الشيخ
الدكتور عبد المجيد بن بكري بن أحمد مُعاذ القيسي الحلبي، المعروف والمشهور بين الناس
أن لقب الشيخ المترجم هو(معّاز) بفتح الميم وتشديد العين، ولكن الشيخ المترجم وفي كل
لقاء كان لي معه كان يصر على لقب (معاذ) بضم الميم.
عالم
عامل، فقيه، محقق، مدرس الفقه الإسلامي والسياسة الشرعية في جامعات السعودية والكويت.
ولد
الشيخ المترجم له في مدينة حلب حيّ (باب المقام)، سنة: أربع وستين وثلاثمئة وألف للهجرة،
في أسرة عرفت بالتدين والصلاح، سهلت له سبيل طلب العلم وحببته فيه، فقد كان والده يرافقه
منذ نعومة أظفاره إلى مجالس العلم في مسجد الحي، حيث دروس ومجالس شيخه الشيخ محمد السلقيني.
- رحمه الله -
وما
أن أنهى الشيخ تعليمه الابتدائي، حتى انتسب إلى المدرسة الخسروية - الثانوية الشرعية
- وفها التقى جلّ شيوخه من علماء حلب الكبار في ذلك العصر، فأخذ عنهم وتفقه بهم، وكانوا
الركيزة الأولى في حياته العلمية والدعوية، منهم الشيخ محمد نجيب خياطة شيخ القراء
في حلب، وقد أخذ عنه علوم التلاوة والتجويد والفرائض، والشيخ عبد الله سراج الدين،
وقرأ عليه علوم الحديث النبوي الشريف ومصطلحه والدعوة والإرشاد والسلوك، والشيخ محمد
أبو الخير زين العابدين، وأخذ عنه علوم القرآن والتفسير والعقيدة، والشيخ عبد الله
حماد أستاذه في الفقه الشافعي، والشيخ محمد السلقيني، والشيخ عبد الله خير الله، وأخذ
عنهما علوم الفقه الحنفي وأصوله، وأصول الإفتاء، والشيخ عبد الوهاب سكر، أستاذه في
السيرة والأخلاق وتراجم أعلام الإسلام، والشيخ عبد الرحمن زين العابدين، وقرأ عليه
النحو والصرف والأدب وعلوم اللغة العربية، واظب الشيخ عبد المجيد على الدراسة في هذه
المدرسة، والتلقي عن أساتذتها وشيوخها، إلى أن تخرج فيها عام: 1963 م، بدرجة جيد جداً.
وكان
المترجم له الشيخ عبد المجيد أثناء دراسته في الثانوية الشرعية لا ينقطع عن حضور مجالس
شيوخه من علماء حلب الكبار العامة في المساجد، أو مجالسهم الخاصة، كمجالس شيخه الشيخ
عبد الله سراج الدين، والشيخ محمد السلقيني، والشيخ ياسين سريو (الموقت)، والشيخ عبد
الجواد بوادقجي، وغيرهم من علماء حلب الكبار، ثم يعود إلى غرفته في المدرسة (الأحمدية)
ليحضّر دروسه، ويطالع ما تيسر له من الكتب العلمية والشرعية.
وبعد
تخرجه في الثانوية الشرعية، التحق بكلية الشريعة في جامعة دمشق، وفيها التقى عدداً
آخر من شيوخه، فأخذ عنهم العلوم الشرعية والعربية، ومنهم: الشيخ فوزي فيض الله، والشيخ
وهبي الزحيلي، وكان يتحين فرصة وجوده في دمشق ليحضر مجالس بعض شيوخها، أمثال الشيخ
خالد الجيباوي، والشيخ عبد الوهاب دبس وزيت، والشيخ نايف عباس، وغيرهم من العلماء الدمشقيين،
وأتم الشيخ دراسته في كلية الشريعة وتخرج فيها عام: 1967 م بدرجة جيد جداً.
لم
يكتف الشيخ المترجم له بما حصله من العلوم، ولم يرو ظمأه للعلم، فشدّ الرحال إلى القاهرة،
ليتابع دراساته العليا في كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، وفيها حصل على درجة
(الماجستير) في السياسة الشرعية، عام: 1971 م، ثمّ درجة (الدكتوراه) في السياسة الشرعية
أيضاً، عن رسالته، (كتاب تحرير الأحكام في تدبير أهل الإسلام) لبدر الدين ابن جماعة
- دراسة وتحقيقاً - مع مرتبة الشرف الأولى، وذلك عام: 1976 م.
كما
حصل الشيخ على بعض الإجازات العلمية (على طريقة المشايخ) في الحديث النبوي الشريف،
وغيره من العلوم التي يجوز لشيوخه روايتها، ومن شيوخه الذين أجازوه: الشيخ محمد السلقيني،
والشيخ عبد الله خير الله، والشيخ يوسف الكتاني المغربي.
عمل
المترجم له ومذ كان طالباً على الدعوة إلى الله، ونشر العلم من خلال وظائفه العلمية
والإدارية التي تولاها في حلب وغيرها، ومنها:
1-
التدريس في معهد العلوم الشرعية بحلب - المدرسة الشعبانية -.
2-
التدريس في المعهد العالي للدعوة الإسلامية بالمدينة المنورة، التابع
لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في السعودية، من عام: 1979 إلى عام: 1988 م.
3-
رئاسة قسم الدعوة والاحتساب في هذا المعهد.
4-
رئاسة مجلس النشاط فيه.
5-
عضواً ممثلاً للمعهد المذكور في المجلس العلمي للجامعة.
6-
الإشراف على عدد من بحوث (الماجستير) ورسائل (الدكتوراه) في المعهد.
7-
التدريس في كلية التربية الأساسية، قسم الدراسات الإسلامية في جامعة
الكويت.
8-
رئاسة الشؤون العلمية في القسم المذكور.
9-
عضوية اللجنة العلمية التابعة للموسوعة الفقهية في دولة الكويت.
كما
كان للشيخ دروس لطلاب العلم في المدرسة (الشعبانية) وفي جامع (العثمانية)، وغيره من
مساجد حلب، يقرأ لطلابه فيها دروس الفقه الحنفي وأصوله.
وللشيخ
المترجم له عدد من المؤلفات والبحوث المنشورة في بعض المجلات المتخصصة في الفقه الحنفي
والسياسة الشرعية، فمن مؤلفاته:
1-
كتاب تحرير الأحكام في تدبير أهل الإسلام، لبدر الدين ابن جماعة،
دراسة وتحقيقاً وهو رسالته لنيل درجة (الدكتوراه).
2-
من أنوار الدعاء، جمع وترتيب.
3-
فهرس ألفبائي لحاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح.
4-
القول المختار من ردّ المحتار - كتاب الطهارة والصلاة -.
5-
فتاوى معاصرة في مواضيع متعددة.
6-
وللشيخ بحوث ومقالات متعددة في الحسبة والفقه والفكر الإسلامي.
وفي
نهاية عام: 2007 م، عاد الشيخ المترجم إلى موطنه حلب، ليواصل عمله في الدعوة إلى الله،
ونشر العلم الشرعي، من خلال متابعة إلقاء الدروس على الطلاب، والبحث والتأليف، وهو
الآن يواصل عمله في كتاب (ردّ المحتار).
أما
منهجه في الدعوة إلى الله، فيصفه بقوله: "منهجي بالدعوة العمل بقول الله تعالى:
(أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، وجادلهم بالتي هي أحسن)، وتبعاً لهذا فإنني
أتبع المنهج العقلي تارة، والمنهج العلمي تارة أخرى، وأحياناً أتبع المنهج العاطفي
كلّ ذلك وفقاً لما أراه أنفع وأجدى"([1]).
طيب
القلب، لطيف المعشر، حلو الحديث، كريم النفس واليد، كثير الذكر والعبادة وتلاوة القرآن
الكريم، جميل الوجه، ربعة بين الرجال، عليه هيبة العلماء، ووقر الشيوخ الأتقياء.
بقي الشيخ عبد المجيد على نهجه في الدعوة إلى الله، وعلى
هذه الصفات الحميدة، إلى أن أدركته الوفاة في مدينة حلب مساء يوم الثلاثاء، الواقع
في السابع عشر من شهر شعبان، سنة: خمس وأربعين وأربعمئة وألف للهجرة النبوية
الشريفة، الموافق للسابع والعشرين من شهر شباط، عام: أربعة وعشرين وألفين للميلاد،
وحزنت عليه مدينة حلب التي فقدت بموته علماً من أعلامها عالماً جليلاً من علمائها،
وعم الحزن كل أهله وإخوانه وطلابه وأحبابه، وأمّ المصلين عليه في جامع أهل بدر
الكرام ابنه الكبير الشيخ أسامة، وشيع بجنازة حافلة حضرها كثير من العلماء وطلاب
العلم إلى أن ووري الثرى رحمه الله
المصادر
والمراجع
1-
بعض كتب الشيخ المطبوعة، وكتاب (القول المختار) خاصة.
2-
ترجمة خطية تفضل بها الشيخ المترجم لة.
3-
مقابلة شفهية مع المترجم له جرت في منزله عصر يوم: 19/1/2010
م.
التعليقات
يرجى تسجيل الدخول