شيخ القراء في الديار اللبنانية العلامة البصير حسن دمشقية رحمه الله

(1337-1412هـ)=(1918-1992م)

اسمه ومولده:

هو شيخ القراء في الديار اللبنانية، العلامة حسن بن حسن بن عبد المجيد بن مصطفى بن عبد الرزاق بن الشيخ أحمد دمشقية البيروتي.

ولد في مدينة بيروت عام (1337هـ / 1918م)، من أسرة بيروتية عريقة.

نشأته وحياته العلمية:

لما كان طفلاً لم يتجاوز الثانية من عمره أصيب بعلّة أضرّت ببصره، فحزن عليه أهله أشد الحزن، لكن الله عوَّضه منهما البصيرة النيِّرة والذاكرة القوية. فأكب على كتاب الله تعالى حفظاً واستظهاراً، حتى أتم حفظه وهو في مراحل الطفولة الأولى، وظهرت عليه ملامح النجابة والذكاء.

وهيّأ الله له موجهين صالحين، فنصحوه بالرحلة إلى الشام لطلب القرآن الكريم على مشايخ دمشق، فرحل.

خلال رحلته العلمية حفظ الكثير من المتون والكتب العلمية؛ فحفظ (الشاطبية) و(الدرة) و(طيبةالنشر)، فكان بذلك جامعاً للقراءات العشر الصغرى والكبرى.

ثمّ رحل لحلب وحمص وحماة؛ فدرس على شيوخها، وأولع بالعربية؛ فحفظ (الآجرومية)، ونظم (العمريطي) في الفقه الشافعي، وألفية ابن مالك، ثم درس متون الفقه الشافعي على مشايخه وحفظ (منهاج) النووي، كما حُبِّب إليه علم الحديث الشريف؛ فحفظ (البيقونية)، وألفية السيوطي، وألفية العراقي، وذُكر أنه كان يحفظ ستين كتاباً من كتب العلم المتنوعة، وأنه لم يدع علماً من العلوم النافعة إلا وحفظ فيه متناً أو أكثر، وقرأ شروحه على الشيوخ.

وكان يداوم على مراجعتها باستمرار، ويضع لمراجعتها برنامجاً، وكان يحب أن يقرأها على الطلبة لِمَا في ذلك من الاشتغال بها ونشرها ودوام استحضارها.

ولما عاد إلى بيروت بعد رحلته الطويلةعُيِّن مُدَرِّساً في الكلية الشرعية (الأزهر) لمدة طويلة؛ تنوف على العشرين عاماً، وتخرَّج على يديه المشايخ والمفتون والقضاة. 

كما عمل الشيخ أيضاً مُدَرِّساً للقرآن وعلومه في جمعية المقاصد الخيرية ببيروت.

ثمّ اعتزل التدريس ولزم منزله،فصار يقصده العلماء والطلاب للاستفادة من علومه.

وكان شديداً في الحقّ، لا يخاف في الله لومة لائم، آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر، ملتزماً دائماً بأوراد السنة والأذكار، وكان مجلسه عظيم الفائدة، لا يغشاه إلاّ العلماء والصلحاء.

وكان مُحِبّاً للكتب، متابعاً لما يصدر منها، حريصاً على اقتنائها. وقد حوت مكتبته ذخائر كتب مع المعرفة التامة بمضامينها، وقراءة كثير منها. وكان يحفظ أماكن المسائل فيها بحفظ المجلد والجزء والصفحة والسطر، ويستحضر كل ذلك عند الحاجة، بشكل يعجز عنه الوصف، ويثير العجب.

وكان قد افتتح داره الرحبة في وجه طلاب العلم، وخصص في منزله غرفة للإقراء سمّاها (الزاوية)، فيها مكتبة صغيرة لأهم المراجع التي لا يستغني عنها الشيخ في البحث، ويخصص لكل طالب درساً مقرراً في الأسبوع يحفظ خلاله المقرر، ويُسَمِّعه على الشيخ، ثم يستمع الطالب لشرحه.

