شهر رمضان في الصين - مشاهدات رمضانية

شهر رمضان في الصين

مشاهدات وذكريات : محمد عبد الله التليدي

أخي الأستاذ : مجد مكي . حفظه الله .

شاء الله - تعالى - أن أصوم بعضا من رمضان هذا العام في الصين .
ولي بالصين وشائج وصلات قديمة متجددة . حيث هي مركز أعمالي وتجارتي .
وفي جميع أسفاري ، أدون المشاهدات ، واكتب طرائف ما أرى وأسمع ...
وقديما ، حث الأولون على الأسفار وفوائدها .
فالسفر رؤية شاملة للحياة والناس ، ورصد لمسار التاريخ واختلاف الحضارات .
صليت الجمعة في المسجد الكبير بمدينة (جوانكزو) وأنصت إلى درس مسجل  باللغة الصينية ، قبل الخطبة ،
عرفت من خلال آياته ، أنه يتحدث عن عظمة الإسلام .
والدروس المسجلة سوف تتكرر معي ، قبل صلوات العشاء ، أيضا .
وأشفقت على الخطيب ، وهو يقرا الخطبة العربية ، بعناء بالغ !
وأسفت على الدعوة الإسلامية ، كيف لم تكسب الرهان ، هنا  ...
والمنطقة مركز اقتصادي وتجاري رائد ، والمسلمون كثر متوافرون !
وما أكثر المواقع التي تضيع فيها جهود الدعوة والدعاة هباء ...
والمسلمون في أنحاء كثيرة من الدنيا ، يشكون الفقر المعرفي والفقهي .
ولفتتني كلمات تعلو بوابة المسجد ، تدعو إلى الاعتبار بباني المسجد ( الصحابي وقاص ) ، وتشيد
بالهمم العالية للفاتحين الأولين ، الذين طوفوا الدنيا ، لنشر الرحمة والعدالة والإيمان .
وأيضا ..تدعو الكلمات إلى تعمير المسجد ، ظاهرا بالعمارة الجميلة الحسنة ، وباطنا بالجماعات والجمع .
كما أثارني مشهد الشرطة الصينية ، تكاد تحاصر المصلين ، بعد الصلاة . وتواردت في ذهني أحداث
تركستان الشرقية المحتلة ، واضطهاد مسلمي الايغور !
وأنا بالصين ، قرأت عن اختفاء أكثر من عشرة آلاف مسلم أيغوري ، في تلكم الأحداث ، التي هي
عنوان رهيب لاضطهاد الاقليات ، والقمع الشرس للمعارضة ، رغم الإصلاحات والانفتاحات المزعومة!
وحضرت موائد الإفطار الجماعي الخيري ، وسرني تراحم المسلمين هناك .
ورأيت البشر والفرحة في وجوههم .
وتلك عظمة الإسلام !
وصليت التراويح ، وهم يصلونها ثلاثا وعشرين ركعة ، مع الوتر . يقرا القارئ من سورة الفيل ،
حتى الناس ، سورة في كل ركعة . ويعيدها ثانية .
وعجبت لإمام لا يحفظ جزء ( سبح ) كاملا ، يقرا به في رمضان !
فأين قراء المسلمين ؟
ورأيت ...ورأيت الكثير ، مما ينبغي أن يكون موضع الدرس والاعتبار .
وفي مطار ( شارل ديغول ) بباريس ، رأيت العجب !
وعلمت مواطن القوة والضعف ، عندنا وعند خصومنا .
رأيت يهوديين ، يرتديان الزي الديني ، يؤديان طقوسهما الدينية .
والناس قد اخذوا أماكنهم في الطائرة ، وموظفات المطار في انتظار صامت ، لليهوديين ....
والوقت قبل الإشراق ...والمكان مطار باريس !
وانتهى اليهوديان من طقوسهما ، وخلعا عنهما ثياب التعبد والتدين ، وامتطيا الطائرة !
وفي الصين أفطرت في كبريات المطاعم العربية ، ولم أر أحدا من أثرياء العرب والمسلمون ، يقوم لصلاة المغرب . فما أزهدنا في حقنا ! وما أحرصهم على باطلهم ! وعرفت أسباب النصر والهزيمة . وتأملت مواطن القوة والضعف .
وتلكم قصة أخرى .. قصة الهزائم المذلة ، التي تلاحقنا دوما ! والأسباب معروفة .
أسالوا عن الصهاينة اليهود ، كيف لا تفارقهم التوراة ! الصراع ديني . إنهم يستقوون علينا بدينهم الباطل ، حين هجرنا الدين الحق .
( إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم ) .

أخوكم : محمد بن عبد الله التليدي


جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين