بسم الله الرحمن الرحيم
من المؤمنين رجال ، صدقوا ما عاهدوا الله عليه ، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا " .
لم يكن في برنامج الشيخ رحمه الله ، ان تنتهي رحلة الحياة ، هناك في دولة قطر ، حيث ان حجوزات السفر ، كانت تشير الى زيارة لمخيمات النازحين السوريين في عمان - الاردن ثم الى مخيماتهم في لبنان .
لكن المنية عاجلته وهو على المنصة ، يتكلم في ندوة ، حول التغيير الديموغرافي ( السكاني ) الذي يقوم به النظام الظالم ، و منطقة حمص نموذجا " .
ولد شيخنا المسدي رحمه الله ، في مدينة حمص ، مدينة خالد ابن الوليد و ترعرع في معاهدها ومساجدها ، حيث أخذ والده العلامة الشيخ عبدالغفار المسدي ، بيده و دفعه الى مجالس العلم والعلماء .
فتربى على أيدي علماء حمص الكبار أمثال والده الشيخ عبد الفتاح، والشيخ محمد علي مشعل ، والشيخ وصفي المسدي ، والشيخ عبدالغفار الدروبي ، والشيخ عبدالعزيز عيون السود وغيرهم من آل السباعي وآل الأتاسي .
نهل من العلم الشرعي من منبعه الصافي ، وتدرج في الخطابة والإمامة والتدريس ، في المعهد الشرعي العلمي في حمص ، ومساجد المدينة وقراها ، والتحق بدعوة الاخوان المسلمين في بداية السبعينيات .
وكان مثال الأخ العالم الداعية ، حمل هم الدعوة ، وتعرض في سبيل الله للكثير من المحن والابتلاءات في نفسه و أهله وأقربائه وإخوانه .
تعود معرفتي بالشيخ ياسر ، رحمه الله ، الى الثمانينيات ، عقب أحداث مجزرة العصر في مدينة حماه الشهيدة ، حيث كان الشيخ قد ربط علاقة من خلال مسجده في جورة الشياح ، مع الوافدين من طرابلس للتجارة ومنهم أعمامي ووالدي ، أثمرت هذه العلاقة الي ايفاد العشرات من الطلاب اللبنانيين ، من آل هرموش و أبناء منطقة الضنية ، للدراسة في المعهد الشرعي في بدايات الأحداث اللبنانية عام 1975، وكان بينهم الشيخ الدكتور محمود عبود هرموش، والشيخ محمد هرموش، والشيخ مصطفى قرة وغيرهم الكثير من طلبة العلم الشرعي .
ويعود للشيخ ياسر مع علماء حمص الأجلاء ، فضل نقل العلم الشرعي والفهم الحركي الإسلامي للكثير من شبابنا .
بعد أحداث حماه ، فرَّ الشيخ بدينه ، وجاء الى بلدتنا السفيرة - الضنية وأقام فيها مع عائلته واستمر بنشر دعوته ، حتى ضيق عليه النظام الأمني السوري والشلل المخابراتية المرتبطة به ، وكان قرار مغادرته الى السعودية .
في عام 1981 كانت مهمتي ان أنقل الشيخ متنكرا " من الضنية إلى مطار بيروت الدولي ، وكان علينا المرور على حواجز الجيش السوري ، ويومها ونحن في الطريق تعرضنا بقضاء الله الى حادث سير مروع ، أفضى الى تدمير سيارة ابن عم لي ، ونقلي الى المستشفى وعودة الشيخ الى بلدتنا .
وبعد فترة عاودنا المحاولة مرة ثانية ، وتمكنا من تهريب الشيخ، ووصل الى مطار بيروت الذي لم يكن يتواجد فيه الأمن السوري وسافر الى السعودية .
في السعودية تعرَّف الشيخ الى الكثير من الدعاة الوافدين ، وعمل مع كبار رجال الأعمال ، الذين لمسوا صدقه وأمانته وتقواه .
فدفعوا اليه بأموالهم ، التي أحسن توجيهها ، باتجاه الكثير من أعمال الخير ، كبناء المساجد ، والمدارس والمستشفيات ورعاية طلبة العلم الشرعي ، وكان وفاء الشيخ المسدي ، تجاه لبنان وأهله والمخيمات الفلسطينية وفاء " كبيرا " ، ندعو الله سبحانه أن يجعل هذه الأعمال في ميزان حسناته .
عندما شعر الشيخ ياسر المسدي ، أن الوجود الاسلامي ، في حمص أصبح في خطر ، بعد أن هجر العلماء وتعطلت الدعوة ، نتيجة بطش النظام السوري وعواقب القانون / 49 / الذي كان يحكم بالإعدام على كل من ينتمي الى جماعة الاخوان المسلمين ، تحرر من التزامه التنظيمي ،وقرر العودة إلى سوريا ، بواسطة من الاخ الدكتور فتحي يكن رحمه الله ، لكن هذه المحاولة لم يكتب لها الاستمرار والنجاح ، وعاد الشيخ الى الخارج وعاد الى عمله الخيري والإغاثي .
ومع انطلاق شرارة الثورة ، وكانت مدينة حمص هي عاصمة الثورة السورية المجيدة ، انخرط شيخنا بعمل الثورة و تحرر من أعباء عمله ووظف كل طاقاته وعلاقاته لخدمة الثورة والنازحين السوريين ، واهتم بأعمال الإغاثة وبنشر التعليم ، وخاصة في مخيمات النازحين في تركيا وخاصة ( غازي عنتاب ) ولبنان والاردن .
وسعى مع طلبة العلم الشرعي الى اطلاق اكبر حملة لتعليم القرآن الكريم التي بلغت ما يزيد عن اربعمائة حلقة قرآنية في البلدان الثلاث ، حيث يقوم عليها من يدرس ويعلم .
كما تطور العمل ليبلغ ما يزيد عن مئة مركز لتحفيظ وتدريس كتاب الله .
وكان مسؤولا " عن رابطة العلماء السوريين في المجلس الوطني السوري .
واليوم وبعد الرحيل ، فقد الشعب السوري ، وثورته المباركة ، عالما " ، مجاهدا " ، مخلصا " ، ناشطا " لا يهدأ ، عاملا " لا يعرف الراحة و النوم .
زاهدا " ، تقيا " ، درعا" .
لقد أحدث غيابك يا شيخي ، فراغا" كبيرا ".
من لحلقات العلم والقرآن بعد اليوم ؟
لقد انقطع حبل التواصل و الاتصال مع اهل الخير من امثال ابو محمد جميل ، وابو عبدو ، وابو .............. وابو ...............!!
من للايتام والأرامل ، الذبن ينتظرون بدلات ايجار مساكنهم ؟؟
من للطلاب الذين انقطع عنهم مصروفهم ؟؟
نقول: يا شيخ ياسر إن الخيرية ، باقية في هذه الأمة ، والأمل بالله أن يعوض الأمة هذه الخسارة الكبيرة .
ولا نقول الا ما يرضي ربنا ، حسبنا الله ونعم الوكيل .
عزاؤنا الحار للسيدة ام عمار و عمار و إخوانه و للعائلة الكبيرة .
ولإخوانك وتلاميذك ومعارفك ولحمص عاصمة الثورة ، وللثورة السورية ولكل الاحرار في العالم ، و الله أكبر و لله الحمد .
التعليقات
يرجى تسجيل الدخول