وكان مرجعاً للمفتين والعلماء؛ يستفتونه في الملمات وعند الخلاف؛ فيجيبهم بذهن حاضر، ويستحضر الفتاوى بسرعة عجيبة من ذاكرته، ويطلب من المستفتي التأكد من صحة الفتاوى في المصادر، ويذكر له الجزء والصفحة والسطر.

وكانت مجالسه تفيض بفيض من الرحمة والسكينة، وكان يقول لجلسائه: هل تشعرون معي؟! فيسألونه: وماذا تشعر يا فضيلة الشيخ؟! فيقول: أشعر كأنني في الجنة، وأنني أجالس الحفاظ الكبار: العراقي وابن حجر والنووي وابن الصّلاح، ويدعو الله أن يجمعهم جميعاً بهم في الآخرة كما نفعه بعلومهم في الدنيا.

شيوخه الذين أخذ عنهم القراءات:

1- الشيخ عبد الحميد بن حسن العيتاني: أخذ عنه رواية حفص عن عاصم من (الشاطبية).

2- الشيخ محمد سليم الحلواني: أخذ عنه القراءات العشر الصغرى من (الشاطبية) و(الدرة).

3- الشيخ عبد القادر قويدر العربيلي: أخذ عنه القراءات العشر الكبرى من طريق (طيبة النشر). وكان الشيخ دمشقية قد بدأ على شيخه العربيلي القراءة في 23 صفر 1359هـ، وأتمَّ عليه العشر في 4 شوّال 1359هـ، في قرية (عربيل).

تلاميذه:

أمّا تلاميذ الشيخ فهم كثير نذكر منهم:

1- الشيخ محمد بن عبدالنبي الرّهاوي المصري: أخذ عنه القراءات العشر الكبرى والصغرى.

2- الشيخ عبد السلام سالم: أخذ عنه العشر الصغرى.

3- الشيخ محمد المناصفي: أخذ عنهالعشر الصغرى.

4- الشيخ رشيد الحجار: أخذ عنه القراءات السبع من (الشاطبية) .

5- الشيخ سعد رمضان: أخذ عنه رواية ورش من (الشاطبية).

6- الشيخ الحاج محي الدين استامبولي: أخذ عنه الدوري عن أبي عمرو البصري من (الشاطبية).

7- الشيخ يوسف بن عبد الرحمن المرعشلي: أحذ عنه رواية حفص عن عاصم من (الشاطبية).

8- الشيخ حسين عسيران الصيداوي: أخذ عنه رواية ورش من طريق (الشاطبية).

9-الشيخ رمزي سعد الدين دمشقية: أخذ عنه رواية حفص من طريق (الشاطبية).

مؤلفاته:

أما مؤلفات الشيخ فمنها:

1- هداية المبتدئين إلى تجويد الكتاب المبين (ط).

2- الحفاظ من الصحابة والتابعين وأئمة القراءات العشر.

3- تقريب المنال بشرح تحفة الأطفال.

وفاته:

أمّاوفاته فكانت لوعكة صحية أصابته في آخر عمره؛ أوقفته عن التدريس، وألزمته الفراش قرابة عام كامل، وتوفي عن عمر فاق السبعين عاماً، وكان ذلك في عام 1412هـ- 1992م.

مصادر الترجمة:

1- تتمة الأعلام للزركلي، محمد خير رمضان يوسف، (1/128-129)، ط1، دار ابن حزم، 1418هـ- 1998م.

2- تاريخ علماء دمشق في القرن الرابع عشر هجري، محمد مطيع الحافظ ونزار أباضة، (3/293)، ط1، دار الفكر- دمشق، 1412هـ- 1991م.

3- دور القرآن الكريم في دمشق. منشور في مجلة الفرقان / العدد (53).