عبدالكريم حمودي ولوعة الفراق

في يوم الثلاثاء ٢٠٢٠/٣/١٨ الموافق ٢٢رجب /١٤٤١هـ

وبقلوب حزينة وعيون دامعة ودعنا أخا حبيبا ورجلا من خيرة الرجال الذين عرفتهم اخلاصا وصدقا وهمة عالية انه أبو حسن عبد الكريم الذي عرفته شابا يافعا ليس كغيره من الشباب لقد نشأ في طاعة الله والاستقامة فكرا وسلوكا ووضوحا في نهج الطريق القويم في وقت كان يعج بالصراعات الفكرية والمتاهات الحزبية التي شغلت الشباب وقتئذ ، لقد عرف ابوحسن طريقه فلم يلتفت الى اصناف الدعاة على ابواب جهنهم بأحزابهم وتياراتهم الفكرية الهدامة ميمما وجهه نحو طريق الحق الذي ارشده اليه الدين الحق سبيل الانبياء والرسل والصالحين ممن انعم الله عليهم بالهداية الى سفينة النجاة التي لا يستقلها الا من هداهم الله ووفقهم الى الخير وكان ابو حسن رحمه الله من هؤلاء الذين اراد الله بهم خيرا فوفقه ليكون في ركب الصالحين من عباده المؤمنين .

واستمر في دراسته الجامعية في جامعة حلب رياضيات r v k وفي عام ١٩٨٠ وقبل تخرجه كان على موعد ليدخل في المحنة الاولى في الثمانينات من القرن الماضي والتي مر بها شعبنا السوري الذي يرزح تحت قمع الاستبداد والحكم الطائفي البغيض فكان القتل والتشريد والاعتقال والاخفاء القسري الذي طال كثيرا من ابناء شعبنا الصابر المظلوم .

وكان لاخينا ابي حسن نصيب من هذه المحنة فقد خرج مهاجرا في أرض الله تاركا وطنه الذي لم يكن يتوقع ان يغادره يوما ما متمثلا بقول رسول الل صلى الله عليه وسلم وهو في طريق الهجرة مخاطبا موطنه مكة المكرمة " ولولا ان قومك أخرجوني ما خرجت"

اكمل دراسته الجامعية في المهجر ثم عمل في مجال الاعلام والكتابات الصحفية الفكرية والاقتصادية فكان متمزا في تحليلاته ومقالاته وقد شهد له من عمل معه بهمته العالية وآفاقه الواسعة واخلاقه العالية وتواضعه وادبه الجم .

لقد ضرب مثلا عظيما لصاحب الهدف والرسالة النبيلة الذي لا يعرف الكلل والملل ، في اخلاصه وتفانيه في خدمة الدعوة لا ينتظر ثناء ولا سمعة وانما هدفه ابتغاء وجه الله ورضوانه والدار الاخرة .

ورغم طول مرضه الذي عانى منه طويلا الا أنه بقي يؤدي واجبه في ميدان الدعوة كفارس ملثم يجاهد ويناضل الى قبيل وفاته في عمان عن عمر ناهز الستين عاما ، فلم يعطي نفسه اجازة او راحة وهو يرى ان بوسعه ان يقدم شيئا يخدم به دعوته التي قضى حياته في رفع رايتها.

رحمه الله وتقبله في عباده الصالحين الصادقين وبلغه مراتب الشهداء الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون سائلا الله الكريم أن يبارك له في عقبه واهله وان يجمعنا معه في جنات النعيم على سرر متقابلين برحمتك يا ارحم الراحمين.