل من التصرف يدرأ بها عن نفسه ويجلب بها لنفسه . ومرة أخرى أولى لهؤلاء الذين اختاروا العجز والاسترسال والاعتماد على الآخرين ثم أولى .. 

 

في سورية وخلال قرن مضى دخل عشرات الألوف من المجاهدين والمناضلين السوريين السجون ، وعلقوا على المشانق ، وشرد مئات الآلاف من السوريين في أقطار الأرض ليقولوا لحافظ الأسد : سورية ليست مزرعة.

 

ومنذ خمس سنوات ثار الملايين من السوريين قتلوا وانتهكوا واعتقلوا وشردوا ليقولوا لبشار الأسد كما قال جيل سبق لأبيه ، ولكن بصوت أكثر قوة وجرأة هذه المرة : سورية ليست مزرعة .

 

وما زال في سورية رجال ونساء يملكون القوة والقدرة ليقولوا لبشار وللولي الفقيه ولبوتين ولكل الموقعين على قرار مجلس الأمن 2254 سورية لن تكون مزرعة . وإن أصررتم فهي ستكون مقبرة بإذن الله للغزاة والمحتلين والمعتدين والبغاة ..

 

إن الكلمة التي ينتظر سماعها أطفال سورية الذين كانت طائرات بوتين تطاردهم وتروعهم في شوارع المدن السورية أن يسمى المحتل الغازي قاتل الأطفال عدوا بجرأة ووضوح لا تلعثم ولا تردد فيه . أن يسمى القاتل المحتل عدوا وان يعامل العدو كعدو وأن لا يقبل به ولا منه كوسيط . وهذه كلمة لم نسمعها حتى الآن من أولئك الذين يزعمون أنهم يمثلون الثورة السورية ، ومن يمثل الثورة فإنه يمثل أول ما يمثل شهداءها بالوفاء وثوارها بالأمانة على الأهداف ...

 

نحب أن نسمع من الذين يدعون تمثيل هذه الثورة قولهم : نرفض الإمساك بطرف أي عملية سياسية كائنا من كان وراءها أو أمامها ما لم تتوقف حرب الإبادة المفتوحة على شعبنا ومهما تكن ذرائع هذه الحرب ودوافعها. أن نسمع صوتهم ينادون : أوقفوا حرب الإبادة . ومكنوا القيادة السياسية من أمرها وهي ستتولى بيد الحكمة والرشد تطويق كل الشرور والقضاء على كل الآثام ..

 

يظن بعض ضعفاء التقدير أو قليلي الإيمان أن صناع القرار الدولي هم بمكانة القدر الرباني ، الذي لا فكاك لهم منهم فكم يخافون ويتخوفون وهم يقرؤون قوله تعالى (( وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ )) فيضعونه في غير موضعه . يا فقراء في الإيمان ذاكم هو الله جل الله هو الذي يستبدل وليس أمريكا ولا روسيا ولا مجلس الأمن ...

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين