عاجـل بشرى المؤمـن

ألقيت في حفل تكريم العلامة القرضاوي

بمناسبة حصول سماحته على جائزة الملك فيصل العالمية عن الدراسات الإسلامية

مساء الخميس 5/5/1994م (25/11/1414هـ)



 

إن شئت فسلسلْ نفحاتِ العطرِ

لئلا تعبقَ فوق شفاه الناس ثناءَا

إن شئت

فصادر قطرات النورِ

لئلا تتألق فوق عيون الخلق رضاءَا

إن شئت فبدِّل حبَّك

هذا المفترشَ شغافَ القلبِ

مهادًا وغطاءَا

هل تقدرْ؟!

كيف وجُندُ الله تجوبُ الدنيا

كي تزرعَ بعيون الناس الحبَّ وبالأفئدة الرضوانْ

كي تفْجُرَ بين جوانحنا كلَّ ينابيع العرفان

كيف وجبريل يخبِّر أن الله يحب (فلان)

قد لا تعلم يسراك بما بذلتْ يمناك

قد تستـتر بجنح التقوى طمعًا في جنة مولاك

لكن جُنودَ الله هناك..

لكن ثوابَ الله هناك..

أصغِ بسمعكْ!

هذا كسبُ يمينك قد صار حديثَ الدنيا

بشراك أيا شيخي بشراك..

نحن شهودُ الله تعالى بالأرضِ

وهذا من عاجل بشرى أهل الإيمان..

 

منك تعلمنا

أن ليس جزاءُ الإحسانِ سوى الإحسانْ

منك تعلمنـا أن الحق تعـالى

ما كان يضيّع أعمال بني الإنسان

منك تعلمنا أن جوازي الخيرِ قطوفٌ دانيةٌ

عند الناسِ وعنـد الديان

منك تعلمنا أن الطاعــة تُـنبت حـبًّا

تثمـــر ودًّا

عطرَ لســان

فتطلعْ.. فـتطلع في هذي السحناتِ

تجدْ في كلِّ عيونِ الصحبِ كلامًا لا كالكلمات

شيئًا يقرؤه الكاتب والأميّ

يدركه أهلُ العقلِ وأهلُ العي

مكتوبٌ.. نحن نحبكَ

نحن نحبكَ يا قرضاويّ

نحن نحبك يا هذا الشيخُ.. ونحن شهودُ اللهِ تعالى الآن

نحن نحبك يا قرضاويُّ

وهذا من عاجل بشرى أهل الإيمان

 

كم شيخٍ دار مع الدينارِ وشدّ الهمة بالدرهمْ

كم شيخٍ أعشته الأنوارُ

فألقى الرحلَ على الأعتابِ فما أخّر أو قدم

وابـتذل العلمَ الجهلاءُ

وأبدى الحلمَ السفهاءُ

ومدّ الهامَ الصغراءُ

وكنتَ الأعلمَ والأحلمْ

وأراك حكيمًا عَصْريًّا

وأراك فقيهًا وسطيًّا

وأراك بليغًا عربيًّا

فهنيـئًا هذا المـنُّ من الرحمن

نحن شهود الله تعالى في الأرض

وهذا من عاجل بشرى أهل الإيمان

 

إن قيل الشعرُ: فأنت بحقِّ اللهِ أبو عذرتِهِ

أو قيل الفقهُ:

فأنت بمـنّ الله (النعمانُ) وأنت مناط (هدايته)

أو قيل السنةُ:

قلت المدْنَـفُ بالهادي وبسنته

أو قيل العصرُ:

فأنت لبابُ لبابِ خلاصته

أو قيل المنبرُ:

قلت كفاني قبسٌ من وقدتِهِ

أو قيل الرفق: لأقسمت لأنت الأرفقُ في دعوته

يا شيخًا علمنا كيف نُعفّ القولَ

نكفّ النفسَ

نُكافي بالشكرانْ

نحن شهود الله تعالى في الأرضِ

وهذا عاجل بشرى أهل الإيمان

 

هزَّ إليك جذوع العلمِ تُساقِطْ فوقَ الدنيا رطبَ الخير جَنِيَّا

ضُـمَّ إليك كتاب الله

وأعطِ الدنيا نهجًا وسطيًّا

امزج للكونِ طيوبَ الفقهِ

سُلافًا: بنائيًّا..  غزّاليًّا.. وهابيًّا.. حرانيّا

أخبر من عجزوا أن الخير بأمة أحمدَ ما فتئ جَمُوحًا وفَتِيّا

يا هذا الشيخ تذوق حبَّ عباد اللهِ

مريئًا وهنيّا

نحن شهود الله تعالى في الأرضِ

وهذا عاجلُ بشرى أهلِ الإيمانْ

هذا عاجل بشرى أهل الإيمانْ

 

  

 

أواسط الثمانينيات؛ حين كانت لحيتي سوداااااء