في الإصلاح والفساد والصراع والمسئولية

سيتم عرض الموضوع ضمن نقاط، ولا بد في البداية من توضيح بعض الأمور

1معنى النقائض

إن من آيات الله تعالى إخراج الحي من الميت والعكس قال تعالى:

(يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ۚ وَكَذَٰلِكَ تُخْرَجُونَ (19).

2 معنى الزوجية

والنقائض في الكون هي أحد وجوه الزوجية (زوجين اثنين) التي أقام الله عليها الكون، وتشمل:

خلق الشيء وضده، كالليل والنهار والشيء ونظيره مثل الشمس والقمر والموجب والسالب والذكر والأنثى..

3 تفسير الأحداث

وكما خلق ربنا الشيء وضده .. فقد اقتضت قدرته أن يوجد الشيء من ضده أحيانا.. 

والأحداث قد توجد بعضها، ولكل فعل ردة فعل كما في الفيزياء..

4 تفسير اختلاف الناس في الدين والميت يخرج منه الحي والعكس صحيح ..

ويخرج أهل الإيمان من أهل الكفر كما في إبراهيم عليه السلام مع أبيه، والصحابة رضي الله عنهم مع آبائهم..

ويخرج أهل الكفر من أهل الإيمان كحال ابن نوح مع أبيه نوح عليه السلام ، وكما قال تعالى: (فخلف من بعدهم خلف...) 

وسنة التعاقب والتدافع والصراع تقتضي هذا.. ففي بيت فرعون إيمان يتمثل بموسى عليه السلام وزوجته، وفي بيت نوح عليه السلام كفر يتمثل بابنه وزوجته.

والمجتمعات والأوطان والدول لها الحكم ذاته..

السؤال:

5 تحديد المسئولية

والآن: ما هي مسئولية الأخيار عن صناعة الأشرار؟

في حالة الأنبياء والمرسلين عليهم السلام نجدهم قد قاموا بواجب الدعوة إلى الله والنصح والتوجيه التربوي أتم قيام، ومن عصاهم كان خبيثا في معدنه، فلا يتحمل إثمه غير نفسه.

فيما سوى الأنبياء والمرسلين تختلف الحالة.. فهنالك من يقوم بالواجب وهنالك من يقصر..

6حول الواقع المعاصر

في واقعنا المعاصر هنالك تقصير كبير 

في الدعوة إلى الله والنصح والتوجيه التربوي.. وهنالك تشويه للدعوة ذاتها..

وعليه فيتحمل الأخيار قسطا كبيرا من المسئولية الكبيرة عن تدهور أوضاع هذا العالم جراء سكوتهم عن الباطل، وقبولهم شيوع التخلف وانتشار الشر...

وفي الحديث الشريف ما يشير إلى أن ذلك سبب للهلاك، فعن النُّعْمانِ بنِ بَشيرٍ رضي اللَّه عنهما، عن النبيِّ ﷺ قَالَ: مَثَلُ القَائِمِ في حُدودِ اللَّه، والْوَاقِعِ فِيهَا كَمَثَلِ قَومٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سفينةٍ، فصارَ بعضُهم أعلاهَا، وبعضُهم أسفلَها، وكانَ الذينَ في أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ الماءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا في نَصيبِنا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا. فَإِنْ تَرَكُوهُمْ وَمَا أَرادُوا هَلكُوا جَمِيعًا، وإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِم نَجَوْا ونَجَوْا جَمِيعًا رواهُ البخاري.

7 كلام رائع للإمام الغزالي 

ونختم بكلام حجة الإسلام الغزالي رحمه الله يؤكد ما في الحديث ويدين تقصير العلماء والصالحين ويحملهم مسئولية الفساد المنتشر في عصره: (بالجملة إنما فسدت الرعية بفساد الملوك وفساد الملوك لفساد العلماء، فلولا القضاة السوء والعلماء السوء لقل فساد الملوك خوفا من إنكارهم). 

8 مسئولية العلماء والمصلحين

كل إنسان مسئول عن نفسه ومجتمعه وهذه مسئولية فردية..

وهنالك مسئولية كبيرة خاصة على أهل العلم الذين يجب عليهم تنوير العقول والبصائر، ونقل الأمة من وهاد الجهل والتخلف إلى ذرا العلم والحضارة...

ولكنهم في زماننا قد قصروا في ذلك، وجلدوا الأمة بكثرة اختلافاتهم، وحولوا الدين في بعض الأحيان إلى مناسبات وطقوس وخرافات وأوهام ..مبتعدين عن جوهر الإسلام وهو التوحيد والعقل والإصلاح والعدل والإحسان... 

وهذا مما فسح المجال في عصرنا الحاضر أمام طوفان الفساد والاستبداد الذي أهلك الحرث والنسل.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين