شموس هداية وإصلاح

أيها الإخوة الحجيج الذين أكرمهم الله تعالى بالحج، وطفقوا إلى بلدانهم يؤوبون!..

 هذه كلمات لكم فاسمعوها، بارك الله فيكم، وتقبل طاعاتكم، وسدد خطاكم، أنتم أيها الإخوة المؤمنون أيّاً كانت أرضكم وبلادكم، ولغتكم ولونكم، وجنسكم وقبيلكم، مجتمعُ النشاطِ الفاضل في هذا العالم، وموئلُ الهدايةِ والخصب، والجودِ الثري، والخيرِ والعطاء والتضحيةِ والإيثار، في الأمة المسلمة الخالدة التي تتحفزُ اليوم للوثوب والقيام، وتستعدُّ للانتفاضِ واليقظة.

أنتم دليلُ الحياة الصاعدة فيها، والعزيمةِ المتدفقة في أعماقها، والمؤشّرِ الذي قلما يخطئ على سلامة وجهتها، ونقاءِ وجدانها، وأصالةِ معدنها، وقوةِ بنيانها، وشموخِ أهدافها ونصاعة غاياتها، ونظافةِ وسائلها لبلوغ ما تريد، وشرفِ أساليبها للحصول على ما تؤمّل ما بقيتم على ولائكم لإسلامكم، وحسنِ وعيكم لحقائقه، وصادقِ عزمكم للوفاء بمسؤولياتِ الانتماء إليه.

أنتم إشراقةُ الصباحِ الوضيئة، وبسمةُ الزهر الطيبة، وإطلالةُ القمرِ الساجية، وزهرةُ الحدائقِ اليانعة، والأريجُ الحلوُ العاطر، والبستانُ المخضوضرُ الناضر، والألقُ السَنيُّ الطاهر، والكلمةُ الصادقةُ الحنون، والجوهرُ النفيسُ المكنون، والغيثُ السكوبُ الهتون، والسنا البهيجُ الودود، والهديُ الكريمُ المحمود، ما بقيتم على ولائكم للإسلام، وحسنِ وعيكم لحقائقه، وصادقِ عزمكم للوفاء بمسؤولياتِ الانتماء إليه.

أنتم الربيعُ يأتي بعدَ الشتاءِ العاصف القاسي، والخصبُ يوافي بعد الجديب الممحل من الأيام، والدفءُ يطل بعد الصقيع، والنهارُ يطلع بعد الليل، والشمسُ تسطع بعد الزمهرير، والنماءُ يتدفق بعد الجفاف، والخضرةُ تَفِدُ بعد اليبوسة، والسحابُ يسقي الأرض العطشى، والمزنُ يسقي الحقول التي صوَّحَت، والفراتُ يتدفق في البساتين التي جفّت، ما بقيتم على ولائكم لإسلامكم، وحسنِ وعيكم لحقائقه، وصادقِ عزمكم للوفاء بمسؤولياتِ الانتماء إليه.

أنتم شموسُ الهدايةِ والإصلاح، ومصابيحُ الإرشادِ والإيمان، ومشاعل النور والخير، وكواكبُ الحق يسطعُ ويتلألأ، وأقمارُ الصدقِ والشرف والفضيلة، والمنارةُ التي تَهْدي الحائرين، والواحةُ التي تحنو على المتعَبين، والشاطئُ الأمين يستقبلُ التائهين، الخابطين في لججِ الأهواء والشهوات، التابعين لكل ناعقٍ ومزوّرٍ ودعيّ.

 أنتم اللواء الكريم الشريف الذي يمنح عطاياه الخيّرة، وبركاته السابغة لكل مّنْ يأوي إلى مظلته، ويَفِيءُ إلى رحابه، ويلوذُ بأكنافه، ما بقيتم على ولائكم لإسلامكم، وحسن وعيكم لحقائقه وصادق عزمكم للوفاء بمسؤولياتِ الانتماء إليه.

أنتم الأملُ الجيّاشُ الدافق، والعهدُ الوثيق الصادق، والرجاءُ الحار الحبيب، والأمنيةُ الغالية الأثيرة، وبارقةُ النورِ حيث تدلَهِمُّ الظلمات، وومضة الهداية حيث تفشو الضلالات، وإشراقةُ العزةِ حيث تَكْثُرُ الكُلوم والجِراحات، وأنتم انتفاضةُ القوةِ حيث يشتد بطش الأعداء، والحصنُ القويُّ حين يَعْظُمُ بغيُهم وغدرُهم، وبسمةُ العزاءِ حين يكونُ المصابُ موجِعاً محزناً، شديدَ الضراوةِ والعنفِ والإيذاء، أنتم كذلك ما بقيتم على ولائكم لإسلامكم، وحسنِ وعيكم لحقائقه، وصادقِ عزمكم للوفاء بمسؤولياتِ الانتماء إليه.

أنتم اليدُ الحانية تشدُّ على أذرعِ المنكوبين والمستضعفين، والكلمةُ المواسية لمن أوجعهم البغي والعدوان، والفجرُ الوردي البهيج لمن ثقُلتْ عليهم ليالي الجاهلية، وتطلّعوا إلى يومِ الخلاص والنجاة من شرورِها المستفحلة، وآثارِها التي تفتكُ بالإنسان حيثُ بسطت نفوذَها الضالَّ المبطل.

 أنتم كلمةُ الصدقِ تُقال في كل مكان، ودعوةُ النور يُهْتَفُ بها كلَّ آن، وقولةُ الحق يُصْدَعُ بها أمامَ الجبابرةِ والطغاة، وسَدَنَةِ الضلالِ والفساد الذين يعاندون الهدى ويحاربونه، بُعْداً عن دينِ الله، ونأياً عن منهجه القويم، وبطشاً بالإيمان وأهله، وعلوّاً في الأرضِ بغير الحق، وحكماً بغيرِ ما أنزل الله.

 أنتم كذلك -أيها الإخوة الحجيج- ما بقيتم على ولائِكم لإسلامكم، وحسنِ وعيكم لحقائقه، وصادقِ عزمكم للوفاء بمسؤولياتِ الانتماء إليه.

أيها الإخوة الحجيج!.. باركَ الله عليكم ورعاكم، وقَبِلَ سعيكم وجزاكم خيرَ الجزاء، وجعلَ حجَّكم مبروراً، وذنبكم مغفوراً، وسعيكم مشكوراً.

 إنه لم يكنْ عصرٌ من العصور أحوجَ إلى الهدايةِ من عصرنا هذا، الذي عبثت به الضلالات عَبَثاً شديداً، وأوردته مواردَ التهلكةِ والدمار، ولن يستطيعَ هدايتَه أحدٌ سوى أمةِ الإسلام، فكونوا في هذه الأمة طلائعَ زحفِها الميمونِ في مسيرةِ الهدايةِ والنورِ والإرشاد، وروّادَ طريقِها الصعب من أجل هذا الأملِ الكبير.

*****

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين