1292ـ1349
اسمه ونسبه:
هو العلامة المفسِّر المحدث الفقيه الحنفي الشيخ أبو عبد الرَّزَّاق ، عبد الغفَّار بنُ عبد الغنيِّ بن دَامِسِ بنِ عبد المنعم بن زكريَّا ( الشهير بابن عُيُون السود) بن باكير الشيباني الحمصي.
ولادته:
وُلد في عائلة معروفة بالتدين ، برز فيها علماء أجلاء أدباء وساسةٌ، في مدينة حمص في سورية عام 1292هـ الموافق 1875م.
أخلاقه وصفاته:
كان رحمه الله تعالى حاذق الذهن، كريم الفطرة غزير العلم ، يتَّقد ذكاء، لا يكادُ يسمع أو يقرأ شيئاً إلا حفظه، وكان في طليعة العلماء الكبار الغير على الإسلام، وكان أثره الكبير في طلبة العلم خاصَّة ، ثمَّ في الناس عامة.
ثناء العلماء عليه:
كان محلاً لثناء كبار عُلماء حمص، الذين عرفوا فضلَهُ وصلاحه وخُلُقه وما امتاز به من مكانة علمية وقدرٍ راسخ في العلم، وكانوا يذكرونه دائماً بالفضل، ويصفونه بالتقى والوقار والصَّلاح،وأنَّه صاحب الدرجة العالية في التحقيق والتدقيق، ويلقبونه بالأستاذ الكبير، والمحدِّث الشَّهير، والفقيه اللوذعيِّ الأريب، والعالم الثَّبت الذي انتهت إله رئاسة المذهب الحنفي في عصره، بعد الجهبذ النحرير الشيخ محمد خالد الأتاسي، شارح مجلة الأحكام العدليَّة، أحد الذين أخذ عنهم الشيخ عبد الغفار الحديث والفقه.
وهو عن العلامة الشيخ بكري العطار الدمشقي بسنده إلى الفقيه الشهير المعروف بابن عابدين ، صاحب الحاشية...، وإلى الإمام المحدث محمد بن إسماعيل البخاري،إمام الصَّنعة، تغمدهم الله جميعاً برضوانه،ومهَّد لهم في أعلى جنَّاته.
تلاميذه:
أمَّا تلاميذُ المُترْجَم له فكثيرون، وكان من أبرزهم أخواه: المفسر الفقيه الشيخ محمد علي ، المتوفَّى عام 1371هـ ، والفقيه الفرضي النحوي الشيخ عبد الله، المتوفى عام 1392هـ، ثمَّ العلامة الفقيه المتقن الشيخ عبد القادر الخوجة، المتوفَّى عام 1373هـ، والعلامة المحدث المرشد الشيخ أبو النصر بن الشيخ سليم خلف، المتوفى عام 1368هـ،والعلامة المقرئ الشيخ عبد العزيز بن الشيخ محمد علي عُيُون السُّود، المتوفى عام 1399هـ، والشيخ عبد الجليل بن الشيخ عبد الرحمن مراد، المتوفى عام 1399 هـ،وولد المترجم له العالم الصالح الشيخ عبد الرزاق ، الموفى عام 1412هـ رحمه الله تعالى.
أولاده:
وأما أولاده الذكور فهم: الشيخ عبد الرزاق، ـ رحمه الله تعالى ـ ، من شهد القاصي والدَّاني في حمص بعلمه وورعه وأمانته وتقواه، والأستاذ عبد البر، قضى حياته مُعانياً في سبيل المبادئ والقيم التي كان يتمثلها، والأستاذ فوزي، الذي عُرف برجاحة العقل ، وكرم الخلق، والنزاهة وسعة العلم، والتضلع في اللغة والآداب، أمتع الله بحياته في عافية، ومحمد ميمون ،وقد توفي صغيراً.
وأما الإناث فقد ترك خمساً ، بقي منهنَّ اثنتان بارك الله بحياتيهما ،ورحم المتوفيات منهن.
آثاره العلمية:
أمَّا الآثار العلميَّة التي تركها المؤلف فأشهرها: "الرياض النَّضرة في تفسير سورتي الفاتحة والبقرة" وهي سلسلة دروس ألقاها مع ما يقتضيه المقام من أحاديث شريفة ومواعظ وأحكام،ويعدُّ هذا الكتاب من الكتب النفيسة الزاخرة بالفوائد ، الحافلة بالأحكام الفقهية، والرقائق الدينية، والنكت التفسيرية،مع الاهتمام الواضح بتخريج وبيان درجة الأحاديث التي يذكرها، ويتميز بأسلوبه السهل وبالوعظ من خلال التفسير. وقد طبع الكتاب في حياة مؤلفه ـ رحمه الله تعالى ـ في ثلاث مجلدات عام 1344هـ في مطبعة فتى الشرق بحمص، على نفقة أخويه العلامة المفسر الشيخ محمد علي عيون السود، المتوفى عام 1371هـ، والشيخ الفرضي النحوي عبد الله عيون السود المتوفى عام1392 هـ،وبمشاركة الشيخين عبد القادر الخوجة، وعبد الجليل مراد رحمهم الله جميعاً، ثم اعتنى بطباعته وخدمته الأستاذ: محمد عبد الرحمن بن عبد العزيز عيون السود،وصدر عام 1427عن مؤسسة زدني علماً .
وله أيضاً: "شرح سنن أبي داود" ، في تسعة أجزاء بخط يده على ورق كبير، كان يُسمى بالورقِ العبَّاديِّ.
ورسالة" دفع الأوهام عن مسألة القراءة خلف الإمام" بسط فيها المسألة في المذهب الحنفي، وبرهن عليها،والذي دعا الشيخ لكتابة رسالته ، ما ذكره تلميذُ المؤلف وابن أخيه العلامة المقرئ المفسِّر الفقيه الورع الشيخ عبد العزيز عيون السود، أمين فتوى حمص رحمه الله تعالى ، فقد قال" جاء رجلٌ من طرابُلُس الشام إلى حمص ، وقال للشيخ ـ يريد عمَّه ـ: إنه ظهر عندنا رجلٌ يقول: من لم يقرأ بفاتحة الكتاب خلفَ الإمام فهو كافر!! فقيل له في ذلك؟ فقال: لأن من لم يقرأها لم تصحَّ صلاته، ومن لم تصحَّ صلاتهُ فكأنه لم يُصَلِّ ، ومن لم يُصَلِّ فهو كافر!!.
وألحَّ هذا الرجل الطرابُلُسي في الرجاء أن يكتب له الشيخ عبد الغفار جواباً شافياً، فكتب له هذه الرسالة في مجلس واحد خلال ساعتين، وسمَّاها:" دفع الأوهام" وأعطاها للرجل ، ثم عرضها الشيخ على بعض علماء حمص، فقرَّظوها له ، ثم طبعها رحمه الله تعالى " ، كما نقله عن الشيخ عبد العزيز الأستاذ محمد عوامة في كتاب:"أثر الحديث الشريف في اختلاف الأئمة الفقهاء"ص43.
وذكر هذا السبب ـ مختصراً ـ المؤلِّفُ نفسه في رسالته حيث قال:" بلغني عن بعض من يُنسب إلى العلم أنه يقول: إنَّ صلاة الحنفية غيرُ صحيحة، لأنهم لا يقرؤون خلف الإمام، ومن لم تصحَّ صلاته، فهو تاركٌ للصلاة، وتاركُ الصلاة كافر!!" .
وقد طبعت في حياة مؤلفها ـ رحمه الله تعالى ـ سنة 1347الموافق 1927م في حمص،ثم اعتنى بها وخدمها خدمة لائقة بها الدكتور سائد بكداش، وصدرت عن دار البشائر الإسلامية سنة 1423هـ. كما اعتنى بها الأستاذ حسام الدين كيلاني الحمصي.
وفاته:
توفِّي في مدينة حمص بعد مرض استغرق السنوات الأربع الأخيرة من عمره في السابع والعشرين من شهر ربيع الثاني عام1349هـ الموافق1930م، عن 55عاماً ميلادياً، ودفن في (الكثيب) ـ رحمه الله تعالى ـ .
ماتوا وغُيِّب في التُّراب شُخُوصهم< SPAN> فالنَّشْرُ مِسك والعظامُ رميمُ< B>
باختصار وتصرف من مقدمة
"الرياض النَّضرة" بقلم الشيخ:
محمد عبد الرحمن عيون السود،
ومقدمة " دفع الأوهام عن مسألة القراءة خلف الإمام"
بقلم الدكتور: سائد بكداش.
التعليقات
يرجى تسجيل الدخول